Prayer of Repentance and Its Related Rulings in Islamic Jurisprudence
صلاة التوبة والأحكام المتعلقة بها في الفقه الإسلامي
প্রকাশক
الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
সংস্করণের সংখ্যা
السنة ٢٧-العددان ١٠٣ و١٠٤--١٤١٦/١٤١٧هـ/١٩٩٦
প্রকাশনার বছর
١٩٩٧م
জনগুলি
مُقَدّمَة
...
صَلَاة التَّوْبَة وَالْأَحْكَام الْمُتَعَلّقَة بهَا
فِي الْفِقْه الإسلامي
تأليف
الدكتور عبد الله بن عبد الْعَزِيز الجبرين
الْأُسْتَاذ المشارك بكلية المعلمين بالرياض
1 / 155
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
تمهيد
إِن الْحَمد لله نحمده، ونستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ، ونستهديه، ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا وَمن سيئات أَعمالنَا، من يهده الله فَلَا مضل لَهُ، وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ، وَأشْهد أَن لَا اله إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ ١.
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ ٢.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ ٣.
أما بعد:
فإنّ من رَحْمَة الله تَعَالَى بِهَذِهِ الْأمة أَن فتح لَهَا بَاب التَّوْبَة، فَلَا تَنْقَطِع حَتَّى تبلغ الرّوح الْحُلْقُوم أَو ينزل الْعَذَاب أَو تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا٤، وَلم يُوجب عَلَيْهَا ﷾ لقبُول هَذِه التَّوْبَة مَا أوجبه على بعض من سبقها من الْأُمَم، فقد كَانَ من الآصار الَّتِي حملت على من قبلنَا اشْتِرَاط قتل النَّفس فِي
_________
١ سُورَة آل عمرَان: ١٠٢.
٢سُورَة النِّسَاء: ١.
٣ سُورَة الْأَحْزَاب: (٧٠، ٧١) .
٤ سَيَأْتِي الْكَلَام على هَذِه الْمسَائِل بِشَيْء من التَّفْصِيل فِي المبحث الثَّانِي، وَسَيَأْتِي الْكَلَام على شُرُوط التَّوْبَة الْعَامَّة فِي المبحث الثَّالِث.
1 / 157
قبُول التَّوْبَة قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ ١.
وَمن رَحمته تَعَالَى بِهَذِهِ الْأمة كَذَلِك أَن شرع لَهُم عبَادَة من أفضل الْعِبَادَات، يتوسل بهَا العَبْد المذنب إِلَى ربه ٢، رَجَاء قبُول تَوْبَته، وَهِي "صَلَاة التَّوْبَة "٣ ٤.
ونظرًا إِلَى أَن هَذِه الْعِبَادَة الْعَظِيمَة وَالسّنة الثَّابِتَة قد هجرها أَكثر الْمُسلمين، حَتَّى كَادَت تندثر بَينهم، وَرُبمَا استعاضوا عَنْهَا بِأُمُور لم ترد فِي الشَّرْع، ونظرًا إِلَى أَن مسَائِل هَذِه الْمَوْضُوع لم تنتظم فِي رِسَالَة مُسْتَقلَّة، أَحْبَبْت أَن أجمع هَذِه الْمسَائِل فِي بحث مُسْتَقل.
وَقد اشْتَمَل هَذَا الْبَحْث على أَرْبَعَة مبَاحث، وخاتمة:
المبحث الأول: مَشْرُوعِيَّة صَلَاة التَّوْبَة وسببها:
وَفِيه مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَة الأولى: مشروعيتها.
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة: سَببهَا.
المبحث الثَّانِي: وَقت صَلَاة التَّوْبَة.
المبحث الثَّالِث: مَحل صَلَاة التَّوْبَة.
المبحث الرَّابِع: صفة صَلَاة التَّوْبَة.
أما الخاتمة فتشتمل على خُلَاصَة مَا انْتهى إِلَيْهِ هَذَا الْبَحْث.
وَصلى الله على نَبينَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ.
_________
١ سُورَة الْبَقَرَة: ٥٤. وَينظر تَفْسِير ابْن كثير ١/١٣٠-١٣٢، وأضواء الْبَيَان ١/٣٢٧.
٢ ينظر شرح الطَّيِّبِيّ لمشكاة المصابيح ٣/١٨٠.
٣ قَالَ الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن بن قَاسم فِي الإحكام ١/٣٢١ عِنْد شَرحه لحَدِيث أبي بكر الصّديق فِي صَلَاة التَّوْبَة، قَالَ: "وَفِيه اسْتِيفَاء وُجُوه الطَّاعَة فِي التَّوْبَة، لِأَنَّهُ نَدم، فَتطهر، ثمَّ صلى، تمّ اسْتغْفر، وَإِذا أَتَى بذلك على أكمل الْوُجُوه غفر الله لَهُ بوعده الصَّادِق". وَسَيَأْتِي تَخْرِيج حَدِيث أبي بكر ﵁ قَرِيبا.
1 / 158
المبحث الأول: مَشْرُوعِيَّة صَلَاة التَّوْبَة وسببها
الْمَسْأَلَة الأولى: مَشْرُوعِيَّة صَلَاة التَّوْبَة
...
المبحث الأول
مَشْرُوعِيَّة صَلَاة التَّوْبَة وسببها
وَفِيه مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَة الأولى: مَشْرُوعِيَّة صَلَاة التَّوْبَة:
أجمع أهل الْعلم على مَشْرُوعِيَّة صَلَاة التَّوْبَة١، لما ثَبت عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ ابْن أبي طَالب ﵁ قَالَ: "كنت إِذا سَمِعت من رَسُول الله ﷺ حَدِيثا نَفَعَنِي الله مِنْهُ بِمَا شَاءَ أَن يَنْفَعنِي، وَإِذا حَدثنِي أحد من الصَّحَابَة اسْتَحْلَفته فَإِذا حلف لي صدقته، قَالَ: وحَدثني أَبُو بكر وَصدق أَبُو بكر- ﵁ أَنه قَالَ: "سَمِعت رَسُول الله ﷺ يَقُول: " مَا من عبد يُذنب ذَنبا فيُحسِنُ الطّهُور ثمَّ يقوم فَيصَلي رَكْعَتَيْنِ ثمَّ يسْتَغْفر الله إِلَّا غفر الله لَهُ " ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة
_________
١ لم أَقف على من حكى إِجْمَاع الْعلمَاء على هَذِه الْمَسْأَلَة، لَكِن بعد الْبَحْث ومراجعة كتب أهل الْعلم لم أَقف على من قَالَ بِعَدَمِ مشروعيتها وَهَذِه بعض المصادر فِي هَذِه الْمَسْأَلَة:
١- عارضة الأحوذي (٢/١٩٦، ١٩٧) . ٢- الْمُغنِي (٢/٥٥٣) . ٣- مَجْمُوع فتاوىَ ابْن تَيْمِية (٢٣/٢١٥) . ٤- التَّرْغِيب والترهيب (١/٢١٤) . ٥- الْفُرُوع (١/٥٦٧) . ٦- الْمُبْدع (٢/٢٥، ٢٦) . ٧- إحْيَاء عُلُوم الدّين (٥/٤٩) . ٨- نِهَايَة الْمُحْتَاج (٢/١٤٢) . ٩- فتح الْبَارِي (١١/٩٨) . ١٠- تَفْسِير ابْن كثير (٢/١٠٤، ١٠٥) . ١١- مُغنِي الْمُحْتَاج (١/٢٢٥) . ١٢- كشاف القناع (١/٤٤٣) . ١٣- مُخْتَصر منهاج القاصدين (ص ٣٢٧) . ١٤- شرح الطَّيِّبِيّ لمشكاة المصابيح (٣/١٨٠) . ١٥- تحفة الْمُحْتَاج (٢/٢٦) . ١٦- دَلَائِل الْأَحْكَام (٢/٣٦٠) . ١٧- الرَّوْض الندي (ص ٩٥) . ١٨- غَايَة الْمُنْتَهى (١/١٧١) . ١٩- الإحكام شرح أصُول الْأَحْكَام (١/٣٢١) . ٢٠- الْإِقْنَاع للشربيني (١/١٠١) . ٢١- مرقاة المفاتيح (٢/١٨٧) . ٢٢- رد الْمُحْتَار على الدّرّ الْمُخْتَار (١/٤٦٢) . ٢٣- شرح السندي لسنن ابْن مَاجَه (١/٤٢٤) . ٢٤- بُلُوغ الْأَمَانِي (١٩/٢٣٩،٢٤٠) . ٢٥ - حَاشِيَة قليوبي (١/٦ ٢١) . ٢٦- شرح مُنْتَهى الإرادات (١/٢٣٦) . ٢٧- بذل المجهود (٧/٣٧٨) . ٢٨- عون المعبود (٥/٥٧٣، ٥٧٤) . ٢٩- حَاشِيَة الرَّوْض المربع للشَّيْخ عبد الرَّحْمَن بن قَاسم (٢/٢٣١) . ٣٠- حَاشِيَة الشرواني (٢/٢٣٨) . ٣١- الدُّرَر السّنيَّة فِي الْأَجْوِبَة النجدية ٤/٢٤٢.
وَينظر أيضًاَ كتب السّنة وَغَيرهَا الَّتِي رُوِيَ فِيهَا حَدِيث أبي بكر- رَضِي الله عه- فِي صَلَاة التَّوْبَة، وَسَيَأْتِي تَخْرِيج هَذَا الحَدِيث قَرِيبا.
