لعل مصلحة منع الرق لا تعتبرني محرضة على العبث بقوانينها فتحاكمني قبلهم معتبرة الدال على الخير كفاعله. (15) زواج الأختين
وصلني في بريد الخيال كتاب ذو بال أثار من النفس أشجانها، واعترض سرورها بأحزانها، وجعلها بين اليأس من الإصلاح والرجاء فيه، فتارة أنا متسنمة ذروة الأمل، وطورا أراني في حضيض القنوط، ومعاذ الله أن أستسلم لليأس، وهو سم القلوب ومعول الحياة! ومعاذ الله أن تسترجعني الصعوبات عن عهد أخذته على نفسي بيني وبين الله أن أصلح ما أستطيعه من فساد! وما كان لمثلي أن تنكث المواثيق أو تغدر بالوعد مهما كانت وعورة الطريق، وهذا هو الكتاب.
مصر في 3 شوال سنة 1327 هجرية
عزيزتي ملك:
شوق وسلام وبعد، فإني أهنئك بالعيد السعيد كما يقولون، وإن كنت لم أشعر به ولا حفلت له.
عيد بأية حال عدت يا عيد
بما مضى أم لأمر فيك تجديد
أما ماضي فقد كان غير سعيد، اكتنفته الأحزان وأخذت عليه طريقه تقلبات الزمان ومستقبلي لا أراه، أشد حلكة وأبعث على اليأس منه على الرجاء، فقد تولتني مصيبة دهماء ليس لها سلوان، واحدة لكنها متعددة إذا تعزيت بأولادي ألح على فراقهم لي على الرغم مني ومنهم، وإذا أنساني عزاء الصديقات بعض الأسى على بعدهم، ذكرني غدر شقيقتي خيانة بعلي، ولولا الإيمان والثقة برحمة الله لفضلت الانتحار على حياة سئمت تكاليفها، ولكني لم أعش ثمانين حولا كزهير عندما سئم، بل عمري لم يتجاوز الخامسة والعشرين.
عزيزتي، لقد أفرغ الدهر جعبة سهامه علي فأصاب مني مقاتل شتى، طالما سمعتك ونحن نلعب تقولين لشقيقتي: إنها غليظة القلب جافية الشعور، ولا أكتمك أن قولك هذا كان يؤلمني، وقد عاتبتك عليه مرارا إلى حد التعنيف، ولكن ستأخذ منك الدهشة الآن إذا جاريتك على رأيك فيها، بل زدت عليه أن فؤادها قد من الجلمود.
أتدرين ماذا فعلت؟ إنها كانت تكثر من زيارتي فأنشرح لها؛ إذ كان يلذني شعوري بحبها الأخوي؛ لأننا كما تعلمين فقدنا الأبوين منذ نعومة الأظفار، فكنت أستعيض بها عنهما، وكانت تجالس بعلي وتخاطبه وليس عندي شك في إخلاصها لي وأمانتها نحوه، ثم تحولت المحادثة البسيطة إلى مضاحكة ومغازلة، فحملتها على أنهما كأخوين مرفوع بينهما التكلف، ثم زاد الشغف فكان يأخذها للفسحة معه خارج البيت ويتركني به، وهكذا تدرجا في الحب كما قيل:
অজানা পৃষ্ঠা