تحريم كتابة القرآن الكريم بحروف غير عربية أعجمية أو لاتينية
تحريم كتابة القرآن الكريم بحروف غير عربية أعجمية أو لاتينية
প্রকাশক
وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
সংস্করণের সংখ্যা
الأولى
প্রকাশনার বছর
١٤١٦هـ
প্রকাশনার স্থান
المملكة العربية السعودية
জনগুলি
[مقدمة الناشر]
تحريم
كتابة القرآن الكريم
بحروف غير عربية
أعجمية أو لاتينية
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الناشر إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا آله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أما بعد:
فإن الجهل بكتاب الله في كثير من بلاد المسلمين قد أوقع بعضًا منهم بأمور خطيرة ومصيبة عظيمة إما عن حسن نية وجهل، وإما عن معرفة وعلم وقصد سيئ وأعداء الإسلام كثيرون من بلاد الإسلام وخارجها وصدق الله القائل ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [يوسف: ١٠٣] والقائل ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾ [آل عمران: ١١٨] ولا شك أن من أعظم ما تغزى به الأمم هو غزوها في أعظم مقوماتها، والأمة المسلمة أعظم ما تمنى به هو محاولة
1 / 3
العبث بكتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، وإن أعداء الإسلام منذ القدم وهم يحاولون زعزعة المسلمين عن كتابهم العظيم الذي فيه عزتهم ورشدهم وصوابهم، والذى إن تمسكوا به لن يضلوا أبدًا فهم دائمًا وأبدًا يحاولون تحريفه بالزيادة فيه أو النقص منه أو بتغيير بعض الكلمات والعبارات؛ لتحقيق ما يهدفون إليه من نزع الثقة منه ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، والأخطر من كل ذلك والأدهى والأمرُّ أن يحاولوا في هذه المرة انتزاع القرآن من عربيته فيكتب بحروف أعجمية أو لاتينية بحجة تقريبه وفهمه لأبناء المسلمين قاطبة عربهم وعجمهم وهذا بلا شك من أعظم الوسائل لطمس القرآن وتمزيقه وهو بهذا يكون عرضة للتغيير والتبديل والتحريف حيث إن اللغات الأعجمية متعددة وحروفها كذلك فيترتب على ذلك الفعل
1 / 4
الذميم أن كل شعب من شعوب الأرض له قرآنه الذي كتب بحروف ذلك الشعب وهكذا حتى تتعدد المصاحف بتعدد لغات الشعوب وبهذا يضيع كتاب الله وتتلاشى فائدته وعموميته وإعجازه، ولا غرو أن يصدر هذا العمل من عدو للقرآن وكاره للغة العربية حريص على زوالها واستبدالها بغيرها من اللغات اللاتينية والأعجمية. .
والقرآن عربي بإجماع المسلمين قال تعالى: ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ﴾ [فصلت: ٤٤] إن هذا العمل حقيقته تجريد القرآن عن معجزته الخالدة التي تكمن في فصاحته وبلاغته وجودة أساليبه وعباراته؛ لأن ذلك لن يكون إلا باللغة التي نزل بها والقرآن نزل بلسان عربي مبين. .
إن كتابة القرآن بغير الحروف العربية ضلال وانحراف وتعطيل، وصدٌ عن سبيل الله وإهدار
1 / 5
لكرامة القرآن، وتضييع لأوامره ونواهيه وأحكامه، ولا يصدر ذلك إلا من جاهل أو مارق محاد لله ورسوله. .
وجزى الله مؤلف هذا الكتاب أخانا في الله (صالح على العود) خيرًا فقد تضمن كتابه هذا مع صغر حجمه الذود عن كتاب الله بما أثبته من إجابات وفتاوى متعددة عن عدد كبير من العلماء الموثوقين المعاصرين ومن علماء الأمة السابقين والتي تفيد أن كتابة القرآن بحروف غير عربية ضلال وإلحاد ومحادة لله ورسوله. .
وقد عزمت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد على طباعة هذا الكتاب ونشره بين المسلمين على نفقتها تعميمًا للفائدة ودفاعًا عن كتاب الله رجاء لما عند الله من المثوبة والأجر، وتوضيحًا للحكم الشرعي في هذا الموضوع المهم. .