1 / 159
﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ﴾ (آل عمرَان: من الْآيَة١٣٥) إِلَى آخر الْآيَة١.
وَلِهَذَا الحَدِيث شَوَاهِد مِنْهَا:
١- مَا رَوَاهُ يُوسُف بن عبد الله بن سَلام- ﵄ قَالَ: "أتيت أَبَا الدَّرْدَاء- ﵁ فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَقَالَ: يَا ابْن أخي، مَا عناك إِلَى هَذَا الْبَلَد، وَمَا أعملك إِلَيْهِ؟ قلت: مَا عناني وَمَا أعملني إِلَّا مَا كَانَ بَيْنك وَبَين أبي. فَقَالَ: أقعدوني. فَأخذت بِيَدِهِ فأقعدته، وَقَعَدت خلف ظَهره، وتساند إليّ، ثمَّ قَالَ: بئس سَاعَة الْكَذِب هَذِه. ثمَّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله ﷺ يَقُول: "من تَوَضَّأ فَأحْسن الْوضُوء، ثمَّ قَامَ فصلى رَكْعَتَيْنِ، أَو أَرْبعا يحسن فِيهَا
_________
١ رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده ١/١٥٣، ١٥٤، ١٧٤، ١٧٥، ١٧٨، رقم (٢، ٤٨، ٥٦) وفِي فَضَائِل الصَّحَابَة ٩/١٥٩، ٤١٣، رقم (١٤٢، ٦٤٢)، وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي الصَّلَاة فِيمَا يكفر بِهِ الذُّنُوب ٢ /٣٨٧، ٣٨٨، والْحميدِي فِي مُسْنده ١/٢،٤ رقم (١، ٤)، وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنده ص (٢، ٣)، وَأَبُو دَاوُد السجسْتانِي فِي سنَنه فِي كتاب الصَّلَاة بَاب فِي الاسْتِغْفَار ٢/٨٦، رقم (١٥٢١)، وَالتِّرْمِذِيّ فِي سنَنه فِي الصَّلَاة بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّلَاة عِنْد التَّوْبَة ٧/٢٥٧، رقم (٤٠٦)، وَفِي تَفْسِير الْقُرْآن ٥/٢٢٨، رقم (٣٠٠٦)، وَالنَّسَائِيّ فِي تَفْسِيره ١/٣٣٠، رقم (٩٨)، وَفِي سنَنه الْكُبْرَى، وَفِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة (كَمَا فِي تحفة الْأَشْرَاف ٥/٣٠٠، حَدِيث٦٦١٠)، وَابْن مَاجَه فِي إِقَامَة الصَّلَاة وَالسّنة فِيهَا بَاب مَا جَاءَ فِي أَن الصَّلَاة كَفَّارَة ١/٤٤٦، حَدِيث (١٢٩٥)، والمروزي فِي مُسْند أبي بكر ص (٤٢ - ٤٤)، رقم (٩ - ١١)، وَابْن أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره ٢/٥٥٣، حَدِيث (١٤٥٥)، والطبري فِي تَفْسِيره ٧/٢٢٠، ٢٢٢، حَدِيث (٧٨٥٣ - ٨٥٥)، وَأَبُو يعلي فِي مُسْنده ١/١١، ٢٣، ٢٤، رقم (١، ١٢، ١٣)، وَالْبَزَّار فِي مُسْنده ١/٦١- ٦٤، رقم (٩- ١١)، وَابْن حبَان فِي صَحِيحه (موارد الظمآن كتاب التَّوْبَة بَاب فِيمَن أذْنب ثمَّ صلى واستغفر ص ٦٠٨، رقم ٢٤٥٤)، (والإِحسان بَاب التَّوْبَة: ذكر مغْفرَة الله جلّ وَعلا للتائب المستغفر لذنبه إِذا عَقِب استغفاره صَلَاة ٢/١٠، رقم ٦٢٢)، وَالطَّبَرَانِيّ فِي كتاب الدُّعَاء بَاب فضل الاسْتِغْفَار فِي أدبار الصَّلَوَات ٣/١٦٢٣ –١٦٢٦، رقم (١٨٤١ – ١٨٤٤)، وَابْن السّني فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة بَاب مَا يَقُول إِذا أذْنب ذَنبا ص ١٠٩، رقم (٣٦١)، وَابْن عدي فِي الْكَامِل ١/٤٢٠، ٤٢١، والعقيلي فِي الضُّعَفَاء ١/١٠٦، وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّعْوَات الْكَبِير رقم ١٤٩، وَالْبَغوِيّ فِي تَفْسِيره ١/٣٥٣، وَفِي شرح السّنة بَاب الصَّلَاة عِنْد التَّوْبَة (٤/١٥١، ١٥٢)، رقم (١١٠٥)، وَأَبُو نعيم فِي أَخْبَار أَصْبَهَان ١/١٤٢
1 / 160
من طرق عَن عُثْمَان ابْن الْمُغيرَة الثَّقَفِيّ عَن عَليّ بن ربيعَة الْوَالِي عَن أَسمَاء ابْن الحكم الْفَزارِيّ عَن عَليّ- ﵁ فَذكره. وَإِسْنَاده حسن، رِجَاله ثِقَات رجال البُخَارِيّ، عدا أَسمَاء ابْن الحكم فقد وَثَّقَهُ الْعجلِيّ فِي تَارِيخ الثِّقَات ص ٦٣، وَابْن حبَان فِي ثقاته ٤/٥٩ وَقَالَ: "يُخطئ"، وَقَالَ الْحَافِظ فِي التَّقْرِيب: "صَدُوق"، وَقد أَطَالَ الْحَافِظ الْكَلَام حول هَذَا الحَدِيث فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب١/٢٦٧ فِي تَرْجَمَة أَسمَاء هَذَا، وَقَالَ: "وَهَذَا الحَدِيث جيد الْإِسْنَاد". وَحسنه فِي الْفَتْح ١١/٩٨، وَقَالَ ابْن عدي فِي تَرْجَمَة أَسمَاء أَيْضا بعده رِوَايَته لهَذَا الحَدِيث: "وَهَذَا الحَدِيث طَرِيقه حسن وَأَرْجُو أَن يكون صَحِيحا" وينظر التَّارِيخ الْكَبِير للْبُخَارِيّ ٢/٥٥٤. والعلل للدارقطني ١/١٧٦ – ١٨٠، وتهذيب الْكَمَال لوحة (٩٣) .
وَقد صحّح هدا الحَدِيث غير من ذكر النَّسَائِيّ كَمَا فِي فتح الْقَدِير للشوكانيِ ١/٣٨٢، والحافظ ابْن كثير فِي تَفْسِيره ١/١٠٤، وَابْن مُفْلِح فِي الْفُرُوع ١/٥٦٧، وَأحمد شَاكر فِي عُمْدَة التَّفْسِير ١/٤٢، والشيح مُحَمَّد نَاصِر الدّين فِي تَعْلِيقه على مشكاة المصابيح ١/٤١٦، وَشُعَيْب الأرنؤوط فِي تَعْلِيقه على مُسْند أبي بكر، وحسين سليم أَسد فِي تَعْلِيقه على مُسْند أبي يعلي، والدكتور مُحَمَّد سعيد البُخَارِيّ فِي تَعْلِيقه على كتاب الدُّعَاء للطبراني، والدكتور حكمت ياسين فِي تَعْلِيقه على تَفْسِير ابْن أبي حَاتِم.
وَقد روى هَذَا الحَدِيث الطَّبَرَانِيّ فِي الدُّعَاء ٣/١٦٤٥، ١٦٢٦، رقم (١٨٤٤) وابْن عدي فِي الْكَامِل ١/٤٢١، والخطيب الْبَغْدَادِيّ فِي موضح أَوْهَام الْجمع والتفريق ٢/٤٣٤ من طَرِيق مُعَاوِيَة بن أبي الْعَبَّاس عَن عَليّ بن ربيعَة بِهِ، وَإِسْنَاده ضَعِيف جدا، مُعَاوِيَة بن أبي الْعَبَّاس مُتَّهم بِسَرِقَة الحَدِيث. ينظر الموضح ٢/٤٢٣ – ٤٢٦.
وَرَوَاهُ أَيْضا الْحميدِي فِي مُسْنده ١/٤،٥ رقم (٥)، والطبري فِي تَفْسِيره ٧/٢٢٢، رقم (٧٨٥٥)، وَالطَّبَرَانِيّ فِي الدُّعَاء ٣/١٦٢٦، رقم (١٨٤٦)، وَابْن عدي فِي الْكَامِل ٣/١١٩٠ من طَرِيق عبد الله بن سعيد المَقْبُري عَن جده أبي سعيد عَن عَليّ بِهِ. وَإِسْنَاده ضَعِيف جدا، عبد الله بن سعيد المَقْبُري مَتْرُوك كَمَا فِي التَّقْرِيب.
وَقد ذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَل ١/١٧٦ –١٨٠ طرقًا أُخْرَى كَثِيرَة لهَذَا الحَدِيث، وَبَعضهَا عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي الدُّعَاء ٣/١٦٢٥، ١٦٢٦، رقم (١٨٤٣، ١٨٤٥، ١٨٤٧) ثمَّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ بعد ذكره لما فِيهِ من الِاخْتِلَاف وَمَا فِي بَعْضهَا من الضعْف الشَّديد، قَالَ: "وأحسنها إِسْنَادًا وأصحها مَا رَوَاهُ الثَّوْريّ ومسعر وَمن تابعها عَن عُثْمَان بن الْمُغيرَة". وَهِي الرِّوَايَة الأولى.
