وأقول: عن محبر بن محبوب (1): إذا غسلت وجهك فبل أذنيك مع الوجه، وإذا مسحت رأسك فبل أذنيك مع الرأس (2)، وعن سليمان بن عثمان: إنه كان يدخل أصبعيه في صماخيه (3)، وقال: أرخص ما سمعنا فيهما أنه يمحسهما مع الرأس بماء واحد، وقالوا: إنه يمسحهما بما فضل.
وعن أبي سعيد: إن لم يأخذ لهما ماء جديدا إلا ما بقي من مسح رأسه، لا أحب له ذلك (4).
فترى استحباب الربيع، وفعل محبر، وجعل سليمان بن عثمان مسحهما مع الرأس مع الرأس بماء واحد، أو بما فضل من مسحة الرأس من أرخص ما سمعه، فدل أن العزيمة في غيره، وترى استحباب أبي سعيد تجديد الماء لهما، كلها أقوال مبينة على عدم ترجح الحديث بأنهما من الرأس في حكم وضوئهما، إذ لو ترجح لكفى وضوء الرأس عنهما، أو لكفى وضوؤهما عن فرض مسح الرأس على قول من يقول بتجزئة الرأس، أعني يكفي وضوء جزء منه، وأقله ثلاث شعرات بثلاث أصابع، والأذنان أكبر من ثلاث شعرات، أو من محلهن في الرأس، فما بال الأكثر لا يجزئ عن الأقل من الرأس؟!.
__________
(1) محبر بن محبوب بن الرحيل، عالم بن العائلة المشهورة، عاش في القرن الثالث الهجري، كان مولده في البصرة، وانتقل في أوائل القرن الثالث الهجري إلى عمان، له آراء منثورة وأجوبة بينه وبين أخيه محمد. (ينظر: معجم أعلام الإباضية - قسم المشرق، د. محمد صالح ناصر - سلطان الشيباني، ص368، دار الغرب الإسلامي، ط1، 1427ه / 2006م، الضياء، 2/ 48، 91).
(2) قاموس الشريعة، 16/ 57.
(3) المرجع السابق، 16/ 57.
(4) المرجع السابق، 16/ 58.
إذا كان هذا الأكثر حكما منصوصا عليه كما يقوله (المص) رحمه الله، من كون الحديث نصا على أنهما من الرأس، فلو سلم الحديث من الضعف، وسلمناه نصا وصح ذلك معنا، ثم صح معنا عن الشارع فعل، أو قول، أو فعل وقول، معارض للنص الأول، فما هو المخرج إلا التأويل الصحيح، وجمع النصين إلى حكم غير حكم المعارضة والتناقض؟ فلعل الربيع رحمه الله صح معه ظاهر غير هذا الظاهر، فرجع إلى تأويله بالقياس.
فقول (المص) رحمه الله: وما أحسن التمسك بالظاهر ... إلخ (1)، نعم هو كما قال، حيث لا يعارضه ظاهر مثله من فعل الشارع، أو قوله: وحيث التعارض وجب، محتمل التأويل.
পৃষ্ঠা ৮০