بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي دل على ذاته بذاته وتنزه عن مجانسة مخلوقاته، وأرشد العباد إلى توحيده بالبراهين القاطعة والآيات الساطعة، وبعث الأنبياء وأرسل الرسل لتعليم الناس وتزكيتهم، فبينوا طرق الهدى من طرق الضلال، وبشروا بالنعيم المقيم، وحذروا من العذاب الأليم، والصلاة والسلام على من ختمت بشريعته الشرائع وبنبوته النبوات أبي القاسم محمد المصطفى، وعلى أهل بيته أئمة الحق وسادة الخلق، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
وبعد، فمن دواعي افتخار هذه الأمة المرحومة أن من الله عليها فجعلها من أتباع أقرب الخلق إليه منزلة وأشرفهم مرتبة وأعلاهم قدرا وأحوطهم علما، تراجمة وحيه وخزان علمه، نعني محمدا وأهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فجرت ينابيع الحكمة على ألسنتهم، ونطقت بدلائل العصمة سيرتهم في حياتهم، وانطوت على أسرار المبدأ والمعاد وحقائق الملك والملكوت كلماتهم وبياناتهم، فأتموا الحجة وأزاحوا دواعي الظلمة، فلله درهم من سادة ميامين وهداة صادقين، وعلى الله جزيل أجرهم.
ومن نعم الله أيضا على هذه الأمة أن هيأ لها في كل عصر وزمان رجالا بلغوا في العلم والمعرفة مرتبة وفي الشرف والفضيلة منزلة تمكنوا من خلالها فهم كلام
পৃষ্ঠা ৩
أهل بيت العصمة وكشف أسراره ومعانيه وحل ألغازه ومعرفة مبانيه، فكتبوا الكثير وسطروا الطوامير في شرح الاخبار وتأويلها وتفسيرها فكانوا خير حلقة وصل بين أئمتهم وبين شيعتهم، جزاهما الله عنهما خير الجزاء.
ومن أولئك الاعلام الذين اشتهر فضلهم وعم خيرهم وشهد لهم بالفهم والتدقيق أرباب العلم والتحقيق المحدث الخبير المرحوم السيد نعمة الله الجزائري عمه ربه بشآبيب المغفرة والرضوان الذي وظف حياته في خدمة تراث أجداده الميامين، ألف الكثير فأبدع وأحسن، وكتب في مختلف العلوم والفنون فأجاد وأتقن، وخيره وبركاته وفيضه أشهر من نار على علم.
والكتاب الماثل بين يديك - عزيزنا القارئ - واحد من المسطورات المهمة التي جادت بها أنامل هذا الحبر الجليل ويعد من أنفع ما كتب في شرح كتاب التوحيد للشيخ الصدوق رضوان الله عليه. وسماه ب (نور البراهين في بيان أخبار السادة الطاهرين) أو (أنيس الوحيد في شرح التوحيد).
وتخليدا لجهود علمائنا الأبرار وتعريضا بعطائهم الثر تصدرت مؤسستنا لطبع هذا الكتاب ونشره شاكرين لفضيلة حجة الاسلام السيد مهدي الرجائي حفظه الله جهوده ومساعيه المبذولة في سبيل تحقيق هذا الكتاب، نفعه الله به وأرضاه وجعله ذخرا له ولنا يوم نلقاه، إنه خير موفق ومعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
পৃষ্ঠা ৪
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة على خير خلقه وأفضل بريته محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين. قد اتجه علماء الشيعة اتجاها ملحوظا في جميع الميادين العلمية منذ أقدم عصورهم، وامتد نشاطهم وحركتهم الفكرية إلى كل ما كان هناك من علوم معروفة، وشمل نشاطهم إلى جانب الفقه وأصوله الكلام وعلوم القرآن واللغة والأدب، ونجد هذا النشاط بارزا على مؤلفاتهم الكثيرة التي تعكس اتجاههم العلمي ونشاطهم الفكري.
ومن الواجب علينا أن لا ننسى لهم ما قاموا به من الادوار الكبيرة في الحركة الثقافية في الأحقاب الاسلامية الماضية، وما نالوها من الابتلاءات والمصائب الفجيعة في حفظ هذه الحركة المباركة.
انه لمن المدهش حقا أن نجد كثيرا من مفكري الشيعة وعلمائهم قد سبقوا عصورهم بأجيال بمعلوماتهم ونظرياتهم وآثارهم، وتركوا حقائق علمية مثيرة.
ومن علماء الشيعة الذين برزوا في هذه الميادين العلمية والعملية والاجتماعية هو المحدث الجليل والفقيه المحقق العارف بأساليب الاخبار السيد نعمة الله الجزائري أسكنه الله بحبوحات جناته، وجزاه الله عن الاسلام وأهله خير الجزاء.
اسمه ونسبه:
هو السيد نعمة الله الحسيني الموسوي الجزائري ابن السيد عبد الله بن السيد محمد ابن السيد حسين بن السيد أحمد بن السيد محمود بن السيد غياث الدين بن السيد مجد
পৃষ্ঠা ৫
الدين بن السيد نور الدين بن السيد سعد الدين بن السيد عيسى بن السيد موسى بن السيد عبد الله بن الإمام موسى الكاظم عليه السلام.
هكذا أورد المترجم نسبه الشريف في كتابه الأنوار النعمانية (1: 380).
وقال حفيده العلامة السيد عبد الله الجزائري في الإجازة الكبيرة [ص 77] وقد رأيت صورة نسبه بخطه في موضعين هكذا، ثم سرد النسب كما هنا.
وقال المحدث النوري في المستدرك [3: 404]: وكان بعض أجداده يلقب بشمس الدين قال السيد في المقامات: وأما جدنا صاحب الكرامات السيد شمس الدين قدس الله روحه، فكان له ثور يرعى بعيدا من البيوت وأتاه السبع وافترسه لكنه وقف عنده ولم يأكل منه شيئا، فأخبروا جدنا، فأخذ الحبل الذي كان يربط به الثور وأتى معه إلى الأسد فقصده ووضع الحبل في رقبته وقاده إلى منزله والناس متحيرون، وربطه عنده تلك الليلة وقال: أتخذه للحرث عوضا عن ثوري، فقال له الجيران: هذا لا يصير لأنا نخاف منه، فحينئذ أرسله من يده حتى قال بعض الشعراء في مدح أولاده:
سادة حسينيين أهل التقى والدين أولاد شمس الدين جاب السبع ثوره الثور يا سادة السبع ما رواه والناس شهادة غياب وحضوره الاطراء عليه:
قال شيخه الجليل العلامة المجلسي في اجازته له: السيد الأيد، الحبيب اللبيب، الأديب الأريب، الفاضل الكامل، المحقق المدقق، جامع فنون العلم وأصناف السعادات، حائز قصبات السبق في مضامير الكمالات، الأخ الوفي، والصاحب الرضي، السيد نعمة الله الحسيني الجزائري، رزقه الله الوصول إلى أعلى مدارج المتقين، واقتفاء آبائه الطاهرين، فاستجازني تأسيا بسلفنا الصالحين، ولينظم بذلك في سلك رواة أخبار أئمة الدين سلام الله عليهم أجمعين، وكان ذلك بعد أن بلغ الغاية القصوى في الدراية، ورقى العلوم ومناكبها، ورمى بأرواقه عن مراكبها، وعقدت لإفادته المجالس، وغصت بمواعظه المحافل والمدارس، وصنف في أكثر العلوم الدينية والمعارف
পৃষ্ঠা ৬
اليقينية مصنفات رائقة، يسطع منها أنوار الفضل والعرفان.