وَذكر الْمزي فِي تحفة الْأَشْرَاف ٥/٣٠٠، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال لوحة (٩٣) متابعات كَثِيرَة لرِوَايَة أَسمَاء بن الحكم، وَتعقبه الْحَافِظ فِي التَّهْذِيب ١/٢٦٨ بقوله: "والمتابعات الَّتِي ذكرهَا لَا تشد هَذَا الحَدِيث شَيْئا، لِأَنَّهَا ضَعِيفَة جدا ".
1 / 161
الرُّكُوع وَالسُّجُود، ثمَّ يسْتَغْفر الله، إِلَّا غفر الله لَهُ " ١.
٢- مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن الْحسن- ﵀ مُرْسلا قَالَ: قَالَ رَسُول الله ﷺ: "مَا أذْنب عبد ذَنبا ثمَّ تَوَضَّأ فَأحْسن الْوضُوء، ثمَّ خرج إِلَى برَاز من الأَرْض فصلى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، واستغفر الله من ذَلِك الذَّنب إِلَّا غفر الله لَهُ " ٢.
٣- مَا رَوَاهُ عبد الله بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه- ﵁ قَالَ: أصبح رَسُول الله يَوْمًا فَدَعَا بِلَالًا، فَقَالَ: "يابلال بِمَ سبقتني إِلَى الْجنَّة؟ إِنِّي دخلت البارحة الْجنَّة فَسمِعت خشخشتك أَمَامِي" فَقَالَ بِلَال: "يَا رَسُول الله مَا أذنبت قطّ إِلَّا صليت رَكْعَتَيْنِ، وَمَا أصابني حدث قطّ إِلَّا تَوَضَّأت عِنْدهَا. فَقَالَ رَسُول الله ﷺ: "بِهَذَا" ٣.
_________
١ رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده ٦/٤٥٠ وَاللَّفْظ لَهُ، وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط (كَمَا فِي مجمع الْبَحْرين ١/٤١٩،٤٢٠، حَيْثُ ٥٤٦)، وَفِي كتاب الدُّعَاء بَاب فضل الاسْتِغْفَار فِي أدبار الصَّلَوَات ٣/٢٦٢٦، ١٦٢٧، رقم (١٨٤٨) من طرق عَن صدقه بن أبي سهل ثَنَا كثير أَبُو الْفضل الطوفاوي حَدثنِي يُوسُف ابْن عبد الله بن سَلام فَذكره. وَذكر الإِمَام أَحْمد فِي رِوَايَته أَن لَفْظَة " أَو أَرْبعا ً" شكّ من أحد الروَاة، وَلَفظ الطَّبَرَانِيّ: "فصلى رَكْعَتَيْنِ أَو أَربع رَكْعَات مَكْتُوبَة أَو غير مَكْتُوبَة"، وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط- كَمَا فِي مجمع الْبَحْرين-: "لَا يرْوى عَن أبي الدَّرْدَاء إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد، تفرد بِهِ صَدَقَة". وَقد اخْتلف فِي صدقه هَذَا، فَقيل: هُوَ صَدَقَة أَبُو سهل الْهنائِي، وَقيل: هُوَ صدقه بن أبي سهل، وَقد وثق ابْن معِين صدقه أَبَا سهل الْهنائِي، وَذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات، أما صَدَقَة بِهِ أبي سهل فَلم يوثقه سوى ابْن حبَان، وروى عَنهُ جمَاعَة من الثِّقَات، فالإسناد حسن إِن كَانَ صدقه هُوَ أَبَا سهل الْهنائِي، وَإِن كَانَ ابْن أبي لسهل فَهُوَ الشواهد.
ينظر التَّارِيخ الْكَبِير ٤/٢٩٧، الْجرْح وَالتَّعْدِيل ٤/٤٣٤، الثِّقَات ٤/٤٦٨، الْإِكْمَال للحسيني ص ١٨٣، ١٨٤، تَعْجِيل الْمَنْفَعَة ص ١٨٥، ١٨٦،. ٣٠٥، وَقد حسن هَذَا الْإِسْنَاد الشَّيْخ عبد القدوس نَذِير فِي تَعْلِيقه على مجمع الْبَحْرين، والدكتور مُحَمَّد سعيد البُخَارِيّ فِي تَعْلِيقه على كتاب الدُّعَاء.
٢ ينظر التَّرْغِيب والترهيب لِلْمُنْذِرِيِّ ١/٢٤١، والدر المنثور ٢/٣٢٧، وَفتح الْقَدِير للشوكاني ١/٣٨٢.
٣ رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه فِي بَاب اسْتِحْبَاب الصَّلَاة عِنْد الذَّنب يحدثه الْمَرْء لتَكون تِلْكَ الصَّلَاة كَفَّارَة لما أحدث من الذَّنب ٢/٢١٣، ٢١٤، حَدِيث (١٢٠٩) عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي ثَنَا عَليّ بن الْحسن بن شَقِيق أخبرنَا الْحُسَيْن بن وَاقد عَن عبد الله بن بُرَيْدَة بِهِ. وَرِجَاله ثِقَات، لَكِن فِي رِوَايَة عبد الله بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه ضعف، وَقيل: لم يسمع مِنْهُ. ينظر تَهْذِيب التَّهْذِيب ٥/١٥٨. ومَعَ ذَلِك فقد صحّح هَذِه الرِّوَايَة الدكتور مُحَمَّد مصطفى الأعظمي فِي تَعْلِيقه على صَحِيح ابْن خُزَيْمَة. وَقَالَ الشَّيْخ مُحَمَّد نَاصِر الدّين فِي تَعْلِيقه على هَذَا الحَدِيث فِي صَحِيح ابْن خُزَيْمَة عِنْد قَوْله: "مَا أذنبت" قَالَ: " كَذَا وَقع للْمُصَنف- ﵀ وَترْجم لَهُ بِمَا سبق، وَوَقع فِي الْمسند وَغَيره: "أَذِنت". من التأذين، وَهُوَ الصَّوَاب ". وَالرِّوَايَة الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا هِيَ فِي الْمسند ٥/٤٦٠، وَسنَن التِّرْمِذِيّ ٥/٦٢٠، والمستدرك ٣/٣٨٥ من طَرِيق الْحُسَيْن بن وَاقد بِهِ كَمَا فِي الرِّوَايَة السَّابِقَة غير هَذِه اللَّفْظَة الَّتِي هِيَ مَوضِع الشَّاهِد من الحَدِيث.
1 / 162
وَقَالَ الْحَافِظ ابْن كثير- رَحمَه الله تَعَالَى-: " ويتأكد الْوضُوء وَصَلَاة رَكْعَتَيْنِ عِنْد التَّوْبَة، لما رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل ... " ثمَّ ذكر حَدِيث أبي بكر السَّابِق، ثمَّ قَالَ: "وَقد ذكرنَا طرقه وَالْكَلَام عَلَيْهِ مستقصى فِي مُسْند أبي بكر الصّديق، وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ حَدِيث حسن، وَهُوَ من رِوَايَة أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب عَن خَليفَة النَّبِي ﷺ أبي بكر الصّديق- ﵄، وَمِمَّا يشْهد لصِحَّة هَذَا الحَدِيث مَا رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه١ عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب- ﵁ عَن النَّبِي ﷺ قَالَ: "مَا مِنْكُم من أحد يتَوَضَّأ فَيبلغ- أَو فيسبغ- الْوضُوء، ثمَّ يَقُول: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأشْهد أنّ مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، إِلَّا فتحت لَهُ أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية، يدْخل من أَيهَا شَاءَ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ ٢ عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان بن عَفَّان- ﵁ أَنه تَوَضَّأ لَهُم وضوء النَّبِي ﷺ ثمَّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله يَقُول: " من تَوَضَّأ نَحْو وضوئي هَذَا ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ لَا يحدث فيهمَا نَفسه غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ". فقد ثَبت هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين عَن سيد الْأَوَّلين والآخرين وَرَسُول رب الْعَالمين كَمَا دلّ عَلَيْهِ الْكتاب الْمُبين من أَن الاسْتِغْفَار من الذَّنب ينفع العاصيين ". انْتهى كَلَام الْحَافِظ ابْن كثير رَحمَه الله تَعَالَى ٣.
_________
١ صَحِيح مُسلم كتاب الطَّهَارَة بَاب الذّكر الْمُسْتَحبّ عقب الْوضُوء ١/٢٠٩، ٢١٠، حَدِيث (٢٣٤) .
٢ صَحِيح البُخَارِيّ كتاب الْوَضع بَاب الْمَضْمَضَة فِي الْوضُوء (فتح الْبَارِي ١/٢٦٦، حَدِيث ١٦٤، وصحيح مُسلم كتاب الطَّهَارَة بَاب صفة الْوضُوء وكماله ١/٢٠٤، ٢٠٥، حَدِيث (٢٢٦) .
٣ ينظر تَفْسِيره ٢ /١٠٤، ١٠٥.
1 / 163
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة: سَبَب صَلَاة التَّوْبَة:
سَبَب صَلَاة التَّوْبَة هُوَ وُقُوع المسلمِ فِي مَعْصِيّة سَوَاء كَانَت كَبِيرَة أَو صَغِيرَة ١، فَيجب عَلَيْهِ أَن يَتُوب مِنْهَا فَوْرًا ٢، وَينْدب لَهُ أَن يُصَلِّي هَاتين الرَّكْعَتَيْنِ، فَيعْمل عِنْد تَوْبَته عملا صَالحا من أجل القربات وأفضلها، وَهُوَ هَذِه الصَّلَاة، فيتوسل بهَا إِلَى الله تَعَالَى رَجَاء أَن تقبل تَوْبَته، وَأَن يغْفر ذَنبه٣.
قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ عِنْد كَلَامه على حَدِيث أبي بكر فِي صَلَاة التَّوْبَة، قَالَ:"وَفِيه اسْتِيفَاء وُجُوه الطَّاعَة فِي التَّوْبَة، لِأَنَّهُ نَدم فطهر بَاطِنه، ثمَّ تَوَضَّأ، ثمَّ صلى، ثمَّ اسْتغْفر"٤.
وَقَالَ الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن بن قَاسم ﵀ عِنْد شَرحه لحَدِيث أبي بكر أَيْضا، قَالَ:"وَفِيه اسْتِيفَاء، وُجُوه الطَّاعَة فِي التَّوْبَة، لِأَنَّهُ نَدم، فَتطهر، ثمَّ صلى، ثمَّ اسْتغْفر، وَإِذا أَتَى بذلك على أكمل الْوُجُوه غفر الله لَهُ بوعده الصَّادِق"٥.
_________
١ نِهَايَة الْمُحْتَاج ٢/١٢٢، حَاشِيَة قليوبي ١/٢١٦، حَاشِيَة الشرواني ٢/٢٣٨، بذل المجهود ٧/٣٧٨، مرقاة المفاتيح ٢/١٨٧.
٢ مَجْمُوع فَتَاوَى ابْن تَيْمِية ٢٣/٢١٥، مدارج السالكين ١/٢٩٧، شرح صَحِيح مُسلم ١٧/٥٩.
٣ شرح الطَّيِّبِيّ على الْمشكاة ٣/١٨٠.
٤ عارضة الأحوذي ٢/١٩٧.
٥ الإحكام شرح أصُول الْأَحْكَام ١/٢٢١.
1 / 164
المبحث الثَّانِي
وَقت صَلَاة التَّوْبَة
يسْتَحبّ أَدَاء هَذِه الصَّلَاة عِنْد عزم الْمُسلم على التَّوْبَة من الذَّنب الَّذِي اقترفه، سَوَاء كَانَت هَذِه التَّوْبَة بعد فعله للمعصية مُبَاشرَة، أَو مُتَأَخِّرَة عَنهُ، فَالْوَاجِب على المذنب الْمُبَادرَة إِلَى التَّوْبَة - كَمَا سبق بَيَانه قَرِيبا- لَكِن إِن سوّف وأخّرها قبلت، لِأَن التَّوْبَة تقبل مَا لم يحدث أحد الْمَوَانِع الْآتِيَة:
١- إِذا وَقع الإِياس من الْحَيَاة، وَحضر الْمَوْت، وَبَلغت الرّوح الْحُلْقُوم. قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ﴾ ١.
وَقَالَ رَسُول الله ﷺ: " إِن الله يقبل تَوْبَة العَبْد مَا لم يُغَرْغر" ٢.
_________
١ سُورَة النِّسَاء. (١٨) .
٢ رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده (٩/١٧، ١٨، حَدِيث ٦١٦٠، و٩/١٦١ ط حَدِيث ٦٤٠٨ تَحْقِيق شَاكر)، وَالتِّرْمِذِيّ فِي الدَّعْوَات بَاب فِي فضل التَّوْبَة والاسْتِغْفَار ٥/٥٤٦، حَدِيث (٣٥٣٧)، وَابْن مَاجَه فِي الزّهْد بَاب ذكر التَّوْبَة ٢/١٤٢٠، حَدِيث (٤٢٥٣)، وَابْن حبَان (موارد الظمآن ص ٦٠٧، حَدِيث ٢٤٤٩)، وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك فِي كتاب التَّوْبَة والإنابة ٤/٢٥٧، وَصَححهُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيّ، وَأَبُو يعلي فِي مُسْنده ٩/٤٦٢، حَدِيث (٥٦٠٩)، وَالْبَغوِيّ فِي شرح السّنة فِي بَاب التَّوْبَة ٥/٩٠، ٩١، حَدِيث (١٣٠٦) من طرق عَن ابْن ثَوْبَان عَن أَبِيه عَن مَكْحُول عَن جُبَير بن نفير عَن ابْن عمر بِهِ. وَرِجَاله ثِقَات، عدا ابْن ثَوْبَان - واسْمه عبد الرَّحْمَن - فَهُوَ صَدُوق يُخطئ، وَتغَير بِأخرَة كَمَا فِي التَّقْرِيب. وَوَقع فِي سنَن ابْن مَاجَه " عبد الله بن عَمْرو" وَهُوَ وهم كَمَا قَالَ ابْن كثير فِي تَفْسِيره ٢/٢٠٦. وَقد صحّح هَذِه الرِّوَايَة أَو حسنها أَحْمد شَاكر فِي تَعْلِيقه على الْمسند، وَالشَّيْخ مُحَمَّد بن نَاصِر الدّين فِي صَحِيح الْجَامِع ١/٣٨٦، وَشُعَيْب الأرنؤوط فِي تَعْلِيقه على شرح السّنة، وحسين أَسد فِي تَعْلِيقه على مُسْند أبي يعلى.
وَرَوَاهُ الإِمَام أَحْمد ٣/٤٢٥، و٥/٣٦٢ (طبع الْمكتب الإسلامي) وَسَعِيد بن مَنْصُور فِي سنَنه ٣/١٢٠١، ١٢٠٢، حَدِيث (٥٩٧) . وَالْحَاكِم فِي الْموضع السَّابِق من طرق عَن زيد بن أسلم عَن عبد الرَّحْمَن بن الْبَيْلَمَانِي عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي ﷺ. وَإِسْنَاده ضَعِيف، ابْن الْبَيْلَمَانِي ضعفه غير وَاحِد، وَلم يوثقه سوى ابْن حبَان فِي الثِّقَات. ينظر الثِّقَات ٥/٩١، تَهْذِيب التَّهْذِيب ٦/١٥٠.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه - كَمَا فِي تَفْسِير ابْن كثير ٢/٢٠٧- من طَرِيق عُثْمَان عَن الْهَيْثَم حَدثنَا عَوْف عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة بِهِ وَإِسْنَاده ضَعِيف، عُثْمَان بن الْهَيْثَم تغير بِأخرَة، فَكَانَ يَتَلَقَّن. ينظر الْجرْح وَالتَّعْدِيل ٣/١٧٢.
وَرَوَاهُ ابْن جرير فِي تَفْسِيره ٨/٩٦، رقم (٨٨٥٩) عَن الْحسن الْبَصْرِيّ مُرْسلا. وَقَالَ ابْن كثير فِي تَفْسِيره: ٢ /٢٠٧: "مُرْسل حسن ".
وَرَوَاهُ ابْن جرير فِي الْموضع السَّابِق، رقم (٨٨٥٧) من طَرِيق الْعَلَاء بِهِ زِيَاد عَن بشير بن كَعْب مُرْسلا.
وَرَوَاهُ أَيْضا ابْن جرير فِي الْموضع السَّابِق، رقم (٨٨٥٨) من طَرِيق قَتَادَة عَن عبَادَة بن الصَّامِت. وَإِسْنَاده مُنْقَطع، قَتَادَة لم يدْرك عبَادَة بن الصَّامِت.
وَرَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده (تَحْقِيق شَاكر ١١/١٣٣، ١٣٤، حَدِيث ٦٩٢٠)، وَالطَّيَالِسِي فِي مُسْنده ص ٣٠١، حَدِيث (٢٢٨٤)، وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه الْكَبِير ١/٤٢٧، والطبري فِي تَفْسِيره ٨/٩٩، ١٠٠، حَدِيث (٨٨٦٣) من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن مَيْمُون قَالَ: سَمِعت رجلا من بني الْحَارِث قَالَ: سَمِعت رجلا منا يُقَال لَهُ أَيُّوب قَالَ: سَمِعت عبد الله بن عَمْرو فَذكره. وَإِسْنَاده ضَعِيف. لَا يهام شيخ إِبْرَاهِيم بن مَيْمُون. وَقد سقط بعض السَّنَد من مُسْند الطَّيَالِسِيّ المطبوع. وَقد أوردهُ ابْن كثير فِي تَفْسِيره ٢/٢٠٦ نقلا عَن الطَّيَالِسِيّ، فَذكر السَّنَد كَامِلا، غير أَنه قَالَ: "عبد الله بن عمر" بدل "عبد الله بن عَمْرو".
وَفِي الْجُمْلَة فَإِن هَذَا الحَدِيث صَحِيح بِمَجْمُوع هَذِه الطّرق، الطَّرِيق الأولى ضعفها لَيْسَ قَوِيا، فتتقوى بالطرق الْأُخْرَى.
1 / 165
٢- إِذا نزل الْعَذَاب، قَالَ الله تَعَالَى: ﴿فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ﴾ ١.
_________
١- سُورَة غَافِر (٨٥) . وَلِهَذَا لم تقبل تَوْبَة فِرْعَوْن لما أدْركهُ الْغَرق، حِين قَالَ: ﴿آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ قَالَ الله تَعَالَى: ﴿الآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ سُورَة يُونُس (٩٠، ٩١)، وَينظر تَفْسِير الْقُرْطُبِيّ ١٥/٣٣٦.
1 / 166
٣- إِذا طلعت الشَّمْس من مغْرِبهَا، قَالَ الله تَعَالَى: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ ١. وَقَالَ النَّبِي ﷺ: "من تَابَ من قبل أَن تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا تَابَ الله عَلَيْهِ " رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة ٢.
