وخرَّج ابن أبي الدُّنْيَا (١) من حديثِ أبي عبَيدةَ بنِ عبدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ "أنَّ رجلًا جاءَ إلى النبيِّ ﷺ فقالَ يا رسولَ اللَّهِ، إنَّ بَني فُلانٍ أغاروا عليَّ فذهبُوا بابنِي وإبلِي. فقالَ له النبيُّ ﷺ: إنَّ آلَ محمَّدٍ كذا وكذا أهلَ بيتٍ ما لهُم مدٌّ منْ طعامٍ أو صاعٍ، فاسألِ اللَّهَ ﷿.
فرجعَ إلى امرأتهِ، فقالت: ما قالَ لكَ؟ فأخبرَهَا، فقالتْ: نِعْمَ ما رَدَّ عليكَ. فما لبثَ أن ردَّ اللَّهُ عليه ابنَه وإبلَهُ أوفرَ ما كانتْ.
فأتى النبيَّ ﷺ فأخبرَهُ فصعدَ المنبرَ فحَمِدَ اللَّهَ وأثنى عليهِ، وأمرَ الناسَ بمسألةِ اللَّهِ ﷿ والرغبة إليهِ، وقرأَ عليهِمْ: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: ٢، ٣].
وسأل رجل ثابتًا البناني أن يشفع له إِلَى قاض في قضاء حاجة له، فقام ثابت معه، فكان كلما مر بمسجد في طريقه دخل فصلى فيه ودعا، فما وصل إِلَى مجلس القاضي إلا وقد قام منه، فعاتبه طالب الحاجة في ذلك فَقَالَ: ما كنت إلا في حاجتك. فقضى الله حاجته، ولم يحتج إِلَى القاضي.
وكان إِسْحَاقَ بْنِ عَبَّادٍ الْبَصْرِيِّ نَائِمًا، فَرَأَى فِي مَنَامِي قَائِلًا يَقُولُ لَهُ: أَغِثِ الْمَلْهُوفَ. فاسْتَيْقَظَ فَسَأَلَ: هَلْ فِي جِيرَانِهِ مُحْتَاجٌ؟ قَالُوا: مَا نَدْرِي؟ ثُمَّ نَامُ فَأَتَاهُ ثَانِيًا وَثَالِثًا، فَقَالَ لَهُ: أَتَنَامُ وَلَمْ تُغِثِ الْمَلْهُوفَ؟ فَقَامَ وَأَخَذَ مَعَهُ ثَلَاثَمِائَةَ دِرْهَمٍ، وَرَكِبَ بَغْلَه فخرج إِلَى البَصْرَةِ حَتَّى وَقَفَ بِهِ عَلَى بَابِ مَسْجِد يُصَلَّى فِيهِ عَلَى الْجَنَائِزِ، فَدَخَلَ المَسْجِدَ فَإِذَا رَجُلٌ يُصَلِّي فَلَمَّا أحَسَّ بِهِ انْصَرَفَ فَدَنَا مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ، فِي هَذَا الْوَقْتِ؟ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؟! مَا أَخْرَجَتْكَ؟ قَالَ: أَنَا رَجُلٌ كَانَ رَأْسُ مَالِي مِائَةَ دِرْهَمٍ فَذَهَبَتْ مِنْ يَدَيَّ وَلَزِمَنِي دَيْنُ مِائَتَا دِرْهَمٍ. فَأَخْرَجَ لَهُ الدَّرَاهِمَ وَقَالَ: هَذِهِ ثَلَاثُمِائَةِ دِرْهَمٍ خُذْهَا. فَأَخَذَهَا ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَتَعْرِفُنِي؟ قَالَ: لَا.
قَالَ لَهُ: أَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبَّادٍ، فَإِنْ نَابَتْكَ نَائِبَةٌ فَأْتِنِي فَإِنَّ مَنْزِلِي فِي مَوْضِعِ كَذَا.
_________
(١) في الفرج بعد الشدة (١٠)، وفي القناعة والتعفف (٥٤).
3 / 128