وقال شيخه المحدث الحر العاملي في أمل الآمل [2: 326]: فاضل، عالم، محقق، علامة، جليل القدر، مدرس من المعاصرين.
وقال المولى الميرزا عبد الله الأفندي في رياض العلماء [5: 253]: فقيه، محدث، أديب، متكلم، معاصر، ظريف، مدرس، والآن هو شيخ الاسلام من قبل السلطان بتستر.
وقال الفقيه المحدث الشيخ يوسف البحراني في لؤلؤة البحرين [ص 111]: كان هذا السيد فاضلا، محدثا، مدققا، واسع الدائرة في الاطلاع على أخبار الامامية وتتبع الآثار المعصومية الخ .
وقال حفيده العلامة السيد عبد الله الجزائري في الإجازة الكبيرة [ص 70]:
المتبحر الجليل النبيل، المشهور ذكره في الآفاق، المشهود بفضله على الاطلاق، وكان من مبدأ نشوئه إلى آخر عمره مولعا بطلب العلم ونشره وترويجه، كدودا لا يفتر عنه ولا يميل، وكان في أسفاره يستصحب ما يقدر عليه من الكتب، فإذا نزلت القافلة وضعها واشتغل بها إلى وقت الرحيل، وربما كان يأخذ الكتاب بيده يطالع فيه وهو راكب في المسير.
ثم قال: انتقل إلى تستر وأقام بها ووقع من نفوس أهلها أعظم موقع، ونشر فيها العلوم الشرعية، وقنن محاسن الشرع - وكانت مهجورة فيها منذ زمن الشيخ عبد اللطيف الجامعي - وحث الناس على بناء المساجد وأداء الجماعات والجمعات، وتصدى للأمور الحسبية على أكمل نظام، وجميع ما يوجد إلى الآن من الرسوم والآداب الشرعية في هذه البلدة فإنما هي من بقايا آثاره، وجميع من نشأ بعده من العلماء والمشتغلين وأئمة المساجد والوعاظ والمتهذبين فهم من تلامذته وأتباعه ولو بالواسطة.
وقال المحقق الشيخ أسد الله التستري في مقابس الأنوار [ص 17]: السيد السند، والركن المعتمد، الفقيه الوجيه، المحدث النبيه، المحقق النحرير، المدقق العزيز النظير، واسع العلم والفضل، جليل القدر والمحل، سلالة الأئمة الأبرار، والد الأماجد الأعاظم الأكارم الأخيار والأكابر المنتشرين نسلا بعد نسل في الأقطار والأمصار، العلامة الفهامة، التقى الرضي السري.
وقال العلامة الخوانساري في روضات الجنات [8: 150]: السيد السند المعتمد
পৃষ্ঠা ৭
الجليل الأواه نعمة الله.... كان من أعاظم علمائنا المتأخرين، وأفاخم فضلائنا المتبحرين، واحد عصره في العربية والأدب والفقه والحديث، وأخذ حظه من المعارف الربانية بحثه الأكيد وكده الحثيث، لم يعهد مثله في كثرة القراءة على أساتيد الفنون، ولا في كسبه الفضائل من أطراف الخزون بأصناف الشجون. كان مع مشرب الاخبارية كثير الاعتناء والاعتداد بأرباب الاجتهاد، وناصر مذهبهم في مقام المقابلة منهم بأصحاب العناد وأعوان الفساد، صاحب قلب سليم، ووجه وسيم، وطبع مستقيم، ومؤلفات مليحة، ومستطرفات في السير والآداب والنصيحة، ونوادر غريبة في الغاية، وجواهر من أساطير أهل الرواية.
إلى غير ذلك من اطراء أصحاب المعاجم وأرباب التراجم، ولقد وصفوه وأثنوا عليه جميل الثناء، واكتفينا بهذا النزر القليل من الاطراء عليه، وفيه كفاية لمن له قلب سليم.
سير في حياة المؤلف بقلمه الشريف:
قد كتب المترجم قدس سره نبذة من حياته العلمية والاجتماعية وعن بدو تحصيله، وقاصي فيه المشقات الشديدة والعقبات الهائلة حتى حاز أعلى مرتبة الكمال والسعادة في الدارين، وها هو شأن علمائنا العاملين والذين حازوا المكانة العلمية والاجتماعية في المجتمع الثقافي، وما بلغوها الا بالمصائب المؤلمة والابتلاءات الشاقة والأهوال الفجيعة، وأنا أذكر هنا نص ما كتبه المترجم عن حياته، وقد ترجمه المحقق الخبير الشيخ التنكابني في خاتمة كتابه قصص العلماء باللغة الفارسية، واليك نص ما كتبه المترجم في خاتمة كتابه أنوار النعمانية:
إعلم أطال الله بقاك أن مولد الفقير هو سنة خمسين بعد الألف، وسنة تأليف هذا الكتاب هي السنة التاسعة والثمانون بعد الألف، فهذا العمر القليل قد مضى منه تسعة وثلاثون سنة، فانظر إلى ما أصاب صاحبه من المصائب والأهوال.
ومجمل الأحوال هو أنه لما مضى من أيام الولادة خمس سنين، وكنت مشغوفا باللهو واللعب الذي يتداوله الأطفال، فكنت جالسا يوما مع صاحب لي ونحن في بعض لعب الصبيان إذ أقبل إلي المرحوم والدي، فقال لي يا بني امض معي إلى المعلم وتعلم الخط والكتابة حتى تبلغ درجة الاعلام، فبكيت من هذا الكلام وقلت: هذا شئ لا يكون،
পৃষ্ঠা ৮
فقال: لي: ان صاحبك هذا نأخذه معنا ويكون معك يقرأ عند المعلم.
فأتى بنا إلى المكتب وأجلسنا فيه، فقرأت أنا وصاحبي حروف الهجاء، فأتيت اليوم الآخر إلى والدتي وقلت لها: ما أريد المكتب بل أريد اللعب مع الصبيان، فحدثت والدي فما قبل منها، فأيست من قبوله، فقلت: ينبغي أن أجعل جدي وجهدي في الفراغ من قراءة المكتب، فما مضت أيام قلائل حتى ختمت القرآن وقرأت كثيرا من القصائد والاشعار في ذلك الوقت، وقد بلغ العمر خمس سنين وستة أشهر.
فلما فرغت من قراءة القرآن جئت إلى والدتي وطلبت منها اللعب مع الصبيان، فأقبل إلي والدي - تغمده الله برحمته - وقال لي: يا ولدي خذ كتاب الأمثلة وامض معي إلى رجل يدرسك فيها، فبكيت فأراد إهانتي وأخذني إلى رجل أعمى، لكنه كان قد أحكم معرفة الأمثلة والبصروية وبعض الزنجاني، فكان يدرسني، وكنت أقوده بالعصا وأخدمه، وبالغت في خدمته لأجل التدريس.