وَهَذِه صَلَاة تشرع فِي جَمِيع الْأَوْقَات بِمَا فِي ذَلِك أَوْقَات النَّهْي، لِأَنَّهَا من ذَوَات الْأَسْبَاب الَّتِي تشرع عِنْد وجود سَببهَا ٣.
قَالَ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية: "ذَوَات الْأَسْبَاب كلهَا تفوت إِذا أخرت عَن وَقت النَّهْي، مثل سُجُود التِّلَاوَة، وتحية الْمَسْجِد، وَصَلَاة الْكُسُوف، وَمثل الصَّلَاة عقب الطَّهَارَة، كَمَا فِي حَدِيث بِلَال، وَكَذَلِكَ صَلَاة الاستخارة، إِذا كَانَ الَّذِي يستخير لَهُ يفوت إِذا أخرت الصَّلَاة، وَكَذَلِكَ صَلَاة التَّوْبَة، فَإِذا أذْنب فالتوبة وَاجِبَة على الْفَوْر، وَهُوَ مَنْدُوب إِلَى أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ يَتُوب، كَمَا فِي حَدِيث أبي بكر الصّديق"٤.
_________
١ سُورَة الْأَنْعَام: (١٥٨) .
وروى البُخَارِيّ فِي كتاب الرقَاق (فتح الْبَارِي ١١/٣٥٢)، حَدِيث (٥٦٠٦)، وَمُسلم فِي الإِيمان بَاب بَيَان الزَّمن الَّذِي لَا يقبل فِيهِ الْإِيمَان ١/١٣٧، حَدِيث (١٥٧) عَن أبي هُرَيْرَة- ﵁ قَالَ رَسُول الله ﷺ: "لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا، فَإِذا طلعت من مغْرِبهَا آمن النَّاس كلهم أَجْمَعُونَ، فَيَوْمئِذٍ لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل، أَو كسبت فِي إيمَانهَا خيرا ".
٢ صَحِيح مُسلم كتاب الذّكر وَالدُّعَاء وَالتَّوْبَة وَالِاسْتِغْفَار بَاب اسْتِحْبَاب الاسْتِغْفَار والاستكثار مِنْهُ ٤/٢٠٧٦، حَدِيث ٢٠٧٣.
٣ وَقد ذكرت أَقْوَال أهل الْعلم فِي حكم أَدَاء الصَّلَاة ذَات السَّبَب فِي وَقت النَّهْي فِي بحث مُسْتَقل بعنوان "حكم أَدَاء الصَّلَوَات فَوَات الْأَسْبَاب فِي أَوْقَات النَّهْي" وَقد ظهر لي بعد استعراض أَدِلَّة الْأَقْوَال فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَمَا ورد على بَعْضهَا من مناقشة أَن الصَّحِيح جَوَاز أَدَاء الصَّلَاة ذَات السَّبَب فِي وَقت النَّهْي إِذا وجد سَببهَا فِيهِ.
٤ مَجْمُوع فَتَاوَى ابْن تَيْمِية ٢٣/٢١٥.
1 / 167
المبحث الثَّالِث
مَحل صَلَاة التَّوْبَة
اخْتلف أهل الْعلم فِي صَلَاة التَّوْبَة هَل تُؤَدّى قبل التَّوْبَة أَو بعْدهَا، على ثَلَاثَة أَقْوَال:
القَوْل الأول:
أَن الْمَشْرُوع أَن يُصَلِّي قبل التَّوْبَة، لَا بعْدهَا، لحَدِيث أبي بكر الصّديق ﵁ ١.
القَوْل الثَّانِي:
أَنَّهَا تصلى بعد التَّوْبَة ٢.
القَوْل الثَّالِث:
أَنَّهَا تصلى قبل التَّوْبَة أَو بعْدهَا ٣، فَإِن شَاءَ صلاهَا قبل التَّوْبَة وَإِن شَاءَ صلاهَا بعْدهَا ٤.
_________
١عارضة الأحوذي ٢/١٩٧، كشاف القناع ١/٤٤٣، الرَّوْض الندي ص ٥٩، غَايَة الْمُنْتَهى ١/١٧١، الإحكام شرح أصُول الْأَحْكَام ١/٣٢١. وَينظر كَلَام شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية الَّذِي سبق نَقله قَرِيبا. وَقد سبق تَخْرِيج حَدِيث أبي بكر ص (٥،٦) .
٢ الْإِحْسَان بترتيب صَحِيح ابْن حبَان ٢/١٠.
٣ نِهَايَة الْمُحْتَاج ٢/١٢٢، حَاشِيَة قليوبي ١/٢١٦، حَاشِيَة الشرواني ٢/٢٣٨.
٤ ينظر هوامش الْإِقْنَاع للشربيني ١/١٠١.
1 / 168
التَّرْجِيح:
وَالرَّاجِح من هَذِه الْأَقْوَال هُوَ القَوْل الأول، لقُوَّة دَلِيله، وَلِأَن الْقَوْلَيْنِ الآخرين لَا يعضدهما دَلِيل من كتاب وَلَا سنة، فَحَدِيث أبي بكر الصّديق ﵁ صَرِيح فِي أَن هَذِه الصَّلَاة تُؤَدّى قبل التَّوْبَة، لَا بعْدهَا، حَيْثُ ذكرت فِيهِ الصَّلَاة ثمَّ عطف عَلَيْهَا الاسْتِغْفَار، الَّذِي هُوَ تَوْبَة١، أَو جُزْء من التَّوْبَة٢ بِحرف "ثمَّ " الَّذِي يدل على التَّرْتِيب ٣.
_________
١مدارج السالكين ١/٣٣٤،٣٣٥، وَقَالَ الملا عَليّ الْقَارِي فِي الرقاة ٢/١٨٧ عِنْد شَرحه لحَدِيث أبي بكر "وَالْمرَاد بالاستغفار التَّوْبَة بالندامة والإقلاع والعزم على أَن لَا يعود إِلَيْهِ أبدا، وأَن يتدارك الْحُقُوق، إِن كَانَت هُنَاكَ"
٢ ذكر الشَّوْكَانِيّ فِي فتح الْقَدِير ١/٣٨١ أَنه يمْتَنع لُغَة إِطْلَاق التَّوْبَة على الاسْتِغْفَار.
وَقَالَ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية: " الاسْتِغْفَار هُوَ طلب الْمَغْفِرَة، وَهُوَ من جنس الدُّعَاء وَالسُّؤَال، وَهُوَ مقرون بِالتَّوْبَةِ فِي الْغَالِب، ومأمور بِهِ، لَكِن قد يَتُوب الْإِنْسَان وَلَا يَدْعُو، وَقد يَدْعُو وَلَا يَتُوب". ينظر كتاب " ذُو النورين" لشيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية ص ٧٦ جمع وَتَعْلِيق مُحَمَّد مَال الله.
فَيمكن أَن يُقَال: إِن التَّوْبَة تطلق على الاسْتِغْفَار وَمَا يَصْحَبهُ من النَّدَم على فعل الْمعْصِيَة والعزم على عدم الرُّجُوع إِلَى فعلهَا، لما روى الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده ٦/٢٦٤: ثَنَا مُحَمَّد بن يزِيد – يَعْنِي الوَاسِطِيّ – عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة – ﵂ – قَالَت: قَالَ لي رَسُول الله ﷺ: "يَا عَائِشَة إِن كنت أَلممْت بذنب فاستغفري الله، فَإِن التَّوْبَة من الذَّنب النَّدَم وَالِاسْتِغْفَار". وَإِسْنَاده صَحِيح، وَرِجَاله رجال الصَّحِيحَيْنِ، عدا مُحَمَّد بن يزِيد، وَهُوَ ثِقَة ثَبت كَمَا فِي التَّقْرِيب. وَصَححهُ الأرنؤوط فِي تَعْلِيقه على الْإِحْسَان ٢/٣٧٨.
٣ قَالَ الملا عَليّ قاري فِي مرقاة المفاتيح ٢/١٨٧ عِنْد شَرحه لحَدِيث أبي بكر: " ثمَّ" فِي الْمَوْضِعَيْنِ لمُجَرّد الْعَطف التعقيبي. أ. هـ.
وَقَالَ ابْن مَالك فِي ألفيته:
وَالْفَاء للتَّرْتِيب باتصال وَثمّ للتَّرْتِيب بانفصال
تنظر الألفية مَعَ شرحها لِابْنِ النَّاظِم ص ٢٠٥، وَشرح شذور الذَّهَب ص ٥٧٦، وأوضح المسالك ص ٣١٨.
1 / 169
هَذَا كُله فِيمَا يتَعَلَّق بِالتَّوْبَةِ بِاللِّسَانِ، وَهِي المرادة هُنَا عِنْد الْإِطْلَاق، وَالَّتِي هِيَ مُنَاجَاة العَبْد ربه بإعلان النَّدَم على فعل الْمعْصِيَة، والعزم على عدم العودة إِلَيْهَا، وَطلب مغْفرَة الذَّنب الَّذِي ارْتَكَبهُ. أما النَّدَم بِالْقَلْبِ وَالَّذِي هُوَ فِي حد ذَاته تَوْبَة١، أَو ركنها الْأَعْظَم ٢، لحَدِيث: "النَّدَم تَوْبَة" ٣، فَإِنَّهُ يكون قبل
_________
١ مدارج السالكين ١/٣١١، طرح التثريب ٨/٢٣٨.
