নিহায়াত আকদাম
نهاية الإقدام في علم الكلام
জনগুলি
سوى أبي الحسن الأشعري فإنه يقول كل إدراك علم على قول ولا يقول كل علم إدراك بل الإدراك علم مخصوص فإنه يستدعي تعيين المدرك ويتعلق بالموجود فقط والوجود هو المصحح بخلاف العلم المطلق فإنه لا يستدعي تعيين المدرك ولا يتعلق بالموجود من حيث هو موجود بل يتعلق بالمعدوم والموجود والواجب والجائز والمستحيل لكن من الإدراكات ما هو علم مخصوص كالسمع والبصر وتردد رأيه في سائر الإدراكات أهي علوم مخصوصة أم إدراكات ورأي بعض أصحابه أنها إدراكات أخر وليس الوجود بمجرده مصححا لها فقط بل الاتصال فيها شرط فلا يتصور شم إلا باتصال أجزاء من المتروح أو من الهوى إلى المشام وكذلك الذوق واللمس لا يتصور وجودهما إلا باتصال جرم بجرم.
وقالت الفلاسفة يرتسم في الحواس الظاهرة بصور صورة تفيض عليها من واهب الصور عند استعدادات تحصل فيها بمقابلة الحاس والمحسوس ثم قد تكون تلك الصورة نفس الإدراك وقد يكون الإدراك شيء آخر دون تلك الصورة كمقابلة المرئي من الألوان والأشكال في الرطوبة الجليدية من العين التي تشبه البرد والجمد فإنها مثل مرآة فإذا قابلها متلون انطبع مثل صورته فيها كما ينطبع مثل صورة الإنسان في المرآة بتوسط جسم شفاف بينهما لا بأن ينفصل من المتلون شيء ويمتد إلى العين ولا بأن يتصل شعاع فيمتد إلى المتلون فإذا حصلت الصورة في الجليدية أفضت إلى القوة الباصرة المودعة في ملتقى الأنبوبتين في مقدم الدماغ وهما عصبتان مجوفتان على شكل صليب فتدركه النفس بهما فتكون الصورة في الجليدية من العين والإدراك في الحس المشترك ولما كانت الجليدية كرية ومقابلة الكرة يكون بالمركز وفرضنا سطحا مستديرا مثلا كالترس كان يقابله على خطوط مستقيمة محيط بالترس متسع الأسفل متضايق الأعلى ينتهي إلى الجليدية على دائرة صغيرة وحيثما ازداد الترس بعدا ضاقت الزاوية فصغر في العين فيرى الكبير من البعد صغيرا فلو كان الإدراك معنى في العين وتعلق بالمدرك على ما هو به كان المرئي مرئيا على مقدار شكله وصورته ولم يتفاوت الأمر بالقرب والبعد وأيضا فإن النقطة من النار إذا أديرت بسرعة أشبهت دائرة يدركها البصر وهي في نفسها نقطة والقطر النازل يرى خطا مستقيما وهو مستدير فتحقق أن الحس الحقيقي ما في الباطن دون الصورة الظاهرة وأما السمع فإن الصوت والكلام المركب من الحروف إذا صادف الهوى الراكد الذي في الصماخ المجاور للعصبة المفروشة في أقصى الصماخ الممدودة مد الجلد على الطبل والوتر على الصنج حصل منه طنين فيها فتشعر به القوة المودعة في تلك العصبة على رأي أو أدركه الحس المشترك على رأي فحصل السماع ثم الفهم ثم التمييز ثم الحكم ثم القبول فتلك العصبة بالنسبة إلى الصوت والكلام نازل منزلة الجليدية في العين غير أن الصورة في المرآة تحصل دفعة تامة والصورة في العصبة تحصل متعاقبة في لحظة ويحصل الإدراك به وينتقش الخيال منه انتقاش اللوح من القلم فيحصل فيه الكلام مكتوبا معاينا فيقرأ كما يقرأ من الصحيفة وهاتان الحاستان ممتازتان عن سائر الحواس بأن إدراكهما غير ما ارتسم في الحاستين وأما الشم فإنه بقوة في زائدتي الدماغ المشبهتين بحلمتي الثدي وإنما يدرك بواسطة جسم ينفعل من الروائح وذلك بانفعال الهوى من ذي الرائحة لا بانتقال أجزاء تنفصل منها أو رائحة تنتقل عنها فيصل إلى الحلمتين فتدركه القوة المركوزة فيها والذوق هو قوة مودعة في العصبة المفروشة على ظاهر اللسان بواسطة الرطوبة العذبة التي لا طعم لها المنبسطة على ظاهر اللسان فإنها تأخذ طعم ذي الطعم وتستحيل إليه وتتصل بتلك العصبة فتدركها العصبة واللمس هو قوة مبثوثة في جميع البشرة واللحم المتصل بها يدرك بها الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة والصلابة واللين والخشونة والملاسة والخفة والثقل والذي يحمل هذه القوة جسم لطيف يجري في شباك العصب ويستمد من القلب والدماغ وإنما يدرك إذا استحال كيفية البشرة إلى شبه المدرك بشرط أن يتفاوتا في الكيفية وهذه القوى كلها معدات لقبول الفيض من واهب الصور وإلا فالحاسة لا تحدث إدراكا.
পৃষ্ঠা ১২৩