নাজারিয়্যাত মাকরিফা
نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان
জনগুলি
ولكن إذا تأمل المرء قليلا دور فكرة الله في «ضمان» وجود العالم الخارجي لوجد أن المقصود من هذه الفكرة هو - في أغلب الأحيان - حل مشاكل خلقتها نفس فكرة الله ذاتها أو أفكار أخرى مشابهة، ففكرة لا إرادية المشاعر الخارجية مقنعة، والشيء الوحيد الذي يشكك فيها هو احتمال الخداع عن طريق قوة مسيطرة خارجة عني أو قوة في قادرة على تكوين هذه الأفكار دون معونة أي شيء خارجي، كما يحدث في الأحلام،
4
ومهمة فكرة الله في هذه الحالة هي أن ترد إلي ثقتي بإدراكي الخارجي؛ إذ لو وجدت مثل هذه الملكة الخداعة لكان معنى ذلك أن الله يخدعني، وهو ما يتنافى مع الطبيعة الإلهية، وهكذا نلاحظ أن نفس الافتراض الذي ظهرت فكرة الله لدحضه - أي افتراض وجود ملكة خادعة ذاتية أو قوة من نوع «الشيطان الماكر» أو غيره - هو افتراض من نوع «فوق الطبيعي»، فمثل هذه الملكة إذا كانت ذاتية خالصة، فسيكون عملها غير مفهوم على الإطلاق؛ إذ إن إحساساتي بوجود العالم الخارجي - كما قلنا - لا إرادية، ولا يكفيني فيها مطلقا أن أمارس إحدى ملكاتي، ناهيك بتلك الملكة التي لا تنتمي إلى أي شيء أعرفه، وعلى أية حال فإن هذه الملكة الباطنة غير المألوفة وغير الداخلة في نطاق المعرفة البشرية، لا بد أن تكون صادرة عن قوة خارج البشر تبعثها فيهم، مثل هذه القوة لا بد أن تكون مفروضة علي من الخارج، أي لا بد من افتراض وجود نوع من الروح الخادعة أو الشيطان الماكر التي تتقمصني، وتدفعني إلى مثل هذا «الخداع».
ولست أدري: هل يعد مما يتلاءم مع روح الشك السليمة التي بدأ بها ديكارت تفكيره أن يفترض مثل هذه الافتراضات؟ إن ديكارت قد بدأ بالشك في كل ما تلقاه من تعاليم فلاسفة العصور الوسطى والقديمة، وهذه نقطة بداية سليمة إلى أقصى حد، وهو يظن أن المضي في الشك إلى حد إثارة احتمال وجود «شيطان ماكر» ما هو إلا استمرار في طريق الشك السليم الذي وضعه لنفسه، ولكن الواقع أن إثارة مثل هذا الاحتمال تنطوي على نكسة فكرية شديدة تتعارض تماما مع روح «الشك المنهجي» بمعناها الصحيح، فكما أن الإهابة بالشياطين هي طريقة خرافية إذا اتخذت سبيلا إلى حل مشكلة مجهولة، فإنها كذلك طريقة خرافية إذا اتبعت لإثارة الشك في معارفنا القائمة.
وهكذا يمكن القول: إن كثيرا من الحجج التي أثارها ديكارت للتشكيك في خارجية العالم - وهي الخارجية التي تؤدي إلى الاعتقاد بها إدراكاتنا «اللاإرادية» لموضوعات هذا العالم - لم تكن حججا سليمة، بل لم تكن متمشية مع روح الشك المنهجي التي دفعته إلى التفلسف، ولنلاحظ - على أية حال - أن الدور الذي تقوم به فكرة الله في هذا الصدد لا يعدو أن يكون إعادة الثقة «النفسية» إلى الإنسان بصحة إدراكه للعالم، ولو حللنا جيدا مغزى فكرة «استحالة كون الله خادعا» لما وجدناها تخرج عن مجال إعادة الثقة النفسية هذا؛ إذ إن طريقة التفكير الشكي الأولى كان يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية، وكل ما في الأمر أن فكرة الله تتدخل هنا لتوقف عملية الشك هذه عن السير، وعلى أساس عملية «الإيقاف» هذه يتسنى للإنسان أن يستعيد الثقة بمعرفته، ويكف عن وضع الفروض الخيالية المؤدية إلى الشك.
والخلاصة: أن ديكارت رأى أن وجود العالم الخارجي في حاجة إلى «برهان» عقلي، وأن هذا البرهان يحتاج إلى دعامة من الإيمان لكي تضع حدا لقدرة الذهن على إثارة نقاط للشك لا نهاية لها، وأن من الممكن الاستغناء عن دعامة الإيمان هذه إذا كف الذهن عن إثارة الأسباب «الخرافية» للشك، وبهذا يظل من الصحيح أن العالم الخارجي لا بد موجود لسبب بسيط، هو أن الإدراكات التي تدلنا عليه لا تبعث بإرادتنا، فلا بد إذن أن شيئا خارجا عنا هو الذي يبعثها، وهو السبب الذي نتجه إليه في «ميلنا الطبيعي» (أي موقفنا الطبيعي)، والذي لم يكن ديكارت على استعداد للاكتفاء به نقطة بداية لتفلسفه. (4) الذات الوحيدة الإلهية عند باركلي
لا جدال في أن باركلي كان بدوره متنبها كل التنبه إلى تلك الصعوبة التي تنبه إليها ديكارت، والتي يواجهها أي مذهب ذاتي يؤكد أن إدراكاتنا ترجع كلها إلى الذات، فمثل هذا المذهب يصطدم حتما بواقعة لا سبيل إلى إنكارها، وهي أن إدراكاتنا للعالم الخارجي لا تتوقف مطلقا على مشيئتنا، «فأيا ما كانت القوة التي أتملكها على أفكاري الخاصة، فإني أجد الأفكار التي تدرك فعلا بالحس غير معتمدة على إرادتي على هذا النحو؛ إذ ليس في مقدوري - عندما أفتح عيني في رائعة النهار - أن أختار بين الرؤية وعدم الرؤية، أو أن أحدد الأشياء التي يقع عليها بصري ... فالصورة المنطبعة في هذه الحالة ليست من صنع إرادتي، ولا بد إذن أن تكون هناك إرادة أو روح أخرى هي التي تحدثها.»
5
هذه الروح الأخرى هي - كما نعرف - الروح الإلهية.
ويضيف باركلي إلى ذلك: ما تتصف به صور الحس من حيوية وتميز وإحكام وانتظام لا يتوافر في صور الخيال، وهذا الترابط المحكم لصور الحس فينا هو ما يسمى «بقوانين الطبيعة»، التي تغدو في هذه الحالة تعبيرا مباشرا عن الإرادة الإلهية.
অজানা পৃষ্ঠা