القاعدة الأولى
في حدث العالم وبيان استحالة حوادث لا أول لها واستحالة وجود
أجسام لا تتناهى مكانا
مذهب أهل الحق من أهل الملل كلها أن العالم محدث ومخلوق أحدثه الباري تعالى وأبدعه وكان الله تعالى ولم يكن معه شيء ووافقتهم على ذلك جماعة من أساطين الحكمة وقدماء الفلاسفة مثل تاليس وانكساغورس وانكسمايس ومن تابعهم م أهل ملطية ومثل فيثاغورس وأنبدقلس وسقراط وأفلاطن من أثينية ويونان وجماعة من الشعراء والنساك ولهم تفصيل مذهب في كيفية الإبداع واختلاف رأي في المبادي الأول شرحناها في كتابنا الموسوم بالملل والنحل ومذهب أرسطاطاليس ومن شايعه مثل برقلس والاسكندر الافروديسي وثامسطيوس ومن نصر مذهبه من المتأخرين مثل أبي نصر الفارابي وأبي علي الحسين بن عبد الله بن سينا وغيرهما من فلاسفة الإسلام أن للعالم صانعا مبدعا وهو واجب بذاته والعالم ممكن الوجود بذاته واجب الوجود بالواجب بذاته غير محدث حدوثا يسبقه عدم بل معنى حدوثه وجوبه به وصدوره عنه واحتياجه إليه وهو جوهر مجرد قائم بذاته مجرد عن المادة وبتوسط ذلك أوجب عقلا آخر ونفسا وجرما سماويا وبتوسطهما وجدت العناصر والمركبات وليس يجوز أن يصدر عن الواحد إلا واحد ومعنى الصدور عنه وجوبه به ولا يتصور موجب بغير موجب فالعالم سرمدي وحركات الأفلاك سرمدية لا أول لها تنتهي إليه فلا تكون حركة إلا وحركة قبلها فهي لا تتناهى مدة وعدة واتفقوا على استحالة وجود علل ومعلولات لا تتناهى واتفقوا أيضا على استحالة وجود أجسام لا تنتهي بالفعل والضابط لمذهبهم فيما يتناهى وما لا يتناهى إن كل عدد فرضت آحاده موجودة معا وله ترتيب وضعي أو فرضت آحاده متعاقبة في الوجود وله ترتيب طبيعي فإن وجود ما لا نهاية له فيه مستحيل.
مثال القسم الأول جسم أو بعد لا يتناهى ومثال القسم الثاني علل ومعلولات لا تتناهى وما عدى ذلك كل جملة وعدد فرضت آحاده معا أو متعاقبة لا ترتيب لها وضعا ولا طبعا فإن وجود ما لا نهاية له فيه غير مستحيل مثال القسم الأول نفوس إنسانية لا تناهى وهي معا في الوجود بعد مفارقة الأبدان.
পৃষ্ঠা ১