أما لقمان، وهو الحكيم، فلم يسأم ولم يضج، بل تمنى لو أن نسره الدهري يخلد، كما خلد النبي إلياس، فالحياة لا تمل. ولكن لبد، له نفس، فلفظها وأراح لقمان أخيرا، من تكاليف الحياة، ولن يسأمها كما سئمها زهير ...
وقبل أن ندع لبد أحب أن أقول لك، يا عزيزي بديع صابر: إن لقمان هو واحد أربعة من المشاهير، الذين قال فيهم شاعرنا العربي:
فصاحة سحبان، وعفة يوسف
وحكمة لقمان، وزهد ابن مريم
إذا اجتمعت بالمرء والمرء مفلس
ونادوا عليه لا يباع بدرهم
فهل تلوم الناس بعد على جمع المال وتتغضب عليهم؛ لأن شعارهم: تعال يا حرام، ورح يا حلال!
قد تقول: وما علاقة نسر لقمان بموضوعي الذي كتبت لك عنه؟! فاسمع قليلا تعلم أن بينها كل العلاقة، ولكني أنا فيما كتبت ألبد من لبد، وإنني أتضرع إليك وأسألك أن تسايرني هذه المرة، فأنت الذي جئت بالدب إلى كرمك ...
إن نسر لقمان مات بعد أطول الأعمار، أما الطائفية فإنها على وشك ... وإذا لم نحضر، أنا وأنت، دفنها، فأحفادنا سيقومون بهذا الواجب ويكسبون الأجر العظيم الذي لا يفوتنا بعضه.
لقد أجملت لك وهاك التفصيل. إن الطائفيين، وخصوصا الذين يعيشون عليها، يتمنون للعهد حياة أبدية؛ لأن حياة لبد هي الإكسير الذي يطول عمر عزتهم وجبروتهم. وإلا فأي طريق يسلكون حتى يحتلوا قصور العزة والمجد والكرامة. إن الطائفية هي الأوتستراد الذي شققناه نحن قبل أن تفكر به الدول العظمى. من تراه يسأل عن أصحابنا بعد موت لبد؟ وباسم من يتكلمون؟ وأين يجدون الأيدي المكسورة حتى يشحذوا عليها!
অজানা পৃষ্ঠা