بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه
مقدمة
الحمد لله الذي إليه تمامُ كل ظن، وبيده نواصي كلِّ أمر، وعليه التكلان فيما يُرتجى ويؤمل، وليس إلا عليه المعول، أرسل محمدًا ﷺ بباذخ الشأن، وابتعثه شهابا رصدا تصدى للظلمة فبدَّد مادتها، وكسر من غلواء الجهالة فَفَتَّ في عضدها، به سلكنا السبيل إلى الله، وبه المنة في أن كنا مسلمين، والحمد لله رب العالمين.
أما بعد:
فقد تعلقت همتي مذ قيض الله لي أن أطلب العلم الشريف المنيف، بخدمةِ كتاب الله جل وعز والتوسلِ بأسبابه، والورودِ من سلسبيل عيونه وأمواهه، زلفى إلى مولاه، وتعلةَ أن أسلك فيمن أوتي بعض فهم من معناه، وما يعلم تأويله إلا الله.
وقد أكدتْ وسائلي حينها أن أظفر بمخطوط في فن من فنون القرآن وتفسيره لعَلَم من كبار أساطين الأندلس، لكون الكثرة الكاثرة من طلبتي كان قد حُقق أو على وشك أن يحقق، وكم مرة خلت أنني أصبحت على طرف الثمام من بغيتي، فيفجؤني خلاف ذلك ليرتد الطرف إلى حسيرا، فلا عليك إذن أن تعلم كم بت بهذا الغرض معنى، وأنني تصديت إليه بعد ذاك متيحا مِعنا، بيد أنني بحمد الله لم أك أخْيبَ من حنين، ولا مفوت كلتا الحسنين، فقد اقتنيت خلال التنقيب مصورات لم يقذف في رُوعي أن أعمل عليها، وإنما تشوفت لقراءتها عند الفراغ، فلما سُقِط في يدي، ولم أجد مناصا من الإسراع في التسجيل، عمدت إليها أتصفحها، فألفيت بينها كتابا قمينا بالإخراج، حقيقا بالتحقيق، فاستخرت الله تعالى في العمل عليه، والعكوف على إخراجه، فهممت ففعلت، وما توفيقي إلا بالله عليهِ توكلت.
1 / 9