فلما قرأت الأمثلة والبصروية واردت قراءة الزنجاني انتقلت إلى رجل سيد من أقاربنا كان يحسن الزنجانية والكافية، فقرأت عليه وفي مدة قراءتي عنده كان يأخذني معه كل يوم إلى بستانه ويعطيني منجلا ويقول لي: يا ولدي حش هذا الحشيش لبهائمنا، فكنت أحش له وهو جالس يتلو علي صيغ الصرف والاعلال والادغام، فإذا فرغت شددت الحشيش حزمة كبيرة وحملته على رأسي إلى بيته، وكان يقول لي: لا تخبر أهلك بهذا.
فلما مضى فصل الحشيش وأقبل فصل رود الإبريسم، فكنت كل يوم أحمل له حزمة من خشب التوت حتى صار رأسي أقرع، فقال لي والدي رحمه الله: ما لرأسك؟ فقلت:
لا أعلم، فداواني حتى رجع شعر رأسي إلى حالته.
فلما فرغت من قراءة الزنجاني وأردت قراءة الكافية قصدت إلى قرية تسمى كارون، ونحن في قرية يقال لها: الصباغية في شط المدك، فقرأت في تلك القرية عند رجل فاضل وأقمت عندهم، فكنت يوما في المسجد، فدخل علينا رجل أبيض الثياب عليه عمامة كبيرة كأنها قبة صغيرة، وهو يرى الناس أنه رجل عالم، فتقدمت إليه وسألته بصيغة من صيغ الصرف، فلم يرد الجواب وتلجلج، فقلت له: إذا كنت لا تعرف هذه الصيغة فكيف وضعت على رأسك هذه العمامة الكبيرة؟ فضحك الحاضرون وقام الرجل من ساعته وهذا هو الذي شجعني على حفظ صيغ الصرف وقواعده، وأنا أستغفر
পৃষ্ঠা ৯
الله من سؤال ذلك الرجل المؤمن، لكني أحمد الله على وقوع ذلك قبل البلوغ والتكاليف، فبقيت هناك كم من شهر ومضيت إلى شط يقال له: نهر عنتر، لأني سمعت أن به رجلا عالما وقد كان أخي المرحوم المغفور الفاضل الصالح الورع السيد نجم الدين يقرأ عنده.
فلما وصلت إليه لقيت أخي راجعا من عنده، فرجعت معه إلى قريتنا، ثم قصدت قرية يقال لها: شط بني أسد للقراءة على رجل عالم كان فيها، فبقيت هناك مدة مديدة، ثم رجعت إلى قريتنا، فمضى أخي المرحوم وكان أكبر مني إلى الحويزة، فقلت لوالدي:
اني أريد السفر إلى أخي إلى الحويزة لأجل طلب العلم، فأتى بي إلى شط سحاب وركبنا في سفينة وأتينا من طريق ضيق قد أحاط به القصب من الجانبين، وليس فيه متسع إلا للسفينة، وكان الوقت حارا، وهاج علينا من ذلك القصب بق كل واحدة منها مثل الزنبور، وأين ما لدغ ورم موضعه، ذلك الطريق اسمه طريق الشريف.
وفي ذلك الطريق الضيق رأينا جماعة من أهل الجاموس فقصدناهم وكنا جياعا، فخرجنا عليهم وقت العصر وفرش لنا صاحب البيت فراشا، فصار وقت المغرب، فلما صلينا صرنا في انتظار العشاء وما جاء لنا بشئ حتى أتى وقت النوم واشتد جوعنا وأخذنا النوم، فنمنا جياعا، فلما بقي من الليل بقية قليلة جاء صاحب البيت إلى قربنا وشرع ينادي جاموسه ويقول: يا صبغا ويا قرحاء هاي، فلما رفع صوته وسمعت الجاموس ذلك الصوت أقبلن إليه من بين القصب، فلما خرجن إليه سألت واحدا منهم ما يريد هذا الرجل من هذا الجاموس؟ فقال: يريد أن يحلبهن ويبرد الحليب ويطبخ لكم طعاما من الحليب والأرز، فقلت: انا لله وانا إليه راجعون، وأخذني النوم، فلما قرب الصباح أتى بقصعة كبيرة وأيقظنا، فلم نر على وجه تلك القصعة شيئا من الأرز، فمددنا أيدينا فيها إلى المرافق فوقعنا على حبات منه في قعر تلك الجفنة وشربنا من ذلك الحليب، ويا لها من ليلة ما أطولها وما كان أجوعنا فيها، خصوصا لما شربنا من هذا الحليب.
فركبنا بعد طلوع الشمس وأتينا إلى الحويزة، وقد كان أخي قبلي ضيفا عند رجل من أكابرها، ويقرأ في شرح الجامي عند رجل من أفاضلها، فتشاركنا في الدرس وبقينا نقرأ عنده في شرح الجاربردي على الشافية، وهذا الأستاذ أيضا - رحمه الله تعالى - قد استخدم علينا كثيرا، واسمه الشيخ حسن بن سبتي ، وكان قد عين على كل واحد منا انا إذا أردنا قضاء الحاجة أو البول ومضينا إلى جرف الشط أن يأتي كل واحد منا معه
পৃষ্ঠা ১০
بصخرتين أو آجرتين من قرب قلعة الترك، فربما ترددنا في اليوم إلى الشط مرارا وهذا حالنا، فلما اجتمع عنده صخر كثير أراد أن يبني منزله، فطلب وكنا نحن العملة، فبنينا له ما أراد بناه من البيوت.
وإذا مضينا معه إلى الحويزة العتيقة وأردنا الرجوع قال يا أولادي تمضون وتمشون من غير حمل؟ فكان يطلب سمكا عتيقا من أهلها وأشياء أخرى ويقول لنا: احملوه، فكنا نحمله وماؤه يجري على وجوهنا، وكنا إذا أردنا كتابة حاشية من كتابه ما يأذن لنا، لكن ربما أخذنا الكتاب منه سرقة وكتبنا منه بعض الحواشي، وهكذا كان حاله رحمه الله معنا، وكنا راضين بخدمته غاية الرضا لبركات أنفاسه الشريفة في الدرس، وكان طاب ثراه حريصا على الكتب وبقيت بعده عند أزواج بناته لا يعرف لها قيمة، وهذا كان حالنا في الدرس.
وأما بالنسبة إلى المآكل، فقد قلنا اننا كنا في بيت رجل من أكابرها، وفي أكثر الأوقات كنا نبقى في المدرسة لأجل المباحثة إلى وقت الظهر، فإذا مضينا إلى منزل الرجل وجدناهم فرغوا من الغذاء فنبقى إلى الليل، وقد كان صاحبي يلقط قشور البطيخ والرقي من الأرض ويأكلها بترابها، وكان يستتر عني بهذا حياء وخجلا، وكنت أنا أفعل مثل فعله، فأتيت يوما وطلبته فرأيته قد جمع القشور وجلس تحت الباب يأكلها بترابها، فلما رأيته ضحكت، فقال: وما يضحكك؟ فقلت: لأن هذه حالتي أنا وكل منا يكتم حاله عن الآخر، فقال: فإذا كان هذه حالنا فنجمع هذه القشور كل يوم ونغسلها بالماء ونأكلها.