٢ فتح الْبَارِي ١١/١٠٣، ١٠٤.
٣ رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده ٥/١٩٤، ١٩٥، رقم (٣٥٦٨)، و٦/٤٦، رقم (٤٠١٤، ٤٠١٦)، و٦/٨٣، رقم (٤١٢٤)، وَابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد ص ٣٦٨، حَدِيث (١٠٤٤)، والْحميدِي فِي مُسْنده ١/٥٨، ٥٩، حَدِيث (١٠٥)، وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي كتاب الدِّيات: من قَالَ: الْقَاتِل تَوْبَة ٩/٣٦١، ٣٦٢، وَابْن مَاجَه فِي سنَنه فِي كتاب الزّهْد بَاب ذكر التَّوْبَة ٢/١٤٢٠، حَدِيث (٤٢٥٢)، والشاشي فِي مُسْنده ١/٣٠٩، رقم (٢٦٩)، وَالطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير ١/٣٣، وَأَبُو يعلي فِي مُسْند ٨٥/٣٨٠، حَدِيث (٤٩٦٩)، وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك فِي كتاب التَّوْبَة والإنابة ٤/٢٤٣ وَصَححهُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيّ، والقضاعي فِي مُسْند الشهَاب ١/٤٢، ٤٣، رقم (١٣، ١٤)، وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية ٨/٣١٢، وَابْن عدي فِي الْكَامِل ٤/١٤٦٤، وَالْبَيْهَقِيّ فِي كِتَابه: الْآدَاب بَاب من عَاجل كل ذَنْب بِالتَّوْبَةِ مِنْهُ وَسَأَلَ الله الْمَغْفِرَة ص ٤٤٣. رقم (١١٩٠) من طرق عَن عبد الْكَرِيم بن مَالك الْجَزرِي عَن زِيَاد بن أبي مَرْيَم عَن عبد الله بن معقل عَن عبد الله بن مَسْعُود مَرْفُوعا، وَإِسْنَاده جيد، وَقد اخْتلف فِي زِيَاد بن أبي مَرْيَم فَقيل: هُوَ زِيَاد بن الْجراح، وَقيل: هما اثْنَان، وَكِلَاهُمَا ثِقَة. ينظر التَّارِيخ الْكَبِير للْبُخَارِيّ ١/٣٤٧، الْعِلَل للدارقطني ٣ /١٩٠ -١٩٣، تَهْذِيب التَّهْذِيب ٣/٣٨٤، ٣٨٥.
وَرَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده ٦/٤٥، حَدِيث (٤٠١٢ تَحْقِيق شَاكر)، والشاشي فِي مُسْنده ١/٣١١، ٣١٢، حَدِيث (٢٧٢) وَابْن حَاتِم فِي الْعِلَل ٢/١٠١، ١٠٢، حَدِيث (١٧٩٧)، وَالْبَغوِيّ فِي شرح السّنة كتاب الدَّعْوَات بَاب التَّوْبَة ٥/٩١، حَدِيث (١٣٠٧) وَأَبُو يعلي فِي مُسْنده ٩/١٣، حَدِيث (٥٠٨٠)، ٩/٦٤، حَدِيث (٥١٢٩) من طرق عَن عبد الْكَرِيم الْجَزرِي عَن زِيَاد بن الْجراح عَن عبد الله بن معقل بِهِ.
وَرَوَاهُ ابْن حبَان (كَمَا فِي الْإِحْسَان كتاب الرَّقَائِق بَاب التَّوْبَة ٢/٣٧٩، حَدِيث ٦١٤)، وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية ٨/٢٥١ عَن الْمسيب بن وَاضح حَدثنَا يُوسُف بِهِ أَسْبَاط عَن مَالك بن مغول عَن مَنْصُور عَن خَيْثَمَة عَن ابْن مَسْعُود بِهِ. وَقَالَ أَبُو نعيم: "رَوَاهُ عَن مَالك جمَاعَة". وَإِسْنَاده ضَعِيف، الْمسيب بن وَاضح صَدُوق يُخطئ كثيرا كَمَا قَالَ أَبُو حَاتِم، ويوسف بن أَسْبَاط ضَعِيف، وخيثمة لم يسمع من ابْن مَسْعُود. ينظر لِسَان الْمِيزَان ٦/٤٠، ٣١٧، تَهْذِيب التَّهْذِيب ٣/١٧٩.
وَرَوَاهُ الْخَطِيب فِي تَارِيخ بَغْدَاد ٩/٤٠٥ من طَرِيق حسام بن مصك عَن مَنْصُور بِهِ، وحسام ضَعِيف يكَاد أَن يتْرك كَمَا فِي التَّقْرِيب.
وَرَوَاهُ أَبُو يعلي فِي مُسْنده ٩/١٧١ من طَرِيق خَالِد بن الْحَارِث حَدثنَا مَالك بن مغول عَن مَنْصُور عَن خَيْثَمَة عَن رجل عَن عبد الله بن مَسْعُود، وَإِسْنَاده ضَعِيف لجَهَالَة الرَّاوِي عَن ابْن مَسْعُود.
وَرَوَاهُ ابْن حبَان كَمَا فِي الْإِحْسَان الْموضع السَّابِق، حَدِيث (٦١٣)، وَالْحَاكِم فِي الْموضع السَّابِق من طَرِيق يحي بن أَيُّوب عَن حميد الطَّوِيل عَن أنس بن مَالك مَرْفُوعا. وَصَححهُ الْحَاكِم، وَتعقبه الذَّهَبِيّ فِي التخليص بقوله: "هَذَا من مَنَاكِير يحي". وَقَالَ ابْن حجر فِي التَّقْرِيب فِي تَرْجَمَة يحي بن أَيُّوب - وَهُوَ أَبُو الْعَبَّاس الغافقي-: "صَدُوق رُبمَا أَخطَأ ".
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير ٢٢/٣٠٦، حَدِيث (٧٧٥)، وَأَبُو نعيمِ فِي الْحِلْية ١٠/٣٩٨ من طَرِيق يحيى ابْن أبي خَالِد عَن ابْن أبي سعيد الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه مَرْفُوعا. ويحي بن أبي خَالِد وَشَيْخه مَجْهُولَانِ. ينظر اللِّسَان ٦/٢٥٢، وَقَالَ السخاوي فِي الْمَقَاصِد الْحَسَنَة ص ١٥٢. "سَنَده ضَعِيف " وَينظر السلسلة الضعيفة ٢/٨٣.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير ١/٦٩، والعقيلي فِي الضُّعَفَاء ٤/٢٥٩ عَن طَرِيق مُورق بن سخيت حَدثنَا أَبُو هِلَال عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا، وَقَالَ الْعقيلِيّ: "مُورق بن سخيت عَن أبي هِلَال الرَّاسِبِي وَلَا يُتَابع عَلَيْهِ بِهَذَا الْإِسْنَاد"، و"مُورق " لم يوثقه سوى ابْن حبَان، وَقَالَ الذَّهَبِيّ: "فِيهِ جَهَالَة" شَيْخه أَبُو هِلَال صَدُوق فِيهِ لين كَمَا فِي التَّقْرِيب. ينظر الثِّقَات ٩/١٩٨، وَالْمِيزَان ٤/١٩٨، والتقريب ص٤٨١، وَاللِّسَان ١/١١١.
وَفِي الْجُمْلَة فَإِن هَذَا الحَدِيث صَحِيح، لاشك فِي صِحَّته، وَقد صَححهُ الْعقيلِيّ فِي الضُّعَفَاء ٤/٢٥٩، والبوصيري فِي مِصْبَاح الزجاجة ٤/٢٤٨، ٢/٤٦٤، وَالشَّيْخ أَحْمد شَاكر فِي تَعْلِيقه على الْمسند، وَالشَّيْخ مُحَمَّد نَاصِر الدّين فِي صَحِيح سنَن ابْن مَاجَه ٢/٤١٨، والأرنؤوط فِي تَعْلِيقه على شرح السّنة، وحسين أَسد فِي تَعْلِيقه على مُسْند أبي يعلي.
1 / 170
الصَّلَاة وَبعدهَا، لِأَن الْمُسلم لن يعزم على صَلَاة التَّوْبَة إِلَّا وَقد نَدم قلبه على فعل الْمعْصِيَة، وعزم على الإقلاع عَنْهَا، وَلَا يعْتَبر استغفاره بعد هَذِه الصَّلَاة تَوْبَة إِلَّا إِذا صَحبه نَدم الْقلب، وَإِلَّا كَانَت تَوْبَته غير صَادِقَة ١.
_________
١وَذَلِكَ أَن للتَّوْبَة ثَلَاثَة شُرُوط عَامَّة هِيَ:
١ – الإقلاع عَن الذَّنب.
٢ – النَّدَم على مَا فَاتَ.
٣ – الْعَزْم على أَلا يعود إِلَى الذَّنب الَّذِي تَابَ مِنْهُ، فَمن لم ينْدَم على فعل الْمعْصِيَة فَذَلِك دَلِيل على رِضَاهُ بِهِ، وإصراره عَلَيْهِ.
ينظر تَفْسِير الْقُرْطُبِيّ ٤/٤٠، ٢١٠، ٢١١، و٥/٩٠، ٢٨٠، شرح صَحِيح مُسلم ١٧/٥٩، مَجْمُوع فَتَاوَى ابْن تَيْمِية ٧/٤٨٨، و١٠/٣١٨، ٣١٩، و١١/٣١٩، الْآدَاب الشَّرْعِيَّة ١/٨٤، طرح التثريب ٨/٢٣٨، مدارج السالكين ١/٢٠٢.
