নিহায়াত আকদাম
نهاية الإقدام في علم الكلام
জনগুলি
وأما الجواب عن السؤال الرابع نقول نحن نجوز الإضلال على الله تعالى ولكن بشرط أن لا يقع خلاف المعلوم وبشرط أن لا يتناقض الدليل والمدلول ولا يلتبس الدليل والشبهة وبشرط أن لا يؤدي الأمر إلى التعجيز وبشرط أن لا يؤدي إلى التكذيب في القول ونذكر لكل واحد وجها ومثالا فنقول إذا علم الرب تعالى أنه يرسل رسولا يهتدي به قوم فهو كما يعلم أنه ينصب دليلا يستدل به قوم فلو أضلهم بعين ذلك الدليل وقع الأمر على خلاف المعلوم وذلك محال وكذلك إذا أخبر أنه يرسل رسولا يهتدي به ثم أضل كل من بعث إليه تناقض الخبر وانقلب الصدق كذبا وذلك محال فإن الكذب لا يجوز على الله تعالى وإنما لا يجوز ذلك عليه لأن الكذب إخبار عن الشيء على خلاف ما هو به وهو يعلمه على ما هو به وكل من علم شيئا كان له خبر عن معلومه والخبر عن المعلوم خبر عن ما هو به فلا يجتمع في العالم خبران متناقضان وإذا علم الرب تعالى صدق النبي وأخبر عن صدقه فقد صدقه ومن صدقه فلا يجوز أن يكذبه ومن وجه تناقض الدليل أن جهة الدلالة في القرينة وفي الفعل لا تختلف فإذا دل الشيء على شيء لا يجوز أن يدل على خلافه فإن ذلك غير مقدور كما أن جهة التخصيص إذا دلت على الإرادة لم تدل على خلاف ذلك فجهة التخصيص بالتصديق لا تدل على خلاف قصد المخصص بالتصديق فإرسال رسول وإخلاؤه عن دليل الصدق وإظهار معجزة والقصد بها إلى إضلال الخلق وإظهار خارق للعادة على يدي كاذب في معارضة دعوى النبي كل ذلك محال لما ذكرناه أنه يؤدي إلى محال كإخلاء النظر الصحيح التام عن الإفضاء إلى العلم فإنه إذا تم وجب وجود العلم لا محالة وكنصب دلالة التوحيد لتدل على الشرك والإضلال على الإطلاق يجوز أن يضاف إلى الله تعالى بمعنى أنه يخلق ضلالا في قلب شخص لكنه إذا أدى إلى محال فهو محال فلا يفعله لتناقضه واستحالته ولا لقبحه وبشاعته.
وأما الجواب عن السؤال الخامس نقول لا ينحصر طريق التعريف في المعجزات بل يجوز أن يخلق لهم علما ضروريا بصدق النبي فلا يحتاج المذكر إلى طلب المعجزة ليعرف بها صدقه أو ينصب لهم إمارات أخر غير خارقة للعادة لكن يتبين لواحد بحكم قرينة أورثت علما لشخص ولم تورث علما لغيره أو يخبر من استأهله لسماع كلامه فيعلم صدقه كما أخبر الملائكة " إني جاعل في الأرض خليفة " وإذا ثبت صدقه عندهم إما بالخبر أو بتعليم الأسماء لزم تصديقه على كل من خلف بعدهم وإذا أخبر من ثبت صدقه بدليل ما عن صادق آخر يخلفه وجب تصديقه وكذلك الخبر عن كل صادق بشارة لمن بعده وإعلاما للخلق بآيات في خلقه وصورته وقوله وفعله وجب على كل من سمع ذلك تصديقه بإخبار الأول ولهذا أخبر التنزيل عن مثل هذه الحالة على لسان عيسى عليه السلام " ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد " وعلى لسان موسى عليه السلام " النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل " الآية وعلى لسان الخليل عليه السلام " ربنا وابعث فيهم رسولا " الآية وأماراته في التوراة والإنجيل أكثر من أن تحصى ولقد كان لموسى عليه السلام بيت صور أعني صور الأنبياء والأولياء عليه السلام يدخله فيطالع الصور كل سبت فلو لم يظهر النبي معجزة قط كان ما مضى من الدلائل كافيا له فلهذا اقتصرت معجزاته على إظهار الأمر للأميين من العرب دون أهل الكتاب من اليهود والنصارى فإنهم كانوا محجوبين بما ثبت عندهم من الأخبار عن الصادقين.
পৃষ্ঠা ১৫৪