নিহায়াত আকদাম
نهاية الإقدام في علم الكلام
জনগুলি
وقولكم أن الرسول يحيل نزول الآية إلى مشيئة الله تعالى قلنا تلك الحوالة من أدل الأدلة على صدق المقالة إذ لو ادعى الاستقلال بإظهار الآيات ما كان مخبرا عن الله تعالى بأمره ولا داعيا إلى الله بإذنه فهو في كل حال من الأحوال يثبت حق موكله ويظهر العجز من نفسه ويحيل الحول والقوة إلى مرسله وكان الفصل الذاتي لنفس النبي عليه السلام أن لا يكون موكولا لنفسه طرفة عين فلا ينطق عن الهوى ولا يتحرك إلا على متن الهدى وذلك هو العصمة الإلهية المقيمة لنفسه المقومة لذاته ولئن كان النطق فصلا ذاتيا لنوع الإنسان " فما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى " فصل ذاتي لنفس النبي عليه السلام أعرف الإشارة ولا تؤاخذني بالعبارة ونقول أنتم معاشر الصابئة سلمتم بنبوة عاذيمون وهرمس وهما شيث وإدريس عليهما السلام فبم عرفتم صدقهما أبمجرد الدعوى والخبر أم بدليل ونظر وكل ما قدرتموه دليلا في حق شخص واحد ثبتت به نبوته أو على الجملة صدقه في جميع أقواله فهو دليل المخبر الثاني والثالث وإن أحلتم الرسالة في الصورة البشرية فهما بشر مثلكم وأنتم مخبرون عنهما بشر مثلنا.
فإن قلتم أنهما كانا حكيمين عالمين لا نبيين مرسلين قيل وبم وجب عليكم اتباعههما والمحافظة على حدودهما وإحكامهما وانتهاج مناهجهما في الدعوات والصلوات والصيام والزكوات وقد تساوت أقدامكم في العقول والأنفس وتشابهت صوركم في البشرية والإنسانية.
ومن عجب ما يلزم منكري النبوة أن من أنكر النبوة فقد أقر بها من حيث أنكرها فإن النبوة لا معنى لها إلا الخبر عن الله تعالى بأنه أرسل رسولا ومن أنكر فقد ادعى أنه مخبر عن الله أنه لم يرسل رسولا فقد ادعى الرسالة لنفسه فكان إنكاره إقرارا وعاد إنكاره تسليما ومن سلم أن لله على عباده تكليفا وأمرا فقد سلم أنه يرسل رسولا وإنما النزاع وقع في أن الرسالة هل تتصور في الصورة البشرية " وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا " وإذا بينا أن البشرية لا تنافي الرسالة فقد أثبتنا جواز انبعاث الرسل والصابئة سلموا الرسالة للروحانيات وأوجبوا التوجه إلى هياكلها من الكواكب السبعة وعملوا الأشخاص على صورة الهياكل فتقربوا إليها وذلك عود إلى الصورة والأصنام والحنفاء سلموا الرسالة للجسمانيات وأوجبوا التوجه إلى أشخاصهم ولم يتخذوا أصناما آلهة ولا اعتقدوا النبيين أربابا لكنهم قالوا لهم طرفان بشرية ورسالة " قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا " فبطرف البشرية يشاكل نوع الإنسان ويشاركه فيأكل ويشرب وينام ويستيقظ ويحيى ويموت وبطرف الرسالة يشاكل نوع الملائكة ويشاركه فيسبح ويقدس ويبيت عند ربه فيطعمه ويسقيه وتنام عيناه ولا ينام قلبه ويموت قالبه ولا يموت روحه والمناظرة بين الفريقين في أول الزمان كانت قائمة وقد أظهرها الخليل صلى الله عليه وسلم حيث قال " إني بريء مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين " وبذلك أمر خاتم النبيين عليه السلام قال علي ملة أبيكم إبراهيم وقال إني أمرت أن أكون أول من أسلم وقال إني وجهت وجهي الآية وغيرها من الآيات وفيه فصول كثيرة ذكرناها في كتاب الملل والنحل.
পৃষ্ঠা ১৪৯