ওডিপাস এবং থিসিউস
أوديب وثيسيوس: من أبطال الأساطير اليونانية
জনগুলি
لقد سمع الناس من هذه الصيحة شكاة، مع أنها لم تكن إلا ملاحظة للحقيقة الواقعة. كانت هذه الصيحة تعني أن الظلمة قد بددها بالقياس إلى ضوء خارق للطبيعة يغمر عالم النفوس. وكانت هذه الصيحة تعني: أيتها الظلمة ستكونين منذ الآن ضوئي، وفي الوقت الذي كانت الظلمة فيه تحجب عن عيني جمال السماء كانت سماء أخرى داخلية قد أخذت تتألق فيها النجوم.
ثم سكت ولبث لحظة مغرقا في تفكير عميق، ثم قال: لقد كانت تظن بي الفطنة أثناء الشباب، وكنت أرى نفسي فطنا. ألم أكن أول من أجاب! بل ألم أكن الوحيد الذي أجاب على سؤال أبي الهول! ولكن يخيل إلي أني لم آخذ في النظر الصادق الصحيح إلا منذ فقأت عيني بيدي، وحلت بينهما وبين الضوء. أجل! في الوقت الذي يحجب فيه العالم الخارجي عن عيني إلى آخر الدهر تتاح لضميري نظرة جديدة إلى عالم داخلي كان العالم الخارجي يشغلني عنه ويحملني على ازدرائه.
وهذا العالم الذي لا يحس، والذي لا تستطيع حواسنا أن تطمع في بلوغه هو فيما أعلم الآن وحده الحق. فأما ما عداه فوهم يخدعنا ويصدنا عن مشاهدة العالم الإلهي «يجب أن ننصرف عن رؤية العالم لنرى الإله.» كذلك كان يقول لي ذات يوم ذلك الحكيم الضرير تيرسياس، ولم أكن أفهم عنه حينئذ كما أرى الآن يا ثيسيوس أنك لا تفهم عني.
قلت: لا أحاول أن أنكر خطر هذا العالم الذي تستكشفه منذ فقدت عينيك، ولكن الذي لا أفهمه هو أنك تجعل هذا العالم ضدا معاندا للعالم الذي نراه ونعيش ونعمل فيه.
أجاب: ذلك أن نظرة الضمير هذه أظهرتني لأول مرة على ما لم أكن أرى، فاقتنعت بهذا الذي ستسمعه. لقد أقمت ملكي الإنساني على جريمة فنشأ عن ذلك أن أصبح كل ما أتيته بعد الملك ملوثا، لا بالقياس إلى ما صدر عني أنا من قول أو عمل فحسب، بل كذلك بالقياس إلى ابني اللذين تركت لهما التاج؛ فقد تركت من الفور ذلك الملك المخزي الذي ساقته إلي الجريمة.
وأنت تستطيع أن تعرف إلى أي جريمة جديدة دفع ابناي وأي قضاء مهين مخز قد ألح على كل ما تلد الإنسانية الخاطئة. وليس ابناي إلا مثلا صارخا لهذه المحنة؛ فهما ثمرة الإثم، وهما من أجل ذلك أشد ملاءمة لهذه المحنة، ولكن يخيل إلي أن هناك إثما مستأصلا قد شقيت به الإنسانية، ولن ينجو من آثاره أحد حتى الأخيار، إلا أن تنال الإنسانية رحمة تغسل عنها هذا الوضر.
ثم عاد إلى الصمت لحظات كأنه كان يريد أن يمعن في التفكير إلى أبعد مما بلغ، ثم قال: إنك تدهش لأني فقأت عيني، وأنا أيضا دهش. ولكن لعل في هذا العمل الأحمق القاسي شيئا آخر هو هذه الحاجة الخفية إلى أن أدفع حظي إلى غايته، وأبلغ بألمي أبعد آماده، وأتم بذلك مصيرا من مصاير الأبطال.
ولعلي أحسست في غير وضوح ما في الألم من جلال وتطهير للنفوس يكره البطل أن يمتنع عليه، وأعتقد أن هذا هو الذي يثبت عظمته، وأنه لا يرقى إلى العظمة حقا إلا حين يسقط ضحية، فيكره بذلك الآلهة على أن يعرفوه، وينزع من أيديهم سلاح الانتقام.
ومهما يكن من شيء فإن خطاياي وآثامي مهما تبلغ من الشناعة والبشاعة، لا تمنعني الآن من أن أجد سعادة داخلية رائعة تكافئ كل ما لقيت من ألم وما شقيت به من بؤس.
قلت حين رأيت أنه أتم حديثه: أيها العزيز أوديب، لا يسعني إلا أن أثني على هذه الحكمة التي تصطنعها، والتي تتجاوز طاقة الإنسان. ولكن تفكيري لا يستطيع أن يرافق تفكيرك في هذه الطريق؛ فأنا ابن هذه الأرض، وسأبقى ابنها، وأرى أن الإنسان كائنا من يكون، ومهما يكن حظه من هذا الإثم المستأصل الذي تشير إليه، يجب أن يلعب بالورق الذي أتيح له في هذه الدنيا. وأكبر الظن أنك قد أحسنت الانتفاع بما كتب عليك من البؤس. ولعلك قد أمعنت في ذلك حتى أتيح لك الاتصال بهذا الذي تسميه الإله، بل أنا أعتقد أن نوعا من البركة يتصل بك، ويحل كما يقال في الأرض التي تضم جثتك بعد الموت.
অজানা পৃষ্ঠা