لما فيه من البيان بالإخراج إلى ما يقع عليه الإدراك من تخليط الإنسان بالهيمان في كل واد يعن له فيه الذهاب. وقال تعالى: ﴿وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا﴾ السراج ها هنا مستعار وحقيقته مبينا، والاستعارة أبلغ للإحالة على ما يظهر بالحاسة. وقال ﷿: ﴿يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا﴾ أصل الرقاد النوم وحقيقته من مهلكنا، والاستعارة أبلغ لأن النوم أظهر من الموت، والاستيقاظ أظهر من الإحياء بعد الموت، لأن الإنسان الواحد يتكرر عليه النوم واليقظة، وليس كذلك الموت والحياة. وقال تعالى: ﴿وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض﴾ أصل الموج للماء وحقيقته تخليط بعضهم ببعض، والاستعارة أبلغ، لأن قوة الماء في الاختلاط أعظم. وقال تعالى: ﴿وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم﴾ العقيم مستعار للريح، وحقيقته ريح لا يأتي بها سحاب غيث، والاستعارة أبلغ لأن حال العقيم أظهر من حال الريح التي لا تأتي بمطر، لأن مالا يقع من أجل حال منافية أوكد مما يقع من غير حال منافية وأظهر. وقال ﷿: ﴿ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط﴾، حقيقته لا تمنع نائلك كل المنع والاستعارة أبلغ لأنه جعل منع النائل بمنزلة غل اليد إلى العنق، وذلك مما يحس حال التشبيه فيه بالمنع فيهما إلا أن حال المغلول اليد أظهر وأقوى فيما يكره. وقال تعالى: ﴿ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر﴾ حقيقته لنعذبنهم، والاستعارة أبلغ، لأن إحساس الذائق أقوى لأنه طالب لإدراك ما يذوقه، ولأنه جعل بدل إحساس
1 / 93