فبقينا على هذا مدة، وكنا في تلك المدة نطالع على نور القمر، وكنت تعمدت حفظ متون الكتب مثل الكافية والشافية وألفية ابن مالك ونحوها، فإذا كانت الليالي مقمرة كنت أطالع، وإذا جاءت الليالي السود كنت أكرر قراءة تلك المتون على ظاهر قلبي حتى لا أنساها، وكان أهل المجلس يجلسون وأنا معهم، وكنت أظهر لهم صداع رأسي، فأضع رأسي بين ركبتي وأقرأ تلك المتون وهكذا كان حالي.
فبقيت على هذا مدة، فأتى والدي من الجزائر، وقال: ان أمكما تريدكما، فأخذنا معه إلى الجزائر، وبقينا فيها أياما قلائل، فرجعنا أيضا إلى الحويزة، فرأينا رجلا من أهل الجزائر يريد السفر إلى شيراز، فأخذ المرحوم أخي كتبه وأسبابه ومضى إلى
পৃষ্ঠা ১১
البصرة، وأتيت أنا معه إلى الجزائر، وكان شهر رمضان، فبقيت عند أهلي أربعة أيام، وركبت أنا وذلك الرجل في سفينة وقصدنا البصرة، فلما ركبت السفينة من غير خبر من أهلي ظننت أن والدي يطلبني، فقلت لأهل السفينة: أخلع ثيابي وأنزل الماء وأقبض سكان السفينة والسفينة تجري، فكنت في الماء والسفينة تسير حتى لا يراني أحد، فلما آيست من الطلب ركبت في السفينة.
وفي أثناء الطريق رأينا جماعة على جرف الشط ونحن في وسطه، فصاح لهم ذلك الشيخ وقال: أنتم من الشيعة أم من السنة؟ فقالوا: نحن من السنة، فقال لعن الله [ فلان وأبا زينب وفلان أتعرفون أن أبا زينب خ ل] عمر وأبا بكر وعثمان أتعرفون ان عمر كان مخنثا، فصاحوا عليه بالشتم واللعن، فضجوا أهل السفينة عليهم، والسفينة تجري وتلك الجماعة على جرف الشط يمشون ويرموننا بالحجارة، فبقينا على هذا الحال معهم نصف نهار، فمضينا إلى البصرة وكان سلطانها في ذلك الوقت حسين باشا، فبقينا فيها نقرأ عند رجل فاضل من أجلاء السادة، فبقينا مده قليلة.
ثم إن والدي (ره) تبعنا، فأتى ليأخذنا إلى الجزائر، فأظهرنا له الرغبة إلى ما أراد، فأتينا إلى سفينة واستأجرنا مكانا فيها من غير خبر والدي، فركبنا فيها وسافرنا إلى شيراز، فخرجنا من السفينة إلى بندر حماد، واستأجرت أنا وأخي دابة واحدة لقلة ما عندنا من الدراهم، وذلك الطريق صعب جدا من جهة الجبال، فقطعت تلك الجبال كلها وأنا حافي الاقدام، وكان عمري في ذلك اليوم يقارب الإحدى عشرة سنة، فوصلنا إلى شيراز صلاة الصبح، فمضينا إلى بيت ذلك الشيخ الذي كان معنا، وكان منزله بعيدا من مدرسة المنصورية، ونحن كنا نريد السكنى فيها، لان بعض أقاربنا كان فيها، فقال لنا ذلك الشيخ: خذوا الطريق واسألوا وقولوا مدرسة المنصورية (ميخواهيم) ومعناه بالعربية نريدها، فمضينا نمشي فحفظت أنا كلمة وأخي كلمة أخرى، فكنا إذا سألنا قال أحدنا مدرسة المنصورية قال الآخر (ميخواهيم) فوصلنا إلى تلك المدرسة، فجلست أنا في الباب ودخل أخي إليها، فكان كل من يخرج من طلبة العلم ويراني يرق لحالي وما أصابني من آثار التعب.
فلما وجدنا صديقنا قعدنا معه في حجرته، وأخذنا في اليوم الآخر لزيارة رجل فاضل وهو الشيخ البحراني، فكان يدرس في شرح ألفية ابن مالك، فسلمنا عليه وأمر لنا
পৃষ্ঠা ১২
بالجلوس، فلما فرغ سألنا من أين القدوم، فحكينا له الأحوال، فقام معنا فأخذني إلى وراء أسطوانة المسجد، فلزم اذني وعركها عركا شديدا، وقال: أيها الولد ان لم تجعل نفسك شيخا للعرب وتحب الرئاسة فيضيع به وقتك تصير رجلا فاضلا، فلزمت كلامه وانزويت عن الأحباب والأخلاء في وقت قراءتي، فمضى معنا إلى متولي المدرسة فعين لنا شيئا قليلا لا يفي بوجه من الوجوه، ثم شرعنا قراءة الدرس عند ذلك الشيخ وعند غيره.
فلما مضت لنا أيام قلائل قال لي أخي وصديقي: ينبغي أن نرجع إلى الجزائر، لان المعاش قد ضاق علينا، فقلت لهم: أنا أكتب بالأجرة وأعبر أوقاتي، فكتبت بالأجرة لمعاشي وكاغذي وما احتاج إليه، وكنت أيضا أكتب أربعة دروس للقراءة وأحشيها وأصححها وحدي وكان حالي في وقت الصيف الحار أن طلبة العلم يصعدون إلى سطح المدرسة وأنا أغلق باب الحجرة وأشرع في المطالعة والحواشي وتصحيح الدرس إلى أن يناجي المؤذن قريب وقت الصبح، ثم أضع وجهي على الكتاب وأنام لحظة، فإذا طلع الصبح شرعت في التدريس إلى وقت الظهر، فإذا أذن المؤذن قمت أسعى إلى درسي التي أقرأها، فربما أخذت قطعة خبز من دكان الخباز في طريقي فآكلها وانا أمشي، وفي أغلب الأوقات ما كان يحصل فأبقى إلى الليل.
وكنت في أكثر أحوالي إذا جاء الليل لم أعلم أني أكلت شيئا في النهار أم لا فإذا تفكرت تحققته أني لم آكل شيئا، فأتى لي زمان ما كان عندي دهن سراج للمطالعة، فأخذت غرفة عالية وجلست بها وكان لها أبواب متعددة، فكنت إذا أضاء القمر فتحت كتابي للمطالعة، وكلما دار القمر فتحت بابا من الأبواب وبقيت على هذه الحالة مدة سنتين، فضعف بصري فهو ضعيف إلى هذا الآن.
وكان لي درس أكتب حواشيه بعد صلاة الصبح في وقت الشتاء، وكان الدم يجري من يدي من شده البرد وكنت لا أشعر به، وهكذا كانت الأحوال إلى ثلاث سنوات، فشرعت في تأليف مفتاح اللبيب على شرح التهذيب في علم النحو، ومتنه من مصنفات شيخنا بهاء الدين محمد تغمده الله برحمته، وكتبت في ذلك الوقت شرحا على الكافية.
