নিহায়াত আকদাম
نهاية الإقدام في علم الكلام
জনগুলি
فنقول من المعلوم الذي لا مرية فيه أن النطق اللساني مركب من حروف والحروف مقطعات من أصوات وما من حرف يتفوه به الإنسان وينطق به اللسان ألا ويفنى عقيب ما وجد وينعدم كما يتجدد ويعقبه حرف آخر إلى أن يصير مجموع الحرفين والثلاث وأكثر كلمة ويصير مجموع الكلمتين والثلاث وأكثر كلاما مفهوما مشتملا على معنى من المعاني معلوم لولا ذلك المعنى لم يسم الحروف والكلمات كلاما فإذا كل الحروف والكلمات محالها اللسان وكل المعاني والمفهومات محالها الجنان وبمجموع الأمرين سمي الإنسان ناطقا ومتكلما حتى لو وجدت الحروف اللسانية منه دون المعاني الجنانية سمي مجنونا لا متكلما إلا بالمجاز ولو وجدت المعاني الجنانية منه دون الألفاظ اللسانية سمي مفكرا لا متكلما إلا بالمجاز وإن كان بين الموضعين فرق وهو كالفرق بين المؤمن بلسانه دون قلبه وبين المؤمن بقلبه دون لسانه غير أنا نسامحهم ها هنا حتى يتضح الحق من السقيم ثم نعطي كل قسم حقه.
فنقول لولا مطابقة الألفاظ اللسانية معانيها النفسانية لم يكن كلاما أصلا بل لولا سبق تلك المعاني في النفس على العبارات في اللسان لم يمكن أن يعبر عنها ولا أن يدل عليها ويوصل إليها وهذا في حقنا ظاهر فما قولكم في حق الباري سبحانه أفيخلق حروفا وكلمات في محل ولا دلالة لها على معان وحقائق أم لها دلالة فإن كان الأول فهو من أمحل المحال وإن كان الثاني حقا فما مدلول تلك العبارات وأين ذلك المدلول ولا جائز أن يقال مدلولها علم الباري تعالى وعالميته فإن العلم لا اقتضاء فيه والمدلول ها هنا يجب أن يكون اقتضاء وطلبا والعلم يتعلق بالمعلوم على ما هو به وخلاف المعلوم لا يقتضيه العلم وقد يكون من القول ما يقتضي خلاف المعلوم والعلم من حيث هو علم يتعلق بالواجب والجائز والمستحيل والاقتضاء والطلب لا يتعلق بالواجب والمستحيل وكذلك الإرادة لا تصلح أن تكون مدلولة لها فإن الإرادة وإن تخيل فيها اقتضاء وطلب فلا يتخيل فيها خبر واستخبار ووعد ووعيد وقد تحقق في العبارات هذا المعنى وكذلك القدرة لا تصلح أن تكون مدلولة لها فإنها بخاصيتها بعيدة عن الاقتضاء والطلب أعني طلب الفعل من الغير فلا بد إذا من مدلول قطعا ويقينا وإلا خلت العبارات عن المعاني وطاحت في إدراج الأماني كسير السواني وذلك المدلول يجب أن يختص بالقائل اختصاص وصف وصفة حتى تستقيم الدلالة وتتضح الإمارة ثم ذلك المدلول أهو واحد وحدة الموصوف أو كثير كثرة العبارات أو هو قديم قدم الموصوف أو محدث حدوث العبارات فذلك محل الاشتباه في الموضعين ومجال النظر في الطرفين وملتطم الأمواج عند التقاء البحرين.
القاعدة الثالثة عشر
في أن كلام الباري واحد
ذهبت الأشعرية إلى أن كلام الباري تعالى واحد وهو مع وحدته أمر ونهي وخبر واستخبار ووعد ووعيد وذهبت الكرامية إلى أن الكلام بمعنى القدرة على القول معنى واحد وبمعنى القول معان كثيرة قائمة بذات الباري تعالى وهي أقوال مسموعة وكلمات محفوظة تحدث في ذاته عند قوله وتكلمه ولا يجوز عليها الفناء ولا العدم عندهم وذهبت المعتزلة إلى أن الكلام حروف منظومة وأصوات مقطعة شاهدا وغائبا لا حقيقة للكلام سوى ذلك وهي مخلوقة قائمة بمحل حادث إذا أوجدها الباري تعالى سمعت من المحل وكما وجدت فنيت وشرط أبو علي الجبائي البنية المخصوصة التي يتأتى منها مخارج الحروف شاهدا وغائبا ولم يشترط ذلك ابنه أبو هاشم في الغائب.
পৃষ্ঠা ৯৯