وعن أبي زيد (1): المسح خفيف الغسل، تقول العرب: تمسحت للصلاة، أي توضأت لها، وهات ماء اتمسح به للصلاة، أي: أتوضأ، ولذلك قال أبو حاتم وابن الأنباري (2) والفارسي، قال: وذلك أن المتوضىء لا يرضى بصب الماء على أعضائه حتى يمسحها.
وإن صرنا إلى التأويل للأحاديث الصحيحة في غسل الأرجل، فالتأويل أحق ولو ضعف، حتى أنه لو لم نجد إلا أن نقول الخفض على الجوار لم يستعمل مع العاطف، كون العاطف مانعا من الجوار.
ونقول: إنه هنا شاذ كما قرأ حمزة والكسائي {وحور عين} (3) بالجر لجوار أكواب وأباريق، مع أن العطف على ولدان، لكان أولى من دعوى أن الأرجل تمسح مسح الرأس.
وزعموا عن ابن عباس: الوضوء غسلتان ومسحتان، وكذا عن قتادة، فلعل المسحتين الوضوء الخفيف على طريق عموم المجاز، فلا يقال: كيف يثنى لفظ حقيقة ولفظ مجاز، أو أراد لفظ القرآن بالمسحتين في قراءة جر أرجل، لأن أصلها من الصحابة بدلالة قول أنس: نزل القرآن بالمسح والسنة بالغسل، أو أراد الرأس والأذن، ولم يتكلم على الأرجل لتردد غسلها إلى المسح لخفته.
__________
(1) أبو زيد، وهو سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري، النحوي، ولد سنة نيف وعشرين ومئة، حدث عن: عمرو بن عبيد، وقيس بن الربيع، وحدث عنه: خلف بن هشام، وأبو حاتم الرازي، قال عنه البغدادي: ثقة، مات سنة 215ه. (ينظر: سير أعلام النبلاء، 9/ 494، وما بعدها، تهذيب الكمال، 10/ 330، وما بعدها).
(2) ابن الأنباري هو محمد بن القاسم، أبو بكر الأنباري، ولد سنة 271ه، من أعلم زمانه باللغة والأدب، ألف العديد من الكتب منها: الزاهر، وكتاب الأضداد، توفي سنة 328ه. (ينظر: تذكرة الحفاظ، 3/ 842، 843، الأعلام، للزركلي، 2/ 334).
(3) الواقعة /22.
وزعم عكرمة (1) أنما نزل في الرجلين المسح، وعن الشعبي تمسحان، بدليل أن ما كان عليه الغسل مسح في التيمم، وأهمل ما يمسح، وكان عمر يغسل ويأمر بالغسل.
قال النخعي (2): قلت للأسود (3): رأيت عمر يغسل رجليه غسلا؟ قال: نعم، ورأى قوما يتوضؤون فقال: خللوا قال أبو قلابة (4): إن رجلا صلى وعلى ظهر قدمه موضع ظفر، فلما قضى صلاته قال له عمر: أعد وضوءك وصلاتك.
__________
পৃষ্ঠা ৯১