فهكذا كن لله ﷿
وقال صالح بن عبد الكريم يقول الله ﷿ "وعزتي وجلالي لا أطلع عَلَى قلب عبد أعلم أن الغالب عليه حب التمسك بطاعتي، إلا توليت سياسته وتقويمه".
وفي بعض الكتب المتقدمة: يقول الله ﷿ "يا ابن آدم، ألا تعلمني ما يضحكك؟! يا ابن آدم، اتقني ونم حيث شئت".
والمعنى: أنك إذا قمت بما عليك لله من حقوق التقوى فلا تهتم بعد ذلك بمصالحك، فإن الله هو أعلم بها منك، وهو يوصلها إليك عَلَى أتم الوجوه من غير اهتمام منك بها.
وفي حديث جابر عن النبي ﷺ "مَنْ كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَعْلَمَ مَنْزِلَتَهُ عِنْدَ اللَّهِ، فَلْيَنْظُرْ كَيْفَ مَنْزِلَةِ اللَّهِ عَنْهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يُنْزِلُ الْعَبْدَ مِنْهُ، حَيْثُ أَنْزَلَهُ مِنْ نَفْسِهِ» (١).
فهذا يدل عَلَى أنَّه على قدر اهتمام العبد بحقوق الله وبأداء حقوقه ومراعاة حقوقه ومراعاة حدوده، واعتنائه بذلك وحفظه له يكون اعتناؤه به وحفظه له، فمن كان غاية همه رضا الله عنه وطلب قربه ومعرفته ومحبته وخدمته، فإن الله يكون له عَلَى حسب ذلك كما قال تعالى ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة: ١٥٢] ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ [البقرة: ٤٠] بل هو سبحانه أكرم الأكرمين، فهو يجازي بالحسنة عشرًا ويزيد، ومن تقرَّب منه شبرًا تقرب منه ذراعًا. ومن تقرب منه ذراعًا تقرب منه باعًا، ومن أتاه يمشي أتاه هرولة.
فما يؤتى الإنسان إلا من قِبل نفسه ولا يصيبه المكروه إلا من تفريطه في حق
_________
(١) أخرجه أبو يعلي (١٨٦٥، ٢١٣٨)، والطبراني في "الأوسط" (٢٥٠١) والحاكم (١/ ٤٩٤) وصححه، وتعقبه الذهبي في "التلخيص" بقوله قلت عمر ضعيف.
وقال الطبراني: لا يروى هذا عن جابر إلا بهذا الإسناد تفرد به عمر.
وذكره الهيثمي في "المجمع" (١٠/ ٧٧) وقال: وفيه عمر بن عبد الله مولى غفرة.
وقد وثقه غير واحد وضعفه جماعة، وبقية رجالهم رجال الصحيح.
وقال الطبراني: لا يروى هذا عن جابر إلا بهذا الإسناد تفرد به عمر.
3 / 111