والله نسأل أن يصلح أحوال المسلمين ويوحد
1 / 6
صفوفهم وكلمتهم على الحق والهدى، وأن يجعل كيد الأعداء في نحورهم إنه ولى ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
د عبد الله بن أحمد الزيد
وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
المساعد لشؤون المطبوعات والنشر
1 / 7
[تقريظ الأستاذ محمد أبياط]
بسم الله الرحمن الرحيم
تقريظ الأستاذ محمد أبياط فضيلة الشيخ أبي سهل: صالح علي العَوْد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد أهنئكم على اليقظة التي حباكم الله بها في تتبع وملاحقة ما تفرزه أقلام الأعداء، وتبديه أفئدتهم الماكرة، مما يخفى عن البعيد، وقد يخفى عن الحاضر اللاهي الساهي.
إن كتابة " القرآن الكريم " بحرف غير عربي وعلى هيئة مبتدعة مخالفة للرسم العثماني، تعد مؤامرة لا يقل خبثها عن خبث التمريض والتجهيل والتجويع والتقتيل، لأن سهامها موجهة أصلًا إلى قطع الحبل الذي يصل البشرية بربها، لتبقى مضطربة بين أمواج الجهل والظلم والاستبداد! .
ولا أشكركم - سيدي - على الجهود التي تبذلونها في مواجهة الحملة الخطيرة، لكن أرجو الله أن يتقبل منكم، ويعينكم بصالح المؤمنين، ويجعلكم
1 / 8
أشواكًا في حلوق الكائدين. .
لقد قرأت كتابكم العدد (١١) من سلسلة التربية الإسلامية، الذي سلمه إلي أخونا وصديقنا الحميم الأستاذ أبو بكر صابر الغيور. . .
قرأته بشوق ولهفة، وتتبعت حجج الشيوخ والعلماء، التي اعتمدوها في إصدار حكمهم بمنع وتحريم تغيير هيئة الرسم العثماني، فوجدتها تؤول - في مجموعها - إلى أمرين خطيرين تنتج عنهما آثار ناسفة لمقومات الأُمة الإسلامية كلها، وهما:
١ - محاربة اللغة العربية. .
٢ - تغيير الرسم الاصطلاحي للمصحف العثماني. .
ومحاربة اللغة العربية هي محاربة لجميع علومها، واحتقار وازدراء لأهلها، وأفكارهم واجتهاداتهم. .
وقد أجمع العلماء - قديمًا وحديثَاَ - على وجوب تعلم العربية، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. ولم يكن الرب - سبحانه - عاجزًا عن إنزال
1 / 9
القرآن بلغة غير العربية، ومن هنا ينبعث الحسد والحقد في صدور الأعداء! ومن هنا - أيضًا - نعتقد أنَّ كلَّ من حارب اللغة العربية فإنما يحارب اللغة التي اختارها الله، ومن ثمَّ فهو يتهم الله في اختياره! وبالتالي فهو كافر، لأنَّه لا يقدِّس الله ولا ينزِّهُه عن النقص، تعالى الله عن ذلك عُلوًّا كبيرًا. .
لكنَّ الكفَّار يدركون: أنه ما سادت لغة في أمة إلاَّ ساد فكرها، ومتى خضعت أمة لغزو لغة وفكرها إلاَّ كانت تابعة مأمورة، وذلك ما يخيفهم!
أمَّا محاولتهم لتغيير الرسم العثماني فيكفي لرده أنه سيفتح باب الذرائع للأفكار المغرضة. بالإضافة إلى عجز اللغة اللاتينية عن تحمل مضامين الحروف العربية وخصائصها. .
ولا عجب أن يقوم بنشر هذه الدعوة البغيضة: الأعداء والمنافقون. . . لكن العجب أن يحملها وينافح عنها مدعو الإسلام، والمسلمون، ويكلفون أنفسهم إيجاد البراهين المسوغة لها. .
1 / 10
وليسمح لي مؤيدو هذه الدعوة من المسلمين أن أقول لهم: إن كنتم مخلصين في نشر الإسلام وتيسيره على من أسلم أو نسي لغته، فاجتهدوا في تعليم اللغة العربية ونشرها بكل ما تطيقون، كما نشر الغرب فينا لغته وغزانا بفكره. . . فإنكم بذلك ستجذرون لعقيدة الإسلام. .
