নিসা ফি হায়াত দুস্তুইভস্কি
نساء في حياة دستويفسكي
জনগুলি
ها هو دستويفسكي يصف بنفسه قصة علاقتهما في خطابه إلى شقيقته في عام 1857م: «بعد أن عدت في عام 1854م من أومسك إلى سيميبالاتينسك، تعرفت على موظف يقيم هنا هو وزوجته. الرجل من روسيا، يتمتع بالذكاء والطيبة، مثقف، وقد أحببته كأخ ... كان عاطلا، ولكنه كان ينتظر أن يلحقوه مرة أخرى بالخدمة. كان لديه زوجة وابن. أما زوجته فهي ماريا ديمترييفنا إيسايفا. ما تزال في ريعان الصبا، وقد استقبلاني كأني واحد من أقاربهم. وفي النهاية، وبعد عناء طويل، حصل على عمل في مدينة كوزنيتسك من أعمال محافظة تومسكايا، وهي تبعد عن سيميبالاتينسك سبعمائة فرسخ. ودعتهم، وكان الفراق أكثر وطأة على نفسي من فقدان الحياة نفسها.»
حاشية: حدث ذلك في مايو عام 1855م. ولست أبالغ هنا. بعد وصوله إلى كوزنيتسك، مرض إيسايف فجأة، ثم وافته المنية تاركا زوجة وابنا دون قرش واحد، وحيدة في بلدة غريبة، دون مساعدة، وفي حالة مزرية. ما إن عرفت بذلك (وكنا نتراسل)، حتى اهتممت بالأمر وأرسلت لها نقودا في أقرب فرصة. كم كنت سعيدا عندما علمت بتسلمها النقود! وأخيرا استطاعت أن تكتب لأهلها ولأبيها. كان أبوها يعيش في أستراخان ويحتل وظيفة هامة (مدير الحجر الصحي). كان صاحب رتبة رفيعة ويتقاضى راتبا كبيرا، لكن الرجل كانت لديه ثلاث فتيات وأبناء يخدمون في الحرس. كانت كنيته كونستان. وهو حفيد لمهاجر فرنسي شارك في الثورة الأولى، نبيل، جاء إلى روسيا واستقر فيها، أما أبناؤه فهم روس من جهة الأم. ماريا ديمترييفنا هي الابنة الكبرى، وكان والدها يفضلها على الجميع.
صديقتي العزيزة، أكتب إليك تفصيلا، لكنني لم أكتب إليك الأهم. إنني أهيم بهذه المرأة منذ زمن بعيد إلى درجة الجنون، أحبها أكثر من حياتي. لو أنك عرفت هذا الملاك، لما أخذتك الدهشة. إنها تمتلك خصالا رائعة؛ ذكية، رقيقة، مثقفة، مثال نادر من النساء المثقفات مع شيء من الوداعة، تدرك ما عليها من واجبات، متدينة. لقد رأيتها في لحظات الشقاء عندما كان زوجها عاطلا عن العمل. لا أريد أن أصف لك ما كانا عليه من ضنك. ليتك رأيت على أي نحو من نكران الذات وقوة التحمل واجهت به هذه المرأة هذه التعاسة التي يمكن أن نصفها تماما بالبؤس. إن مصيرها الآن بشع؛ إنها تعيش في كوزنيتسك، حيث توفي زوجها. يعلم الله من يحيط بها وهي الأرملة اليتيمة بكل معنى الكلمة. بالطبع كان حبي لها سرا لم أصرح به.
لقد أحبت ألكسندر إيفانوفيتش، زوجها، مثل أخ، ولكنها، بعقلها وقلبها، لم تستطع أن تفهم حبي لها، لم تخمن ذلك. والآن هي امرأة حرة (بعد وفاة زوجها منذ عام ونصف العام)، وعندما رقيت إلى درجة ضابط، كان أول ما فعلت أن عرضت عليها الزواج. إنها تعرفني، تحبني وتحترمني. ومنذ أن افترقنا ظللنا نتبادل الخطابات. وافقت وقالت «نعم»، وإذا لم تقع أحداث طارئة ... فإننا سنتزوج قبل 15 فبراير؛ أي قبيل عيد الرماد. صديقتي العزيزة، أختي الحبيبة، لا تغضبي، لا تغتمي ولا تنسيني، ليس هناك شيء أفضل لأفعله ...»