فقرأت علوم العربية عند رجل فاضل من أهل بغداد، والأصول عند رجل محقق من أهل الأحساء، والمنطق والحكمة عند المحققين المدققين شاه أبي الولي وميرزا
পৃষ্ঠা ১৩
إبراهيم، وعلم القراءة عند رجل فاضل من أهل البحرين، وكنا جماعة نقرأ عند الشيخ الجليل الشيخ جعفر البحراني، وكنت أنا أسمع ذلك الدرس بقراءة غيري، فإذا أتينا إلى ذلك الشيخ، فكل من يجلس قبل يقول له اقرأ حتى يجلس القاري، وكان يشجعنا على الدرس وعلى فهم معناه من المطالعة، ويقول لنا: ان الأستاذ إنما هو للتيمن والتبرك، وإلا ففهم الدرس وتحقيق معناه إنما هو من مطالعة التلميذ.
وقد اتفق أنه جاءنا خبر فوت جماعة من أعمامنا وأقاربنا، فجلسنا ذلك اليوم في عزائهم ومارحنا إلى الدرس، فسأل عنا وقيل له: انهم أهل مصيبة، فمضينا إلى الدرس اليوم الثاني فلم يرض أن يدرسنا، وقال: لعن الله أبي وأمي إن درستكم كيف ما جئتم أمس إلى الدرس؟ فحكينا له، فقال: كان ينبغي أن تجيئوا إلى الدرس فإذا أقرأتموه انصرفتم إلى عزائكم، هذا أبوكم يأتيكم أيضا خبر فوته فتقطعون الدرس، فحلفنا له أنا لا نقطع الدرس يوما واحدا ولو أصابنا ما أصابنا، فقبل أن يدرسنا بعد مدة.
واتفق أننا كنا نقرأ عنده في أصول الفقه في شرح العميدي ، فاتفقت فيه مسألة لا تخلو من اشكال، فقال لنا ونحن جماعة: طالعوها هذه الليلة، فإذا أتيتم غدا، فكل من عرفها يركب صاحبه ويحمله من هذا المكان إلى ذلك المكان، فلما أتينا إليه غدا وقرر أصحابي تلك المسألة قال لي: تكلم أنت، فتكلمت، فقال: هذا هو الصواب وكلما قاله الجماعة غلط، فقال لي: أمل علي ما خطر بخاطرك حتى أكتبه حاشية على كتابي، فكنت أنا أملي عليه وهو يكتب، فلما فرغ قال لي: اركب على ظهر واحد واحد من أصحابك إلى هناك، فحملوني إلى ذلك المكان وهذا كان حاله، فأخذني ذلك اليوم معه إلى بيته، وقال لي: هذه ابنتي أريد أن أزوجك بها، فقلت: إن شاء الله تعالى إذا توسعت في طلب العلم، فاتفق أنه سافر إلى الهند، وصار مدار حيدر آباد عليه، وقد سألته يوما عن تفسير شيخنا الشيخ عبد علي الحويزي الذي ألفه من الاخبار، فقال لي: ما دام الشيخ عبد علي حيا فتفسيره لا يساوي قيمة فلس، فإذا مات فأول من يكتبه بماء الذهب أنا ثم قرأ:
ترى الفتى ينكر فضل الفتى * لوما وبخلا فإذا ما ذهب لج به الحصر على نكتة * يكتبها عنه بماء الذهب ونظير هذا أن رجلا من فضلاء أصفهان صنف كتابا، فلم يشتهر ولم يكتبه أحد،
পৃষ্ঠা ১৪
فسأله رجل من العلماء لم لا يشتهر كتابك؟ فقال: ان له عدوا فإذا مات اشتهر كتابي، فقال له: وما هو؟ قال: أنا وقد صدق في هذا الكلام.
وبقيت في شيراز تسع سنوات تقريبا، وقد أصابني فيها من الجوع والتعب ما لا يعلم به الا الله، وفي خاطري أني قد بقيت يوم الأربعاء والخميس ما وقع في يدي الا الماء، فلما أتت ليلة الجمعة رأيت الدنيا تدور بي وقد اسودت كلها في عيني، فمضيت إلى قبة السيد أحمد بن الإمام موسى الكاظم عليه السلام، فأتيت إلى قبره ولزمته وقلت له:
أنا ضيفك، فكنت واقفا فإذا رجل سيد قد أعطاني قوت تلك الليلة من غير طلب، فحمدت الله وشكرته، ومع ما كنت فيه من الجد والاجتهاد كنت كثيرا ما أتنزه في البساتين والأماكن الحسنة مع الأصحاب والاعلام، وفي وقت الورودات نمضي إلى البساتين ونبقى فيها أسبوعا وأقل وأكثر، ولكن الاشتغال ما كنت أفوته من يدي، وقد من الله علي في شيراز بأصحاب صلحاء نجباء علماء وكانوا موافقين لي في السن.
ومن جملة رياضاتي للدرس أن صاحبا لي كان منزله في طرف شيراز، وكنت أبات عنده لأجل دهن السراج حتى أطالع، وكان لي درس أقرأه على ضوء السراج آخر الليل في مسجد الجامع، وهو في طرف آخر من البلاد، وأقوم من هناك وقد بقي من الليل بقية كثيرة ومعي عصا وبين ذلك المنزل وبين المسجد أسواق كثيرة، وفي آخر الليل وليس في شئ منها سراج، بل كلها مظلمة، والداهية العظيمة أن عند كل دكان بقال كلب يقرب من العجل لحراسة ذلك الدكان، وكنت أجئ وحدي من ذلك المكان البعيد، فإذا وصلت إلى السوق لزمت جداره حتى أهتدي إلى الطريق، وإذا وصلت إلى دكان البقال شرعت في قراءة الاشعار جهرا حتى لا يظن الكلب أني سارق، بل كان يظن أننا جماعة عابرين الطريق، وكنت عند كل دكان احتال على الكلب بحيلة حتى أخلص منه، وبقيت على هذا برهة من الزمان، وكنت في مدرسة المنصورية وحجرتي فوق ولا كنت أحب أحدا يجئ إلي ولا يمشي إلى قريب منها، وكنت أحب الانفراد والوحدة، وبقيت على هذه الأحوال تلك المدة.