وأتوجه بتنبيه لكلِّ من أسلم صادقًا - ولا يعرف العربية - أن يكون حذرًا من قراءة ترجمة القرآن، وعليه أن يعرض ما فهمه منها على شيوخ الإسلام، الذين يتقنون فَهْمَ أسلوب القرآن، ليصححوا له المفاهيم، وينبِّهوه إلى المحاذير. .
وعلى أيِّ حال: فجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، والسلام. .
فاس / الاثنين (٧) جمادى الأولى (١٤١١) هـ (٢٦) نوفمبر (١٩٩٠) م.
محمد بن عبد الوهاب أبياط
أستاذ مساعد بكلية الشريعة بفاس (المغرب)
1 / 11
[مقدمة المؤلف]
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المؤلف الحمد لله الذي شرَّفَ أمّة الإسلام بالقرآن العظيم، ورفع مقامها بالآيات والذكر الحكيم، واصطفاها على العالمين بمزيد العزَّة والفضل والتكريم. .
وأشهد أن لا إله إلا الله مُنَزِّلِ الكتاب بلسان عربي مبين، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، الداعي إلى هذا الدين المكين، صلوات الله عليه وسلامه، وعلى إخوانه النبيين. .
ورضي الله عن إله وأصحابه والتابعين: جمعوا لنا هذا القرآن في الصدور والسطور جميعًا (١) ﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾ [البقرة: ٢٨٢] (٢) وها
_________
(١) الجمع في الصدور: بطريق الحفظ والاستظهار. والجمع في السطور: بطريق النسخ والكتابة.
(٢) سورة البقرة، آية: (٢٨٢) .
1 / 12
هو اليوم لدينا حفيظ أمين، متلو بالألسن، مدوَّن بالأقلام، فجزاهم الله عمَّا بذلوا من جهد في خدمة الإسلام والمسلمين. .
أمَّا بعد؛ فالقرآن الكريم، هو ذلك الكتاب الخالد الذي: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت: ٤٢] (١) نزل به جبريل الأمين باللسان العربيِّ، على قلب الرسول ﷺ ليكون من المنذرين. .
وإنَّ ربَّ العزة - جلَّ في علاه - أرشد نبيَّه إلى كيفية التلقي فقال له: ﴿لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ - إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ - فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٦ - ١٨] (٢) .
وكان جبريل المعلم ﵇ يدارسه القرآن، وفي رمضان كان يلقاه في كل ليلة، فلما كان العام الذي توفي فيه ﷺ عارضه به مرتين. .
_________
(١) سورة فصلت، آية: (٤٢) .
(٢) سورة القيامة، الآيات: (١٦ - ١٨) .
1 / 13
أما الصحابة ﵃ فقد سارعوا إلى تلقيه عن رسولهم ﷺ: كتابة وقراءة وحفظا، ثم تعليمه أزواجهم وأولادهم في البيوت، وكان يسمع لهم دوي كدوي النحل، حتى أنه ﷺ كان يمر على بعض دُور الأنصار فيقف عندها يستمع القرآن في غسق الدُّجَى. .
فعن رسول الله ﷺ أنه قال: «إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن، حين يدخلون بالليل، وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل، وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار» (١) .
ثم جد تعليم القرآن: حملا وتدوينا وتبليغا في أجيال التابعين، ومن بعدهم، حتى أن من يدخل في الإسلام كانوا يعلمونه القرآن وأحكام الدين قولا وعملا باللغة العربية، ولم يؤثر عنهم تعليم أو
_________
(١) رواه البخاري ومسلم (جامع الأصول: ٦ / ٢١٧) .
1 / 14
تبليغ أو تثقيف بغيرها، حتى صارت أوطان أعجمية إلى النطق بالعربية. .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر ولغة أهلهما: رومية، وأرض العراق وخراسان ولغة أهلهما: فارسية، وأهل المغرب ولغة أهلها: بربرية، عوَّدوا أهل هذه البلاد: العربية، حتى غلب على أهل هذه الأمصار: مسلمهم وكافرهم) . .
