ফারাও এবং আরবদের আমলে নীল

আন্তোন জিক্রি d. 1369 AH
103

ফারাও এবং আরবদের আমলে নীল

النيل في عهد الفراعنة والعرب

জনগুলি

ولم يبق لأهل المدينة وقود في تنانيرهم وأفرانهم وبيوتهم إلا خشب السقوف والأبواب والزروب، ومما يقضي منه العجب أن جماعة من الذين ما زالوا محدودين سعدوا في دنياهم هذه السنة، فمنهم من أثرى بسبب متجرة من القمح، ومنهم من أثرى بسبب مال انتقل إليه بالإرث، ومنهم من حسنت حاله لا بسبب معروف، فتبارك من بيده القبض والبسط، ولكل مخلوق من عنايته قسط.

وأما خير النيل في هذه السنة فإنه احترق في برمودة احتراقا كثيرا، وصار المقياس في أرض جرز، وانحسر الماء عنه نحو الجيزة، وظهر في وسطه جزيرة عظيمة طويلة ومقطعات أبنية، وتغير الماء في ريحه وطعمه، ثم تزايد التغير ثم انكشف أمره عن خضرة طحلبية، كلما تطاول الأيام ظهرت وكثرت كالتي ظهرت في أبيب من السنة الحالية، ولم تزل الخضرة تتزايد إلى آخر شعبان، ثم تناقصت إلى أن ذهبت وبقي في الماء أجزاء نباتية منبثة فقط، وطاب طعمه وريحه، ثم أخذ في رمضان ينمو وتقوى جريته إلى اليوم السادس عشر منه، فقاس فيه ابن أبي الرداد قاع البركة فكان ذراعين، وأخذ في زيادة ضعيفة أضعف من السنة الخالية، ولم يزل في زيادة ضعيفة إلى ثامن ذي القعدة، وهو السابع عشر من مسرى، فزاد أصبعا ثم وقف ثلاثة أيام، فأيقن الناس بالبلا واستسلموا للهلكة، ثم أخذ في زيادات قوية أكثرها ذراع إلى ثالث ذي الحجة، وهو السادس من توت، فبلغ خمس عشرة ذراعا وست عشرة أصبعا، ثم انحط من يومه وانهزم على فوره، ومس بعض البلاد تحلة القسم فكأنما زارها طيف خياله في الحلم.

وإنما انتفع به ما كان في البلاد مطمأنا فأروى المنخفضات كالغربية ونحوها، غير أن القرى خالية عن فلاح أو حراث أصلا فهم كما قال الله تعالى:

فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم ، وإنما أرباب الجدات يجمعون شذاذهم ويلتقطون أفرادهم، وقد عز الحراث والبقر جدا حتى بيع الثور الواحد بسبعين دينارا، والهزيل بدون ذلك.

وكثير من البلاد ينحسر عنها الماء بغير حقه ولغير وقته؛ إذ ليس بها من يمسك الماء ويحبسه فيها فتبور لذلك مع ريها، وكثير مما روي يبور لعجز أهله عن تقاويه والقيام عليه، وكثير مما زرع أكلته الدودة، وكثير مما سلم منها أضوى وعطب، ونهاية سعر القمح في هذه السنة خمسة دنانير للإردب، والفول والشعير بأربعة دنانير، وأما بقوص والإسكندرية فبلغ ستة دنانير.

ومن الله سبحانه برجوع الفرج وهو المتيح للخير بمنه وجوده.

وفي حوادث سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، دخلت هذه السنة والأحوال التي شرحناها في السنة الخالية على ذلك النظام إلى زها نصفها، فتناقص موت الفقراء لقلتهم لا لارتفاع السبب الموجب.

وحكي أنه كان في مصر تسعمائة منسج للحصر، فلم يبق إلا خمسة عشر منسجا، وقس على هذا سائر ما جرت العادة أن يكون في المدينة من باعة وخبازين وعطارين وأساكفة وخياطين وغير ذلك من الأصناف، فإنه لم يبق من كل صنف من هؤلاء إلا نحو ما بقي من الحصيرين أو أقل من ذلك.

وأما الدجاج فعدم رأسا، لولا أنه جلب منه شيء من الشأم، وحكي لي أن رجلا مصريا شارف الفقر، فألهم أن اشترى من الشأم دجاجا بستين دينارا، وباعها بالقاهرة على القماطين بنحو ثمانيمائة دينار، ولما وجد البيض بيع بيضة بدرهم ثم بيضتان ثم ثلاثا ثم أربع واستمر على ذلك، وأما الفراريج فبيع الفروج بمائة درهم، ولبث برهة يباع الفروج بدينار فصاعدا.

والذي دخل تحت الإحصاء من الموتى ممن كفن، وجرى له اسم في الديوان وضمته الميضاة في مدة اثنين وعشرين شهرا أولها شوال في سنة ست وتسعين، إلى رجب في سنة ثمان وتسعين، مائة ألف نفس وأحد عشر ألفا إلا آحادا، وهذا مع كثرته نزر في جنب الذين هلكوا في دورهم وفي أطراف المدينة وأصول الحيطان، وجميع ذلك نزر في جنب من هلك بمصر وما تاخمها، وجميع ذلك نزر في جنب من أكل في البلدين، وجميع ذلك نزر جدا في جنب من هلك وأكل في سائر البلاد والنواحي والطرقات، وخاصة طريق الشأم فإنه لم يرد أحد من ناحيته فسألته عن الطرق إلا ذكر أنها مزرعة بالأشلا والرمم، وهكذا ما سلكته منها، ثم إنه وقع بالفيوم والغربية ودمياط والإسكندرية موت عظيم ووباء شديد، ولا سيما عند وقت الزراعة، فيموت على المحراث الواحد عدة فلاحين، حكي لنا أن الذين بذروا غير الذين حرثوا كذلك الذين حصدوا.

অজানা পৃষ্ঠা