وكما أن الرجل لا يخسر طهره بالحقيقة، عن عرفان بالجنس الآخر، بل عن علم بالمال، يسفر حب الربح والبخل عن حرمان الزنجي الغني بساطته، والأسود ولوع باللعب منذ أيام الصبا فيلعب بالحصباء
6
على الرمل، ثم يبدو ولوعا بماشيته وكوخه وحريته، ولكن مع بقاء مرحه. والرجل - قويا كان أو غنيا - لا يلعب بالحصى ولا يرقص ولا يضع قرون العفاريت على رأسه، وهو وحيد حذر خبيث محب للانتقام، وهو حريص يخاف القتلة كالطاغية الأبيض، غير أنه لا يعطي القساوسة - ولا الأساتذة الذين يكلفون بإثبات أهدافه القومية - شيئا، ورئيس القبيلة هو كالطاغية في الغالب، فلا يزيد عن العبد ثقافة، وهو على العموم لا يمتاز من هذا بغير فن الكلام.
وكل واحد يود أن يكون رئيسا لمثل الأسباب التي تساور البيض، فإلى الرئيس تقدم الجعة كما يريد، وإليه يقدم بعد الصيد أطيب قطعة من الصدر وجلد نمر، وناب فيل على الخصوص، وهو إذا ما ارتحل أخلي له كوخ أينما حل، وتبدو بلية الغنى حتى في هذه المرحلة التي هي أدنى دركات نزاع الطبقات، والغني أي الملك، عاجز عن التمتع بكل ما يملك، وهو لا ينفك يبذل جهده في خدع الموت بتوريث سلطانه، وهو إذ كان كثير الأزواج عن طمع حملا للعمل وفق فائدته وعن جهل لمذهب ملتوس،
7
وهو إذ كان ذا ولد كثير، تراه يؤدي إلى قتل الأخ لأخيه بين ورثته، والأسر تتذابح والقبائل تتقاتل وصولا إلى مرور بضع مئات من الأنعام
8
من قرية إلى أخرى، ومما ورد في تاريخ النيام نيام الذين هم من أكلة لحوم البشر ذكر رئيس قتل الغنباري ستة إخوة له وذكر رئيس آخر كان له من الحفدة واحد وعشرون بعد المائة.
ووجد أبناء أولئك الملوك وحفدتهم، وصانعو المطر أيضا، صيغة مهذبة لكي يتخلص منهم، وهي أن الملك إذا ما أصيب بصداع أو مغص أعلنوا أنه من سمو المقام ما لا ينبغي أن يمرض معه وقتلوه، وإذا ما دافع الملك عن حياته وحاول أبناء وحفدة له أن يحموه عرض هؤلاء أنفسهم للذبح، وزنوج النيل ألفوا
9
অজানা পৃষ্ঠা