নিহায়াত আকদাম
نهاية الإقدام في علم الكلام
জনগুলি
وأما الشفاعة فقد قالت المعتزلة أنها للمطيعين من المؤمنين بناء على مذهبهم أن الفاسق إذا خرج من الدنيا من غير توبة خلد في النار لأنه قد استوجب النار بفسقه ومن دخل النار كان مغضوبا عليه ومن كان مغضوبا عليه لا يدخل الجنة وأيضا فإنه في حال الفسق ما استحق اسم الإيمان لأن الإيمان عبارة عن خصال محمودة يستوجب المؤمن بها المدح والثناء والفاسق لا يستوجب المدح وقد أخلى أركان إيمانه بخروجه عن الطاعة واستدلوا على ذلك بآيات من الكتاب منها قوله تعالى " ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها " وقوله تعالى " بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " وقوله تعالى " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها " وأيضا فإن الرب تعالى ذكر حال الأشقياء وحال السعداء وربط الخلود بمكانهما ولم يذكر في القرآن قسما ثالثا فقال " فأما الذين شقوا وأما الذين سعدوا " وفي تفصيل الفريقين فريق في الجنة وفريق في السعير.
وزادت الخوارج عليهم بأن كفروا صاحب الكبيرة واستدلوا عليه بقصة إبليس إذ كان عارفا بالله مطيعا له غير أنه ارتكب كبيرة وهو الامتناع من السجود لآدم عليه السلام فاستوجب اللعن والتكفير والتخليد في النار.
وقصرت المرجئة في مقابلتهم حيث قالوا الإيمان قول وعقد وإن عري عن العمل فلا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة.
وأشدهم تقصيرا الكرامية الذين ينفر الطبع السليم عن نقل مقالاتهم وذكر مذاهبهم لخبثها وركاكتها قالت الإيمان قول مجرد وهو الإقرار باللسان فحسب وإن كان المقر كاذبا منافقا فهو مؤمن وليتهم قالوا مؤمن عندنا بل قالوا مؤمن حقا عند الله تعالى حتى يثبت في حقه مشاركته المؤمنين في أحكام الإسلام.
قالت الأشعرية الإيمان عبارة عن التصديق في وضع اللغة وقد قرره الشرع على معناه.
واختلف جواب أبي الحسن رحمه الله في معنى التصديق فقال مرة هو المعرفة بوجود الصانع وإلاهيته وقدمه وصفاته وقال مرة التصديق قول في النفس يتضمن المعرفة ثم يعبر عن ذلك باللسان فيسمي الإقرار باللسان أيضا تصديقا والعمل على الأركان أيضا من باب التصديق بحكم الدلالة أعني دلالة الحال كما إن الإقرار تصديق بحكم الدلالة أعني دلالة المقال فكان المعنى القائم بالقلب هو الأصل المدلول والإقرار والعمل دليلان.
قال بعض أصحابه الإيمان هو العلم بأن الله ورسوله صادقان فيما أخبرا به ويعزى هذا أيضا إلى أبي الحسن ثم القدر الذي يصير به المؤمن مؤمنا وهو التكليف العام على عوام الخلق وخواصهم هو أن يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ملكه ولا نظير له في جميع صفات إلاهيته ولا قسيم له في أفعاله وأن محمدا رسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله فإذا أتى بذلك لم ينكر شيئا مما جاء به وأنزل به فهو مؤمن فإن وافاه الموت على ذلك كان مؤمنا عند الله وعند الخلق وإن طرئ عليه ما يضاد إيمانه ذلك والعياذ بالله حكم عليه بالكفر عند ذلك وإن اعتقد مذهبا يلزمه من حكم مذهبه مضادة ركن من هذه الأركان لم يحكم بكفره مطلقا بل ينسب إلى الضلالة والبدعة ويكون حكمه في الآخرة موكولا إلى الله تعالى تخليدا في النار أو تأقيتا.
পৃষ্ঠা ১৬৫