নিদা হাকিকা
نداء الحقيقة: مع ثلاثة نصوص عن الحقيقة لهيدجر
জনগুলি
51
والآن نصف التعامل مع الآخرين بأنه «رعاية»،
52
ويجب أن نفهم هذه الكلمة الأخيرة بأوسع معانيها الوجودية، بحيث تشمل كل أساليب الوجود-مع-الآخرين، من الحب والتضحية إلى عدم الاكتراث والاحتقار (وإن كان هذا الأسلوب الأخير بطبيعة الحال هو أخس وجوه الرعاية وأدنى حالاتها السلبية!) وللرعاية معنيان يقع أحدهما على طرفي نقيض مع الآخر؛ فهناك الرعاية «المقتحمة» - إن جاز هذا التعبير - التي تجعلنا نجرد الآخر من كل أعبائه، بحيث يصبح عرضة للارتكان المطلق علينا كما تعرضنا للسيطرة عليه والتحكم المطلق فيه، وهناك الرعاية الواهبة - إن صح هذا التعبير أيضا - التي تجعلنا نبادل الرعاية بالرعاية، ونرد «الهم» إلى صاحبه لكي يحمله بنفسه ويحرر نفسه بنفسه، والرؤية أو النظر المتعلق بالرعاية هو الاعتبار والتسامح.
بقي أن نسأل عن «المن» المقصود في تعبير الوجود مع الآخرين، وقد عرفنا مما سبق أن هيدجر يبدأ تحليلاته من أسلوب الوجود والحياة اليومية التي يحياها الموجود-الإنساني، ولهذا فليس غريبا أن يكون «من» المقصود بالوجود اليومي مع الآخرين هو «الناس» أو «الجمهور» أو «المرء» أو «الشخص المجهول»،
53
أي ما وصفناه من قبل بالتوسط؛ لنستمع إلى ما يقوله هيدجر عنه: إن «الناس» لتهتم في وجودها أساسا بهذا التوسط؛ ولهذا يضعون أنفسهم من الناحية الفعلية في «توسط» ما يليق وما لا يليق، وما يمكن أن يقره المرء أو لا يقره، وما يصفه بالنجاح أو ما يأباه عليه، وموقف هذا التوسط مما يصح المخاطرة به أو لا يصح هو موقف الرقابة على كل استثناء، إن كل تفوق يسحق في صمت وبغير ضجيج، هذا الهم الذي يؤرق «التوسط يكشف من جديد عن نزعة أساسية لدى الموجود-الإنساني، يمكن أن نسميها تسوية جميع إمكانيات الوجود»،
54
فحياة التوسط أو الحياة العامة تلغي كل الفروق وتقضي على كل أصالة وتنزع عن الموجود-الإنساني كل قدرة على تحمل المسئولية والاستقلال بالرأي واتخاذ القرار، أي تحرمه من أن يكون هو ذاته وتملي عليه أسلوب وجودها.
الناس يحملون عبء وجودنا، ويحسمون القرارات نيابة عنا، وهنا يتم نوع عجيب من «التغطية» أو «التنكير»، فالسيطرة التي يفرضها الناس تجيد التخفي، كل إنسان يعمل ما يعمله وكأنه هو ذاته، وما من أحد هو ذاته، الناس هم كل الناس ولا أحد، لا بد إذا أن تكون هناك أصالة تواجه عدم الأصالة هذه، ولا بد أن يحاول الموجود- الإنساني أن يختار نفسه، على أساس إمكاناته الذاتية، صحيح أن الأمر لا يخلو أبدا من مواقف وحالات يتعذر فيها اتخاذ القرارات الحاسمة واختيار الذات، نتيجة الظروف الخارجية التي تتحكم فينا كل لحظة ، ولكن هيدجر لا يناقشها صراحة، ويؤثر أن يضمنها كلامه الذي سيأتي بعد عن «رمي» الموجود-الإنساني أو كونه ملقى به هناك.
অজানা পৃষ্ঠা