নাজারিয়্যাত মাকরিফা
نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان
জনগুলি
4
وصحيح أن شوبنهور كان يرمي من هذا الكلام إلى هدف مخالف تماما لفكرة تأييد وجود العالم الخارجي، ولكنه يتضمن - بلا شك - تحذيرا من الإفراط في استخدام البراهين العقلية، وتنبيها إلى ضرورة البحث في طبيعة الميدان الذي نعالجه لكي نكون على ثقة من أنه ميدان يقبل هذه البراهين أصلا، ومثل هذا التحذير يفيد - بلا شك - فائدة خاصة في مشكلة وجود العالم الخارجي.
أما لوك فإنه يعرب صراحة عن إيمانه بأن معرفتنا بوجود الأشياء لا ينبغي أن ترد إلى الذهن، فالوسيلة الوحيدة لهذه المعرفة في رأيه هي الإحساس، ولا يمكن عن طريق الأفكار الذهنية وحدها إثبات وجود موضوع للفكرة، مثلما لا يمكن إثبات وجود الإنسان من صورته المرسومة: «وإذن فالتلقي الفعلي لأفكار من الخارج هو الذي ينبئنا بوجود الأشياء الأخرى، ويجعلنا ندرك أن شيئا يوجد في ذلك الوقت خارجنا، ويسبب فينا تلك الفكرة، والدليل الأقوى على ذلك هو شهادة الحواس التي يصفها هنا بأنها الحكم الوحيد الصحيح في هذا الميدان،
5
ويؤكد لوك أن من الخطأ تقديم أسباب وبراهين، أو توقع مثل هذه الأسباب والبراهين في الأمور التي لا تقبل البرهنة أو التعليل، ومثل هذا الشخص الذي يطلب البرهنة على كل شيء، ولا يقبل إلا ما هو ثابت بالبرهان، معرض للفناء السريع.
6
بل إن لوك يعبر عن رأيه بصراحة قد يصفها الفلاسفة بأنها «ساذجة» حين يقول: «لا أظن أن أحدا يبلغ به الشك جادا إلى الحد الذي يرتاب معه في وجود الأشياء التي يراها ويحسها.»
7
ولسنا ندري ماذا كان لوك يقول لو اطلع على الاتجاهات المثالية التي ظهرت من بعده والتي تأثر بعض ممثليها بفلسفته هو ذاته، والأغلب أنه لم يكن عندئذ ليشك في «جدية» القائلين بهذه الآراء، وكل ما في الأمر أنه كان سيرجعها إلى الإفراط في طلب البرهنة على الأمور التي لا تحتاج إلى برهان.
ولنلاحظ أن إشارة لوك إلى تعرض من يطلبون برهانا على كل شيء للفناء السريع لها مغزى كبير في هذا الصدد، فهو هنا يشير إلى الضرر العملي الذي يجلبه الإفراط في طلب البراهين؛ إذ إن إمكان حياة الإنسان العملية يقتضي الاكتفاء بالتجارب المباشرة في المواقف التي يتعامل فيها الإنسان مع الأشياء، وعدم الإصرار على طلب برهان على وجود هذه الأشياء؛ أولا: لأن هذا البرهان قد يكون مستحيلا، كما أثبت ذلك فلاسفة كثيرون عجزوا عن الاهتداء إليه، وثانيا: لأنه يعوق سير السلوك العملي في مجراه الطبيعي، بحيث يبدو التفكير الفلسفي الذي يمارس بحثا عن هذه البراهين أشبه بقوة تعطل الحياة عن السير في مجراها الطبيعي، بل تؤدي إلى توقفها التام في نهاية الأمر.
অজানা পৃষ্ঠা