ثم كاتبني والدي ووالدتي وألحوا علي في الوصول إلى الجزائر، فمضيت إليهم أنا وأخي سنة موج الجزائر الأخير، لان الموج الأول موج عواد، فلما وصلنا إلى الأهل فرحوا بنا لقدومنا، ولان كل من مضى من تلك البلاد رجع من غير علم، فقالت والدتي:
পৃষ্ঠা ১৫
ينبغي أن تتزوجا حتى ارضى عنكما، فقلت: ان علم الحديث والفقه قد بقي علينا قراءته، فقالت: لابد أن تتزوجا، وكان الحامل لها على هذا هو أنا إذا تزوجنا ألزمنا السكنى معها، فقبلنا كلامها وتزوجنا وبقيت بعد التزويج قريبا من عشرين يوما، فمضيت إلى زيارة رجل فاضل في قرية يقال لها نهر صالح، فلما اجتمعنا وتباحثنا في العلوم العقلية فقال لي: وا أسفا عليك كيف فاتك علم الحديث، فقلت: وكيف فاتني علم الحديث؟ قال: لقولهم ذبح العلم في فروج النساء، فرماني في الغيرة، فقلت له: والله يا شيخ لا أرجع إلى أهلي وها أنا إذا قمت من مجلسك توجهت إلى شيراز، فاستبعد قولي فقمت منه وركبت في سفينة وأتيت إلى القرنة، وكان فيها سلطان البصرة، فأخذني معه إلى الصحراء للتنزه، فلما رجعنا أتيت إلى البصرة ولاحظت أن والدي يتبعني فركبت في سفينة وقصدت شيراز، فأتيت إلى تلك المدرسة، ولحقني أخي فأقمنا فيها وأتى الينا خبر فوت الوالد تغمده الله برحمته، فبقينا بعده شهرا أو أقل.
ثم إن مدرسة المنصورية احترقت واحترق فيها واحد من طلبة العلم، واحترق لي فيها بعض الكتب، وصارت بعض المقدمات فسافرنا إلى أصفهان، وكنا جماعات كثيرة، وأصابنا في الطريق برد تيقنا معه الهلاك، فمن الله علينا بالوصول، فجلسنا في مدرسة ليس فيها إلا أربع حجرات في (سرنيم آورد) وجلسنا في حجرة واحدة، وكنا جماعة كثيرة، فكنا إذا نمنا في تلك الحجرة وأراد واحد منا الانتباه في الليل لحاجة انتبهنا جميعا ثم إنه قد تضايقت علينا أمور المعاش، وبعنا ما كان عندنا من ثياب وغيرها، وكنا نتعمد أكل الأطعمة المالحة لأجل أن نشرب ماء كثيرا، ونأكل الأشياء الثقيلة لذلك أيضا، ثم بعد هذا من الله علي بالمعرفة مع أستاذنا المجلسي أدام الله أيام سلامته، فأخذ ني إلى منزله وبقيت عندهم في ذلك المنزل أربع سنين تقريبا، وقد عرفت أصحابي عنده، فأيدهم بأسباب المعاش وقرأنا عليه الحديث.
ثم إن رجلا اسمه ميرزا تقي بنى مدرسة وأرسل إلي، وجعلني فيها مدرسا، والمدرسة تقرب من حمام الشيخ بهاء الدين محمد تغمده الله برحمته، فأقمت في أصفهان أقرأ وأدرس ثمان سنوات تقريبا، ثم أصابني ضعف في البصر بكثرة المطالعة، وكان في أصفهان جماعة كحالون فداووا عيوني بكلما عرفوا، فما رأيت من دوائهم إلا زيادة الألم، فقلت في نفسي أنا أعرف منهم بالدواء، فقلت لأخي (ره): أني أريد السفر
পৃষ্ঠা ১৬
إلى المشاهد العالية، فقال: أنا أكون معك.
فسافرنا من طريق أصفهان، وفي أثناء الطريق وصلنا إلى كرمان شاه وتجاوزناها، وقمنا من منزل ونريد منزلا آخر وهو الهارونية بناها هارون الرشيد لعنه الله تعالى، فلما صعدنا الجبل أصابنا فوقه مطر وهواء بارد، وصار الصخر تزلق فيه الاقدام ولا يقدر يستمسك الراكب على الدابة من الهواء البارد وشدته والمطر، فشرعت أنا في قراءة آية الكرسي، فليس أحد من أهل القافلة إلا وقد سقط من الدابة وأنا بحمد الله وصلت إلى المنزل سالما.
فلما وصلنا المنزل كان فيه خان صغير وله حوش وليس فيه حجر، وإنما فيه طوايل للدواب ومرابطها، فأدخلنا أغراضنا والكتب إلى طويلة، ووضعنا فوق صفتها، فاتفق أن تلك الطوايل كان فيه أسماد كثير وقد عمد إليه بعض المترددين ووضع فيه النار لأجل أن يحترق ذلك السماد فما كان في تلك الطوايل إلا الدخان الخانق ومطرت السماء، فتحيرنا بين المطر والدخان، فكنا نقبض على خياشمنا، فإذا ضاقت أنفاسنا خرجنا من الطويلة إلى الحوش وتنفسنا ورجعنا، فكنا تلك الليلة وقوفا ليس لنا حاجة إلا الخروج للتنفس، ويا اخوان ما كان أطول تلك الليلة، فلما أصبح الصباح وطلعت الشمس وخرجنا إلى الحوش، وجاءنا أهل تلك القرية يبيعون علينا الخبز وغيره، فأتت الينا امرأة منهم وكان لها لحية طويلة نصفها بيضاء ونصفها سوداء فتعجبنا منها.
ثم اننا وصلنا إلى بعقوبا، فأودعنا كتبنا وأغراضنا لأهل القافلة، ومضينا نحن مع جماعة قليلة إلى سر من رأى، فلما عزلنا القافلة وسرنا فرسخا تقريبا لقينا رجل فقال لنا:
انكم تمضون واللصوص أمامكم في نهر الباشا، فترددنا في الرجوع والمضي، فصار العزم على المضي، فلما وصلنا إلى ذلك النهر طلعت علينا خيولهم فعدوا علينا، فقرأت آية الكرسي وأمرت أصحابي بقراءتها، فلما وصلوا الينا انفردوا عنا ناحية وكانوا يتفكرون، فرأيناهم جاؤوا الينا وقالوا لنا: قد ضللتم عن الطريق وكان الحال كما قالوا، فأرسلوا معنا رجلا منهم وسار معنا إلى قرب المنزل وهو القازاني استقبلنا جماعة من سادات سر من رأى لأجل أن يأخذونا، وكان آخر اختيارنا من أرواحنا وأموالنا أول وقوعنا بأيديهم، وكانت عندنا دواب، فقالوا: ينبغي أن تركبوا دوابنا لأجل الأجرة فركبنا دوابهم، فوصلنا إلى المشهد المبارك في الليل فنزلنا في بيت ذلك السيد، فأتت الينا امرأة بقبضة حطب
পৃষ্ঠা ১৭
قيمتها أقل من الفلس.
فلما صلينا الصبح قلنا له: نروح إلى الزيارة قال: لا حتى تأكلوا الضيافة من عندي، فقلنا له: نحن معنا من الخبز واللحم ما يكفينا، فقال: لا يكون هذا، فبعد ساعة قدم الينا جفنة من الخشب كبيرة وفيها ماء أسود لا ندري ما يكون تحته وفيها خواشيق، فقلنا:
هذا أي شئ؟ فقال: مدوا أيديكم، فمددنا أيدينا وكان ذلك الماء حارا، فمددنا الخواشيق، فقصرت عن الوصول إلى قعر الجفنة، فمددنا بعض أيدينا وتناولنا بالخواشيق ما في قعر الجفنة، فكان حبات ارزة، وكان قد غلاها مع ذلك الماء، فشربنا كل واحد خاشوقة وقمنا للزيارة، فقال لنا ذلك السيد المبارك: اعلموا يا ضيفاني ان سادة سامرا ليس لهم خوف من الله ولا حياء، فإذا دخلتم قبة الإمام عليه السلام اخذوا ثيابكم ولكنكم أكلتم ملحي، فأنا أنصحكم أن تجعلوا ما عندكم من الثياب الجديدة عندي في منزلي وخذوا خلقان ثيابكم حتى لو اخذت منكم ترجعون إلى هذه الثياب، فاستعقل كلامه أصحابنا ووضعوا ثيابهم عنده، وأما أنا فقلت: قد أصابني البرد هذه البارحة، فلبست ثيابي واحدا فوق الآخر.