لكن هذا المديح الحماسي الذي كاله دستويفسكي لماريا ديمترييفنا إيسايفا في خطابه لأقاربه، كان عليه أن يتراجع عنه في مراسلاته مع فرانجيل. لقد اتخذت العلاقات المتبادلة بين فيودور ميخايلوفيتش وزوجة المستقبل على الفور منحى خاطئا، وأصبح كل منهما مصدر عذاب للآخر. يقول فرانجيل: لقد أبدت مشاعر العطف الدافئ نحو دستويفسكي. كانت تعامله بلطف. لا أظن أنها كانت تعرف قدره بعمق. الأمر ببساطة أنها كانت تعطف على شخص تعيس ظلمه القدر. ربما تكون قد تعلقت به، لكنها لم تقع في حبه بأي شكل من الأشكال. كانت تعلم أنه مصاب بداء الصرع، وأنه في أمس الحاجة إلى المال، وأنه كما قالت: «رجل بلا مستقبل.» أما فيودور ميخايلوفيتش فقد رأى في شعور العطف والأسى حبا متبادلا، وراح يحبها بكل ما في الشباب من حمية.
غير أن دستويفسكي سرعان ما شعر باليأس؛ لأن ماريا ديمترييفنا لا تبادله حبا بحب، فعندما نقل إيسايف إلى كوزنيتسك، على بعد 500 فرسخ من سيميبالاتينسك، وقع دستويفسكي فريسة لليأس العميق. يشكو دستويفسكي حاله لفرانجيل قائلا: «لقد وافقت على السفر. لم تعترض، وهذا أمر شائن!»
عندما حانت لحظة الفراق راح يبكي بكاء مرا مثل طفل، وعندما اختفى عن ناظريه ركب المسافرين، ظل واقفا كالمقيد بالأغلال، متابعا إياهم ودموعه تنهمر على خده.
لقد ظهرت هناك خطابات أكثر إيلاما من العلاقات الشخصية. لم تتوقف ماريا ديمترييفنا عن تعذيب دستويفسكي وهي بعيدة عنه، وهي تجأر بالشكوى من الفقر والمرض، ومن الحالة المحزنة التي وصل إليها زوجها، ومن المستقبل البائس. لكن أكثر ما أثار الاضطراب والعذاب عند دستويفسكي هو شكوى مراسلته من الوحدة التي لا تحتمل، وحاجتها إلى شخص ما يفرج همها.
آنذاك بدأ التلميح أكثر حماسا حول اسم صديق جديد في كوزنتيسك؛ «مدرس شاب لطيف»، يمتلك خصالا نادرة و«روحا سامية»، هنا سقط دستويفسكي في كآبة نهائية، راح يمشي كالظل، بل وأهمل رواية «مذكرات من البيت الميت»، التي كان منشغلا بالعمل على إتمامها في تلك الفترة بكل ولع. وعندما عاتبه فرانجيل على ذلك رد عليه قائلا: «كتبت لي تقول إنني أتكاسل عن العمل. أبدا يا صديقي، لكن علاقتي بماريا ديمترييفنا قد شغلتني كلية في العامين الأخيرين. كنت أعيش، وإن كنت أعاني، لكنني، على أقل تقدير، كنت أعيش!»
في شهر أغسطس من عام 1855م، تلقى دستويفسكي خطابا من ماريا ديمترييفنا يفيد أن زوجها قد توفي. وأخبرته أن إيسايف قد مات في ظروف قاسية لا تحتمل، وأن ابنها قد جن من البكاء واليأس، وأنها تتعذب من الأرق ومن نوبات حادة من المرض. ثم حكت له أنها دفنت زوجها بنقود اقترضتها من أغراب، وأنه لم يتبق لديها شيء سوى الديون، وأن شخصا ما أرسل إليها ثلاثة روبلات: «لقد دفعتني الحاجة لأن أقبل ... وقبلت ... الإحسان ...»
অজানা পৃষ্ঠা