فإذا كان هذا هو المنهج الحق، وهو منهج الرسول ﷺ والصحابة والسلف الصالح ﵃ في تعلُّم وتعليم القرآن الكريم، فكيف نذهب إلى وجهة غدرا تتمثل في كتابته بحروف أعجمية ولاتينية؟ ومسخه من لغته العربية - أعظم خصائص القرآن على الإطلاق - بحجة تيسير القراءة لمن لا يعرف الحروف العربية؟ ! أو لمن يدخل
1 / 15
في الإسلام جديدا من غير العرب، فيكتبون له آيات أو بعض سور بحروف لغته: (فرنسية إذا كان فرنسيا، وإنجليزية إذا كان إنجليزيا، وصينية إذا كان صينيا، ويابانية إذا كان يابانيا، وتركية إذا كان تركيا، وإيطالية إذا كان إيطاليا إلى آخر قائمة لغات أهل الأرض قاطبة) .
والغريب أن المباشرين لهذا النوع من التحريف للقرآن الكريم بكتابته بالحروف اللاتينية أو بغيرها من الحروف الأعجمية: فرحون بما أَتوا، ويحسبون أنهم يحسنون صنعا! متمثلين قول الشاعر:
وإني وإن كنت الأخير زمانه ... لآت بما لم تستطعه الأوائل
إن عمل هؤلاء: ظاهره رحمة، وباطنه عذاب؛ بل نشهد أنهم يحُادُّون (١) الله ورسوله ﷺ
والله تعالى يقول: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا﴾ [التوبة: ٦٣]
_________
(١) المخالفة والمغاضبة والعصيان.
1 / 16
(١) .
كتب القرآن الكريم بين يدي رسول الله ﷺ بأمر منه وبرسم خاص ثم جاء الخليفة أبو بكر فعثمان ﵄ فاستنسخا ما كان على عهد الرسول ﷺ في المصاحف وأقرهما على الكتابة على تلك الصورة أكثر من (اثني عشر ألف صحابي) يومها وانتهى بعد ذلك إلى التابعين وتابعي التابعين فلم يخالف أحد منهم هذا الرسم القويم الجليل ولم ينقل عن أحد منهم أنه فكر في استبداله برسم آخر من الرسوم ولو بنفس الحروف التي كتب بها وهي " العربية " كطريقة الإملاء الحديثة اليوم (٢) .
وكان من بين صحابة النبي ﷺ عجم من
_________
(١) سورة التوبة آية: (٦٣) .
(٢) خذ مثلا كلمة (الصلوة) هكذا تكتب في المصحف أما طريقة الإملاء الحديثة اليوم التي نقرأ بها في الكتب وفي المدارس فإنها تكتب هكذا [الصلاة] وفي المصحف (السموات) والإملاء (السماوات) . . الخ.
1 / 17
الفرس والروم والحبشة وغيرهم من مختلف الألسن فهل فكروا في كتابة القرآن بألسنتهم ليسهل على أقوامهم قراءة القرآن؟ ! لا. . وألف لا! إنما كان التزامهم بما التزم به الرسول ﷺ من النهج الرباني في حفظ القرآن وتعليمه وتبليغه باللسان العربي المبين الذي رضيه الله أزلا، وأنزل به كتابه إلينا في دار الدنيا لنحافظ عليه ونعمل به، لا لنبدله أو نعارضه بحرف آخر غير الحرف العربي المقدس، ونشتري به ثمنا قليلا!
أما كتابة القرآن بحروف لاتينية أو بغيرها من الحروف الأعجمية، فإنه عمل بئيس، وكاتبه تعيس في الدنيا والآخرة (١)؛ إذ هو عمل يمارسه كل من يحمل الكراهية والضغينة للقرآن والعربية وأهلها والإسلام والمسلمين جميعا (٢) .
_________
(١) ومعه الطابع والناشر والبائع والمشتري.
(٢) فمثلا المتنبي صالح بن طريف من (برغواطه) في القرن الثاني للهجرة (الثامن الميلادي) كتب (قرآنه) باللغة البربرية.