فلما مضينا إلى الزيارة أخذوا منا في الباب الأول من كل واحد أربع محمديات، فلما وصلنا الباب الثاني أخذوا منا أيضا، فزرنا موالينا وأتينا إلى السرداب، فلما نزلنا إليه أحاطوا بنا تحت الأرض، فأخذوا ما أرادوا، وكأني أرى طرف ميزر واحد من أصحابي في يده، والطرف الآخر في يد رجل سيد من السادة، فأخذه السيد وبقي صاحبي مكشوف الرأس.
فأتينا إلى منزل صاحبنا فقلنا له: هات الثياب، فقال: أولا حاسبوني على حقوقي وادفعوها إلي، فقلنا: هكذا يكون فأحسبها أنت، فقال : الأول حق الاستقبال، فقلنا له: هذا حق واضح، فقال: لخواطركم كل واحد محمديتين فأخذ منا، ثم قال: حق المنزل البارحة فأخذ حقه.
ثم قال: حق الحطب، فأخذ من كل واحد نصف محمدية، ثم قال: حق المرأة التي أتت به فأخذ ما أراد، ثم قال: والحق الأعظم حق الضيافة وهو من كل واحد محمدية فأخذ ذلك الحق، ثم قال حق الحماية وهو أنكم في منزلي ولولاه كان السادة أخذوا ما معكم، فأخذ ذلك الحق، فقال: حق المشايعة فأخذه، فلما قبض الحقوق كلها قلنا له:
পৃষ্ঠা ১৮
أعطنا الثياب، فقال: قولوا مع أنفسكم اننا أخذناها معنا لما دخلنا القبة الشريفة اما كان السادة يأخذونها منكم، فها أنا من السادة وأخذتها منكم من غير إهانة بكم، فقلنا له جزاك الله خيرا.
فرجعنا إلى بغداد وأتينا من بغداد إلى مشهد الكاظمين عليهما السلام، ثم أتينا إلى زيارة مولانا أبي عبد الله الحسين عليه السلام وكنت قد أخذت ترابا من عند رأس كل امام فأخذت من تراب رجلي الحسين عليه السلام ووضعته فوق ذلك التراب واكتحلت به، ففي ذلك اليوم قوي بصري على المطالعة، وصار أقوى من الأول، وكنت قد ألفت شرحا على الصحيفة الشريفة، فشرعت في إتمامه ذلك اليوم، والى الآن كلما عرض لي رمد أو غيره اكتحلت بشئ من ذلك التراب ويكون هو الدواء.
ولما قدمت إلى مشهد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وزرته، مددت يدي إلى تحت الفراش من عند رأسه المبارك لاخذ شئ من التراب، فجاءت في يدي درة بيضاء من در النجف فأخذتها، ولما خرجت قلت لاخواننا المؤمنين فتعجبوا وقالوا: ما سمعنا بأن أحدا وجد درة النجف في هذا المكان، بل هذا ملك أتى بها ووضعها في هذا المكان، وذلك أنه قبل ذلك التأريخ بأعوام كثيرة قد وجد واحد من الخدام درة في صحن الحوش، فأخذها منه المتولي وأرسلها إلى حضرة الشاه صفي لأنها وجدت في ذلك المكان، والحاصل أن تلك الدرة صنعناها خاتما وهي الان عندنا نتبرك بميامنها، وقد شاهدنا لتلك الدرة أحوالات عجيبة:
منها: أنني كنت لابسا ذلك الخاتم، فمضيت إلى مسجد الجامع في شوشتر، فصليت المغرب والعشاء وأتيت إلى المنزل، فلما جلست عند السراج ونظرت إلى فص الخاتم لم أره، وكان قد وقع في ذلك الليل، فضاق صدري وحزنت حزنا عظيما، فقال لي بعض تلامذتي: نأخذ سراجا ونروح في طلبه، فقلت لهم: لعله أن يكون قد وقع مني النهار وأنا اليوم مضيت إلى أماكن متعددة، فقلت لهم: توكلوا على الله واطلبوه، فأخذوا سراجا ومضوا فأول ما وضعوا السراج قرب الأرض لطلبه وجدوه، مع أنه بمقدار الحمصة، فعجب الناس من هذا، فلما بشروني تخيلت أن أموال الدنيا وهبت لي، والحمد لله هو الآن موجود.
ولما فرغنا من الزيارة شرعنا في زيارة الأفاضل والمجتهدين والمباحثة معهم
পৃষ্ঠা ১৯
ومصاحبتهم، ثم أتينا إلى الرماحية وكنت ضيفا عند رجل من المجتهدين، وبقيت عنده أياما قلائل، فاستأجرت سفينة وركبت فيها قاصدا للجزائر، فسارت السفينة فرسخين تقريبا، ثم وقفت على الطين، فبقيت واقفة يوما وليلة، ثم سارت فرسخا أو أكثر، ثم وقفت كالأول، ثم سارت وهكذا، فتعجب أهل السفينة وقالوا: ما جرى هذا قط على سفينتنا، فتفكرت أنا وقلت في نفسي هذا الشهر جمادى وصارت زيارة رجب قريبة وأنا تركتها وقصدت الجزائر ولا يكون هذا التعويق الا لهذا.
فقلت لصاحب السفينة: ان أردت أن تسير سفينتك فأخرجني منها، وقلت له الكلام فتعجب، فقلت له: ان قدامنا في حقروص رجلا من إخواننا فأنا أخرج إلى منزله حتى تصل السفينة إلى مقابل منزله فنخرج أثاثنا، فأخرج معي رجلا ليدلني على الطريق، فلما خرجنا ومشينا جرت السفينة، وقد تقدمتنا فوصلنا إلى منزل ذلك المؤمن، وأرسل غلامه وتبع السفينة حتى أتى بأسبابي منها، فبقيت عند ذلك المؤمن أياما قلائل، وسافرت أنا وهو إلى زيارة رجب، ثم زرنا مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ثانيا.
فلما فرغنا من الزيارات أتينا إلى منزل ذلك الرجل المؤمن في حقروص وكان على شاطئ الفرات، وكان له مجلس فوق غصن شجرة قوي في وسط الماء، والسفن تجرى من تحته، فما رأيت مكانا أنزه ولا ألطف ولا آنس منه، وكانوا في النهار يصيدون الحجل والدراج ونأكله في الليل، وماء الفرات ولا تسأل عن عذوبته ولطافته وحلاوته وبركته، لأنه ورد في الحديث أنه يصب فيه ميزاب من ماء الجنة كل يوم.
