من المهلكات وموجبا لارتفاع الدرجات ، وقد ظهر لأهل الحل والعقد ، وأرباب السبك (1) والنقد ، أن أشرف الموجودات وأكمل المعلومات ، هو ذات واجب الوجود ، المفتقر إليه كل موجود ، فالعلم به تعالى وتقدس أجل من كل علم وأنفس. هذا مع اتفاق الرسل والأنبياء ، وإطباق العقلاء وإجماع العلماء على وجوب معرفة الله تعالى على الأعيان ، والحتم (2) بها في كل حين وزمان ، ولم يسوغ أحد من المشرعين ، ولا جوز أحد من العارفين سلوك طريق التقليد لأحد من العلماء ، ولا ارتكاب عقائد الأجداد والآباء ، إلا بعد الجد والاجتهاد والاستقصاء في تحصيل الاعتقاد ، بل حرموا ذلك على الإطلاق ومنعه الشارع بالاتفاق.
وأوجبوا على كل مكلف بذل الوسع في تحصيل المعارف ، ليحصل الأمن من المخاوف ، وذلك إنما هو بعلم الكلام ، فوجب معرفته على الخاص والعام. وقد صنفنا فيه كتبا متعددة ومسائل مسددة.
وقد أجمع رأينا في هذا الكتاب الموسوم ب «نهاية المرام في علم الكلام» على جمع تلك الفوائد التي استنبطناها والنكت التي استخرجناها ، مع زيادات نستخرجها في هذا الكتاب لطيفة ، ومعان حسنة شريفة لم يسبقنا إليها المتقدمون ولا سطرها المصنفون.
ثم نذكر على الاستقصاء ما بلغنا من كلام القدماء ، ونحكم بالإنصاف بين
পৃষ্ঠা ৫