وَينظر فتح الْبَارِي ١١/١٠٣، ١٠٤ فَفِيهِ تَفْصِيل فِي شُرُوط التَّوْبَة.
1 / 171
المبحث الرَّابِع
صفة صَلَاة التَّوْبَة
صَلَاة التَّوْبَة صَلَاة نَافِلَة١ يتَعَيَّن لَهَا جَمِيع الشُّرُوط اللَّازِمَة لصَلَاة النَّافِلَة، وَيجب فِيهَا من الْأَركان والواجبات مَا يجب فِي صَلَاة النَّافِلَة.
وَهِي رَكْعَتَانِ، كَمَا فِي حَدِيث أبي بكر الصّديق- ﵁ ٢.
ويشرع للتائب أَن يُصليهَا مُنْفَردا، لِأَنَّهَا من النَّوَافِل الَّتِي لَا تشرع لَهَا صَلَاة الْجَمَاعَة٣، وَينْدب لَهَا بعْدهَا أَن يسْتَغْفر الله تَعَالَى، لحَدِيث أبي بكر- ﵁-٤.
وَقَالَ الْغَزالِيّ عِنْد كَلَامه على الْأُمُور الَّتِي إِذا أتبع بهَا الذَّنب كَانَ الْعَفو عَنهُ مرجوا، قَالَ: " أَن تصلي عقيب الذَّنب رَكْعَتَيْنِ ثمَّ تستغفر الله تَعَالَى بعدهمَا سبعين مرّة، وَتقول: سُبْحَانَ الله الْعَظِيم وَبِحَمْدِهِ مائَة مرّة، ثمَّ تَتَصَدَّق بِصَدقَة، ثمَّ تَصُوم يَوْمًا"٥.
_________
١ ينظر مَجْمُوع فتاواي ابْن تَيْمِية ٢٣/٢١٥، نِهَايَة الْمُحْتَاج ٢/١٢٢، مُغنِي الْمُحْتَاج ١/٢٢٥، رد الْمُحْتَار ١/٤٦٢، الْإِقْنَاع للشربيني ١/١٠١، حَاشِيَة قليوبي ١/٢١٦.
٢ سبق تَخْرِيجه ص (٥،٦) .
٣ الْمُغنِي ٢/٥٢٩، ٥٥٣، تحفة الْمُحْتَاج (مطبوع مَعَ حاشيتيه للشربيني وَابْن قَاسم ٢/٢٣٨)، نِهَايَة الْمُحْتَاج ٢/١٢٢، الْإِقْنَاع للشربيني ١/١٠١، حَاشِيَة قليوبي ١/٢١٦، الدُّرَر السّنيَّة ٤/٢٤٢.
٤ وَقد سبق الْكَلَام على مَحل الاسْتِغْفَار بِشَيْء من التَّفْصِيل فِي المبحث الثَّالِث.
٥ الْإِحْيَاء:٤/٤٩.
وَقَالَ الملا عَليّ الْقَارِي فِي مرقاة المفاتيح ٢/١٨٨: " وَقَالَ الْغَزالِيّ فِي الْمِنْهَاج: إِذا أردْت التَّوْبَة تغسل، واغسل ثِيَابك، وصل مَا كتب الله لَك، ثمَّ ضع وَجهك على الأَرْض فِي مَكَان خَال لَا يراك إِلَّا الله ﷾، ثمَّ اجْعَل التُّرَاب على رَأسك، ومرغ وَجهك الَّذِي هُوَ أعز أعضائك فِي التُّرَاب، بدمع حَار، وقلب حَزِين، وَصَوت عَال، وَاذْكُر ذنوبك وَاحِدًا وَاحِدًا مَا أمكنك، وَلم نَفسك العاصية عَلَيْهَا، ووبخها، وَقل: أما تستحين يَا نفس، أما أَن لَك أَن تتوبي وترجعي، أَلَك طَاقَة بِعَذَاب الله، أَلَك حاجز عَن سخط الله ... " إِلَخ. وغالب مَا ذكره هُنَا لَا دَلِيل عَلَيْهِ، بل هُوَ من الْبدع الْمُحرمَة.
1 / 172
وَهَذَا القَوْل فِيهِ نظر، فَأصل مَشْرُوعِيَّة الاسْتِغْفَار، وَذكر الله تَعَالَى وَالَّذِي يَشْمَل التَّسْبِيح والتحميد ثَابت فِي هَذَا الْموضع بقوله تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ﴾ ١، وَإِن كَانَ قد اخْتلف فِي المُرَاد بقوله تَعَالَى فِي هَذِه الْآيَة ﴿ذَكَرُوا اللَّهَ﴾، فَقيل: المُرَاد ذكرُوا وَعِيد الله على مَا فعلوا من معصيتهم إِيَّاه، وتذكروا عِقَابه، وَقيل: المُرَاد ذكرُوا الله بِاللِّسَانِ٢، وَقيل: المُرَاد: الصَّلَاة٣.
وَقد يُقَال: إِن لفظ الْآيَة يعم هَذِه الْأُمُور كلهَا ٤.
وَكَذَلِكَ الصَّدَقَة يدل على مشروعيتها فِي هَذَا الْموضع عُمُوم قَول الله
_________
١ سُورَة آل عمرَان: ١٣٥.
٢ تَفْسِير ابْن أبىِ حَاتِم ٢/٥٥٢، ٥٥٣، تَفْسِير الطَّبَرِيّ ٧/٢١٧، ٢٢٢، ٢٢٣، زَاد الْمسير /٤٦٣، ٤٦٤، تَفْسِير الْبَغَوِيّ ١/٣٥٣، تَفْسِير الْقُرْطُبِيّ ٤/٢١٠، فتح الْقَدِير للشوكاني١/٣٨١.
٣ قَالَ الطَّيِّبِيّ فِي شرح الْمشكاة ٣/١٨٠: أَقُول: ﴿وذَكَرُوا اللَّهَ﴾ يجب أَن يحمل على الصَّلَاة.كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّه﴾ ليطابق لفظ الحَدِيث، وَهُوَ قَوْله: " ثمَّ يُصَلِّي ثمَّ يسْتَغْفر الله".أ. هـ.
٤ ذكر بعض الْعلمَاء أَن المُرَاد أَن النَّص القرآني إِذا جَاءَ بِلَفْظ عَام يحمل على جَمِيع مَا يَشْمَلهُ هَذَا اللَّفْظ من الْمعَانِي، وَقد سَمِعت شَيخنَا مُحَمَّد بن صَالح بن عثيمين يُقرر هَذِه الْقَاعِدَة فِي مَجْلِسه أَو أَكثر من مجالسه العلمية الْمُبَارَكَة. وَينظر مُقَدّمَة التَّفْسِير لِابْنِ تيميه ص ٤٩، ٥٠، أضواء الْبَيَان ٣/١٢٤، التَّحْرِير والتنوير ١/٩٣ – ١٠٠، الإكسير فِي قَوَاعِد علم التَّفْسِير للطوفي ص ١٣، مُقَدّمَة جَامع التفاسير للراغب ص ٩٨، وَقَالَ الملا عَليّ الْقَارِي فِي الْمرقاة ٢/١٨٧، ١٨٨: " أَي ذكرُوا عِقَابه. قَالَ الطَّيِّبِيّ: أَو وعيده. وَظَاهر الحَدِيث أَن مَعْنَاهُ: صلوا. لَكِن الْعبْرَة بِعُمُوم اللَّفْظ، لَا بِخُصُوص السَّبَب، فَالْمَعْنى ذكر الله بِنَوْع من أَنْوَاع الذّكر، من ذكر الْعقَاب ... أَو تَعْظِيم رب الأرباب، أَو بالتسبيح، والتهليل أَو قِرَاءَة الْقُرْآن أَو بِالصَّلَاةِ الَّتِي تجمعها ".
1 / 173
تَعَالَى: ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾ ١.
وَثَبت عَن كَعْب بن مَالك ﵁ أَنه قَالَ لما تَابَ الله عَلَيْهِ: "يَا رَسُول الله إنّ من تَوْبَتِي أَن أَنْخَلِع من مَالِي صَدَقَة إِلَى الله وَإِلَى رَسُوله، قَالَ رَسُول الله: " أمسك عَلَيْك بعض مَالك فَهُوَ خير لَك "، قَالَ: فَإِنِّي أمسك سهمي الَّذِي بِخَيْبَر". مُتَّفق عَلَيْهِ٢.
وَثَبت عَن أبي هُرَيْرَة ﵁ عَن النَّبِي ﷺ قَالَ: "من حلف، فَقَالَ فِي حلفه: "وَاللات والعزّى" فَلْيقل: "لَا إِلَه إِلَّا الله "، وَمن قَالَ لصَاحبه: "تعال أقامرك"٣ فليتصدق " مُتَّفق عَلَيْهِ٤. وَفِي رِوَايَة لمُسلم: "فليتصدق بِشَيْء" ٥.
_________
١ سُورَة الْبَقَرَة: ٢٧١.
٢ صَحِيح البُخَارِيّ مَعَ الْفَتْح كتاب الْوَصَايَا بَاب إِذا تصدق أَو وقف بعض رَقِيقه أَو دوابه فَهُوَ جَائِز ٥/٣٨٦، حَدِيث (٢٧٥٧)، وَكتاب الْمَغَازِي بَاب حَدِيث كَعْب ابْن مَالك ٨/١١-١١٦، حَدِيث (٤٤١٨)، وَكتاب التَّفْسِير بَاب ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ﴾ ٨/٣٤١، ٣٤٢، حَدِيث (٤٦٧٦)، وصحيح مُسلم مَعَ شَرحه للنووي كتاب التَّوْبَة:١٧/٩٦، ٩٧.