وفي الحديث: انه كان يبرئ الأكمه والأبرص وذوي العاهة، لكن باشره نجاسة أبدان المخالفين فأزال عظيم بركته وبقي القليل، وكان مولانا الصادق عليه السلام يقصده من المدينة ليشرب منه ويغتسل به ويرجع، وقد ورده يوما فقال لرجل كان على الماء: ناولني بهذا القدح ماء فناوله، ثم قال: ناولني أخرى فناوله فشرب وأجرى الماء على لحيته الشريفة، فلما فرغ قال: الحمد لله رب العالمين ما أعظم بركته.
ثم اني ركبت في السفينة وجئت إلى الجزائر، فلقيت جماعة من أهل السفينة الأولى، فقالوا لي: انه من وقت خروجك منها ما وقفت ساعة واحدة إلا بالمنزل، فلما وصلت إلى الجزائر إلى منزلنا في الصباغية في نهر المدك، فرحوا أهلي وذلك أن
পৃষ্ঠা ২০
أخي تقدمني بالمجئ من شط بغداد، ولما رأته والدتي خطر ببالها الخواطر من جانبي، وانه ما تأخر إلا لقضية حادثته، فبقيت في الجزائر مع أخي في الصباغية ثلاثة أشهر، وشرعت في شرح تهذيب الحديث هناك، ثم انتقلنا إلى نهر صالح، فرأينا أهلها أخيارا صلحاء وعلماؤها من أهل الايمان، منزهين عن النفاق والحسد، فأحسن كلهم الينا إحسانا كاملا، فبقينا هناك ستة أشهر أو أكثر، وبنوا لنا مسجدا جامعا كان من الأول يصلى فيه شيخنا الأجل خاتمه المجتهدين الشيخ عبد النبي الجزائري، وكنا نصلي فيه جماعة لا جمعة.
ثم إن السلطان محمد بعث عساكره إلى سلطان البصرة للحرب معه، ويأخذ منه الجزائر والبصرة، فذهب فكر سلطان البصرة إلى أنه يخرب الجزائر والبصرة: وينقل أهلهما إلى مكان اسمه سحاب قريب الحويزة، فانتقلنا كلنا إليها ووضع عسكره في قلعة القرنة، وجلس هو مع أهل الجزائر في سحاب، وكان يجئ إلى عندنا، فإذا جاء وضعوا له في الصحراء عباءة، وإذا أتيت إليه قام وأجلسني معه على تلك العباءة، وكان يظهر المحبة والوداد لي كثيرا، فلما قرب الينا عساكر السلطان محمد وحصروا القلعة كانوا يرمونها كل يوم ألف مدفع أو أقل، وكانت الأرض ترجف من تحتنا هذا وأنا مشغول في تأليف شرح التهذيب، فبعثت العيال وأكثر الكتب مع أخي إلى الحويزة، وبقيت أنا وكتب التأليف.
ثم اني طلبت الاذن من السلطان في السفر إلى الحويزة، فلم يأذن لي، وقال: إذا خرجت أنت من بيننا ما يبقى معي أحد، فبقينا في الحصار أربعة أشهر تقريبا، فأتى شهر الله شهر رمضان، فسافرت إلى الحويزة، وكنت أنتظر الاخبار، فلما كان ليلة الحادية عشرة من ذلك الشهر وهي ليلة الجمعة خاف سلطان البصرة من خيانة عسكره وفر هاربا إلى الدورق:
فبلغ الخبر إلى أهل الجزائر طلوع فجر يوم الجمعة، ففرت النساء والرجال والأطفال والشيوخ والعميان وكل من كان ذلك الإقليم طالبين الحويزة، وبينهم وبينها مسير ثلاثة أيام، لكنها مفازة لا فيها ماء ولا كلاء، بل ارض يابسة، فمات من أهل الجزائر في تلك المفازة عطشا وجوعا وخوفا ما لا يحصى عددهم إلا الله تعالى، وكذلك العسكر الذي في القرنة قتل منه أيضا خلق كثير.
পৃষ্ঠা ২১
والحاصل أن من شاهد تلك الواقعة عرف أحوال يوم القيامة. وأما سلطان الحويزة قدس الله روحه وهو السيد علي خان، فأرسل عساكر لاستقبال أهل الجزائر وأرسل لهم ماء وطعاما جزاه الله عنهم كل خير، ثم اننا أقمنا عنده في الحويزة شهرين تقريبا، وسافرنا إلى أصفهان لكن من طريق شوشتر، فلما وصلنا شوشتر رأينا أهلها من أهل الصلاح والفقر ويودون العلماء، وكان فيهم رجل سيد من أكابر السادة اسمه ميرزا عبد الله، فأخذنا إلى منزله وعين لنا كلما نحتاج إليه، والآن هو قد مضى إلى رحمة الله، لكنه أعقب ولدين السيد شاه مير والسيد محمد مؤمن، وفيهما من صفات الكمال ما لا يحصى مع صغر سنهما، ولا وجد في العرب والعجم أكرم منهما ولا يقارب أخلاقهما، وفقهما الله تعالى لجميع مراضيه.
ثم إن والدهما أرسل إلى أهلنا من الحويزة، ولما جاؤوا عين لهم منزلا وكل ما يحتاجون إليه، فبقينا في شوشتر تقريبا من ثلاثة أشهر وسافرنا إلى أصفهان على طريق دية دشت وبقي الأهل في شوشتر، فلما قدمنا دية دشت أخذنا حجرة في الخان وجلسنا بها، ثم بعد ساعة قلت لواحد من الرفقاء اذهب وانظر لعل لنا فيها صديقا يأخذ لنا منزلا إلى كم يوم.
فلما خرج أتى برجل سيد كان يقرأ عندي في أصفهان، فلما رآني فرح فرحا شديدا، وقال: ان جماعة من تلاميذك من سكان هذه البلاد فأخبرهم وكانوا هم سادات دية دشت، فأخذوا لنا منزلا، وكان الحاكم في تلك البلاد محمد زمان خان، وكان عالما كريما سخيا لا يقارب في الكرم، فلما سمع بنا أرسل وزيره وعين لنا ما نحتاج إليه وما لا نحتاج إليه، فطلبنا الحاكم في يوم آخر، فلما وردنا عليه قال لي: سمعت أنك شرحت الصحيفة. قلت: نعم، فقال: ان في دعاء عرفة فقرة كيف شرحتها؟ فقلت: ما هذه الفقرة؟ قال: هي قوله عليه السلام (تغمدني فيما اطلعت عليه مني بما يتغمد به القادر على البطش لولا حلمه) فذكرت له وجوها ثلاثة في حلها، فقال لي: أحد هذه الوجوه خطر بخاطري، والآخر خطر بخاطر الآقا حسين الخوانساري، فاستحسنها وشرعنا في المباحثة، وكنت أحترمه في الكلام، فجلس على ركبتيه ورمى حلته من فوق ظهره، وقال: تكلم كما كنت تتكلم في المدرسة مع طلبة العلم ولا تحترمني، فتباحثنا وكنت أنقله من علم إلى علم، وكان يسبقني في الكلام إلى ذلك العلم، حتى جاء وقت صلاة
পৃষ্ঠা ২২