وفي سنن أبي داود وغيره عن أوس بن أوس الثقفي أن النبي ﷺ قال: «أَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فِإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ؟ - أَيْ بَلِيتَ - فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ لُحُومَ الْأَنْبِياءِ» .
وفي النسائي وابن حبان وغيرهما عن ابن مسعود عن النبي ﷺ أنه قال: «إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ سَيَّاحِينَ يُبَلِّغُونِي عَنْ أُمَّتِي السَّلَامَ» .
فقد أخبر أن الصلاة والسلام عليه يصل إليه من البعيد والقريب بقوله ﷺ: «صَلُّوا عَلَيَّ حَيْثُمَا كُنْتُمْ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي» وقوله: «لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا»، وكذلك السلام يصل إليه من القريب والبعيد بقوله: «إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ /١١/ يُبَلِّغُونِي عَنْ أُمَّتِي السَّلَامَ» فكل مسلم قال في صلاته: السلام عليك أيها النبي ورحمة [الله] (١) وبركاته؛ وصل ذلك إليه.
وكان أصحابه والتابعون لهم بإحسان يعلمون أن هذا السلام أفضل من السلام عليه عند قبره الذي يرد جوابه، فإن سلام التحية شرك فيه جميع المؤمنين (٢)، كما في الحديث: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ الرَّجُلِ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي
_________
(١) إستدراك من المحقق، وليس في الأصل.
(٢) غيرت في المطبوع إلى: (المسلمين) .
1 / 39