النور لعثمان الأصم
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
هذا
كتاب النور
الشيخ العالم الفقيه عثمان بن أبي عبدالله الأصم
الحمد لله الأول الذي لم يزل قبل كل شئ, والآخر الذي لا يزال بعد كل شئء, والعالم بكل شئ, والخالق لكل شئ, والقادر على كل شئ, والمالك لكل شئء, والمحصي لعدد كل شئء, لا محدود كالمحدوادت, ولا كيفية له كالمكيفيات, فنفسه ذاته, وذاته إثباته, لا أداة كالأدوات, ولا نفس كأنفس المنفوسات, ليس كمثله شئء في الأرض ولا في السماوات.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشئرا ونذيرا, وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه, وسلم تسليما كثيرا.
الباب الأول
في التوحيد
واختلاف الناس في البارئ عز وجل
اختلاف الناس في البارئ عز وجل.
فقال الموحدون: أهل العدل: إنه تعالى واحد ليس كمثله شئء.
وقالت الدهرية بالنفي المحض ليس بشئء, وإنما الدنيا لم تزل كما ترى (نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون).
وقالت الثنوية: اثنين.
وقالت النصارى: ثلاثة.
ثم اختلف الذين قالوا بوحدانية الله - عز وجل - على وجهين: وجه أثبتوا معبودهم واحدا (ليس كمثله شئء) وهم أهل العدل, والباقون مشبهة, وإن اختلفوا في كيفية البارئ, وما هو من شئ.
وقال بعض من قال: إن البارئ هو هذا الهواء المحيط بالأشئاء, ونفى ذلك آخرون وقالوا: هو هذه الرياح العاصفة, وكيف يكون الهواء, والهواء له بعض, وما كان له بعض فله كل, وكله مجتمع في الحرارة, والحرارة محيطة به, وكل ذلك في العقل, والعقل محيط بالهواء, والهواء وما في الهواء من السماوات والأرض وما فيهما في العقل كحلقة في أرض فلاة, وهذا العقل خلفه.
وعبره بعض بالعقل الفعال, وبعض عبره بالعقل الكلي.
পৃষ্ঠা ১