1 / 18
أما النتائج فمعروفة: إبعاد الناس عن الرسم العربي، لتنقطع بعد ذلك صلتهم بالقرآن الكريم؛ فيصبح - لا قدر الله - أثرا بعد عين! وهذا ما حدث تماما للكتب السابقة.
صحيح أن الله تعالى أخبرنا بقوله ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩] (١) .
هذا الضمان الرباني والأمان الإلهي لا يعفي مسلمي اليوم شرقا وغربا الذب عنه، ورد عادية الطاعنين فيه، والمعتدين عليه، وتحريف المبطلين، وتأويل الجاهلين؛ ولولا ضعف الوارع الديني في نفوس مسلمي اليوم، وذهاب سلطان الدين من بين أيديهم، لما برزت إلى دنيانا محاولات ومحاولات لتحريف القرآن الكريم! ولما جعل كتاب الله حقلا لتجارب العابثين، يعبثون بآياته وسوره، يكتبونها
_________
(١) سورة الحجر، آية: (٩) .
1 / 19
بلغات وحروف غير التي ارتضاها الله وأنزل بها كتابه!
هذا النوع من التحريف، أشد ما يكون اليوم من ضراوة في التآمر على القرآن، والحيلولة دون أصله، المشرب الصافي لكل أجناس البشرية جمعاء بمختلف لغاتها.
هذا النوع من التحريف ألبسوه ثوبا لماعا أسموه: " تيسير قراءة القرآن لغير العرب " أو ما شاء لهم من أسماء ومسميات لم يأذن الله بها، وهو خدعة انطلت على البسطاء وبعض من قاصري الفكر والنظر من علماء اليوم (علماء آخر الزمان) !
فرفقا يا علماء آخر الزمان بالإسلام والمسلمين، فهم كالشاة في الليلة المطيرة، لا سلطان لهم ولا راعي، كفاهم ضياعا، وفرقة وتشرذما!
رفقا يا علماء آخر الزمان بكتاب الله، ولا تأذنوا للطامعين والذين في قلوبهم مرض أن يجعلوه حقلا
1 / 20
للتجارب، كلما عنَّت لأحدهم فكرة أو مشروع، وتذكروا ما قرأتموه في كتب " أصول الفقه " ولا زلتم تقرئونه للناس في الحلقات وعلى المنابر أن: " درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ".
ففي فرنسة صدر الجزء الأخير من القرآن " جزء عم " بأكمله بالحروف الفرنسية! وهناك طبعات أخرى في المكتبات تتفاوت كما وكيفا، وهناك من يفكر في إخراج " المصحف " كله بالفرنسية!
وفي أندونيسية - البلد المسلم - ظهرت فيه هو كذلك طبعة للقرآن الكريم كله بالحروف الأندونيسية! يتداولها الناس هناك في رضا! رفع تقريرا عنها مبعوث رئاسة إدارة البحوث العلمية إليها.
وبالإنجليزية صدر " قرآن " من هذا القبيل - أيضا - أطلعني عليه الدكتور عبد الحليم خلدون الكناني - شفاه الله وعافاه - مدير مكتب رابطة
1 / 21
العالم الإسلامي السابق في باريس.
وفي غينيا رجل مسلم له نشاط غريب في هذا الميدان، كان يقوم ولا يزال بكتابة القرآن بالحروف اللاتينية! بعد أن وجد هناك في إفريقية سوقا رائجة لما يكتب، ويقوم اليوم في باريس ناشر مسلم بطبع كتبه تلك وعرضها في الأسواق في رداءة طبع، وإخراج فني ممجوج!
وفي السبعينات قام رجل في مصر يدعى " لبيب الجمال " يهفو ويدعو إلى كتابة القرآن بحروف غير عربية! وتسمع " هيأة التمويل الدولية " بالمشروع فتتحمس له ولصاحب الفكرة وترصد له مليون دولار! (١) .
ومنذ شهور - وفي مصر أيضا - قام ناس لم تعرف مكانتهم، يسعون إلى بعث مشروع من هذا
_________
(١) مجلة " الاعتصام " القاهرية العدد ١٠٤ (١٣٩٦ هـ / ١٩٧٦ م.
1 / 22