٣ قَالَ شمس الدّين البعلي فِي المطلع على أَبْوَاب الْمقنع ص ٢٥٦، ٢٥٧ "الْقمَار مصدر قامر إِذا لعب مَعَه على مَال يَأْخُذهُ الْغَالِب من المغلوب، كَائِنا مَا كَانَ، إِلَّا مَا اسْتثْنِي فِي بَاب السَّبق، يُقَال: قمره يقمره ويقمره، بِضَم الْمِيم وَكسرهَا، عَن صَاحب الْمُحِيط وأقمره، عَن ابْن القطاع وَغَيره".
٤ فتح الْبَارِي كتاب التَّفْسِير بَاب: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللاّتَ وَالْعُزَّى﴾ ٨/٦١١، حَدِيث (٤٨٦٠) وَكتاب الاسْتِئْذَان بَاب كل لَهو بَاطِل إِذا شغل عَن طَاعَة الله ١١/٩١، حَدِيث (٦٣٠١)، وَكتاب الْأَدَب بَاب من لم ير إكفار من قَالَ ذَلِك متأولًا أَو جَاهِلا ١٠/٥١٦، وَكتاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور بَاب لَا يحلف بِاللات والعزى وَلَا بالطواغييت ١١/٥٣٦، حَدِيث (٦٦٥٠) .
وصحيح مُسلم كتاب الْأَيْمَان بَاب من حلف بِاللات والعزى فَلْيقل: لَا إِلَه إِلَّا الله ٢/١٢٦٧، حَدِيث (١٦٤٧) .
٥ صَحِيح مُسلم الْموضع السَّابِق ٢/١٢٦٨. وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم ١١/١٠٧: "قَالَ الْعلمَاء: "أَمر بِالصَّدَقَةِ تكفيرًا لخطيئته فِي كَلَامه بِهَذِهِ الْمعْصِيَة". قَالَ الْخطابِيّ: "مَعْنَاهُ فليتصدق بِقدر مَا أَمر أَن يقامر بِهِ". وَالصَّوَاب الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ، وَهُوَ ظَاهر الحَدِيث أَنه لَا يخْتَص بذلك الْمِقْدَار، بل يتَصَدَّق بِمَا تيَسّر، مِمَّا ينطبق عَلَيْهِ اسْم الصَّدَقَة، وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة معمر الَّتِي ذكرهَا مُسلم: "فليتصدق بِشَيْء" أ. هـ.
1 / 174
وَثَبت عَن النَّبِي ﷺ أَنه قَالَ: " الصَّدَقَة تُطْفِئ الْخَطِيئَة، كَمَا يُطْفِئ المَاء النَّار" ١.
وَكَذَلِكَ عدد الاسْتِغْفَار ورد فِيهِ حَدِيث أبي هُرَيْرَة ﵁، قَالَ: قَالَ
_________
١روى عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه بَاب الْأُمَرَاء ١١/٣٤٥، رقم (٢٠٧١٩)، وَأحمد فِي مُسْنده ٣/٣٢١، ٣٩٩، (طبع الْمكتب الإسلامي)، وَالْبَزَّار (كثف الأستار كتاب الْإِمَارَة بَاب الدُّخُول على أهل الظُّلم ٢/٢٤١، رقم ١٦٠٩)، وَابْن حبَان فِي صَحِيحه (تَرْتِيب ابْن بلبان كتاب الصَّلَاة بَاب فضل الصَّلَوَات الْخمس ٥/٩، رقم ١٧٢٣)، وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك فِي معرفَة الصَّحَابَة ٣/٣٧٩، ٣٨٠، وَفِي الْفِتَن والملاحم ٤/٤٢٢ من طَرِيق عَن عبد الله بن عُثْمَان بن خثيم عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط عَن جَابر بن عبد الله ﵄ أَن النَّبِي ﷺ قَالَ لكعب بن عجْرَة: " أَعَاذَك الله يَا كَعْب بن عجْرَة من إِمَارَة السُّفَهَاء"، قَالَ: وَمَا إِمَارَة السُّفَهَاء؟ قَالَ: " أُمَرَاء يكونُونَ بعدِي لَا يهْدُونَ بِهَدي، وَلَا يستثنون بِسنتي، فَمن صدقهم بكذبهم، أَو أعانهم على ظلمهم، فَأُولَئِك لَيْسُوا مني وَلست مِنْهُم، وَلَا يردون عليّ حَوْضِي، وَمن لم يُصدقهُمْ على كذبهمْ، وَلم يُعِنْهُمْ على ظلمهم، فَأُولَئِك مني وَأَنا مِنْهُم، وسيردون عَليّ حَوْضِي، يَا كَعْب بن عجْرَة الصَّوْم جنَّة، وَالصَّدََقَة تُطْفِئ الْخَطِيئَة، وَالصَّلَاة قرْبَان- أَو قَالَ: برهَان- يَا كَعْب بن عجْرَة إِنَّه لَا يدْخل الْجنَّة لحم نبت من سحت أبدا، النَّار أولى بِهِ، يَا كَعْب بن عجْرَة النَّاس غاديان، فمبتاع نَفسه فمعتقها، أَو بَائِعهَا فموبقها ". وَإِسْنَاده حسن، عبد الله بن عُثْمَان صَدُوق، من رجال مُسلم، وَعبد الرَّحْمَن بن سابط ثِقَة من رجال مُسلم أَيْضا، وَصَححهُ الْحَاكِم، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيّ، وَصَححهُ أَحْمد شَاكر فِي تَعْلِيقه على سنَن التِّرْمِذِيّ ٢/٥١٤، ٥١٥، وَقَالَ الأرنؤوط فِي تَعْلِيقه على صَحِيح ابْن حبَان: "صَحِيح على شَرط مُسلم ".
وَله شَاهد بِنَحْوِهِ من حَدِيث كَعْب بن عجْرَة، رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي الصَّلَاة بَاب مَا ذكر فِي فضل الصَّلَاة ٢/٥١٢، ٥١٣، حَدِيث (٦١٤)، وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْكَبِير ١٩/١٠٥، ١٠٦، حَدِيث (٢١٢) من طَرِيقين عَن عبيد الله بن مُوسَى حَدثنَا غَالب أَبُو بشر عَن أَيُّوب بن عَائِذ الطَّائِي عَن قيس بن مُسلم عَن طَارق بن شهَاب عَن كَعْب بِهِ. وَإِسْنَاده ضَعِيف. رِجَاله ثِقَات رجال الصَّحِيحَيْنِ، عدا أبي بشر فَهُوَ مَقْبُول، كَمَا فِي التَّقْرِيب، وَقد صَححهُ أَحْمد شَاكر فِي تَعْلِيقه على سنَن التِّرْمِذِيّ وَذكره الشَّيْخ مُحَمَّد نَاصِر الدّين فِي صَحِيح سنَن التِّرْمِذِيّ ١/١٨٩.
وروى عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي بَاب الْمَفْرُوض من الْأَعْمَال والنوافل ١١/١٩٤، رقم (٢٠٣٠٣)، والإِمام أَحْمد ٥/٢٣١ (طبع الْمكتب الإسلامي)، وَالتِّرْمِذِيّ فِي الْإِيمَان بَاب مَا جَاءَ فِي حُرْمَة الصَّلَاة ٥/١١، ١٢، حَدِيث (٢٦١٦)، وَابْن مَاجَه فِي الْفِتَن بَاب كف اللِّسَان فِي الْفِتْنَة ٢/١٣١٤، ١٣١٥، حَدِيث (٣٩٧٣)، وَالنَّسَائِيّ فِي الْكُبْرَى كَمَا فِي تحفة الْأَشْرَاف ٨/٣٩٩، حَدِيث (١١٣١١) وَعبد بن حميد فِي الْمُنْتَخب من الْمسند ص ٦٨، ٦٩، رقم (١١٢) من طَرِيق عَاصِم بن أبي النجُود عَن أبي وَائِل عَن معَاذ قَالَ: كنت مَعَ النَّبِي ﷺ فِي سفر- ذكر الحَدِيث بِطُولِهِ – وَفِيه: قَالَ النَّبِي ﷺ: " أَلا أدلك على أَبْوَاب الْخَيْر؟ الصَّوْم جنَّة وَالصَّدََقَة تُطْفِئ الْخَطِيئَة كَمَا يُطْفِئ المَاء النَّار ... ". وَقد أعل الْحَافِظ ابْن رَجَب هَذَا الْإِسْنَاد بالانقطاع بَين أبي وَائِل ومعاذ، وَأعله بعلة أُخْرَى. ينظر جَامع الْعُلُوم وَالْحكم ٢/١٣٥.
وَلِهَذَا الحَدِيث – حَدِيث معَاذ ﵁ – طرق أُخْرَى يطول الْكَلَام بذكرها. وَقد صَححهُ بِمَجْمُوع طرقه الشَّيْخ مُحَمَّد نَاصِر الدّين فِي السلسلة الصَّحِيحَة ٣/١١٤، ١١٥، حَدِيث (١١٢٢)، وَشُعَيْب الأرنؤوط فِي تَعْلِيقه على جَامع الْعُلُوم وَالْحكم ٢/١٣٤، وَينظر الزّهْد لوكيع، رقم (٣٠، ٢٨٦، ١٠٩)، وصحيح سنَن ابْن مَاجَه ٢/٣٥٩.
1 / 175