নাজারিয়্যাত মাকরিফা
نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان
জনগুলি
أما في عصر انفصال العلم عن الفلسفة، فقد ارتكب الفلاسفة الخطأ المضاد، وهو محاسبة الموقف الطبيعي عن عجزه عن تفسير الظواهر العلمية، وهكذا نقدت - مثلا - فكرة «الشيء» أو فكرة «الجوهر» على أساس تحليل العلم للصفات المختلفة التي يرجع إليها ما نسميه بالشيء، وهي صفات بعيدة كل البعد عن صفات «الجوهر» القديم، ونسي الفلاسفة هنا أن كشف ذلك العالم العلمي الزاخر ليس معناه هدم الأسس التي يقوم عليها الموقف الطبيعي؛ إذ إن تلك الأسس ستظل منطبقة على هذا الموقف مهما كانت درجة التقدم التي يبلغها العلم.
ولنتحدث الآن بشيء من التفصيل عن هذين النوعين من الخلط بين الموقف الطبيعي والموقف العلمي. •••
فمن المعروف أن الذهن البشري في العالم القديم لم يكن لديه العتاد العلمي اللازم لاكتشاف «العالم الأصغر» و«العالم الأكبر» على أسس تجريبية صحيحة، حقا إن بعض النظريات «الذرية» وكذلك بعض النظريات الفلكية قد ظهرت، ولكن الاستنباط العقلي أو الرياضي كان له الدور الأكبر في كشف هذه النظريات، أما في ميادين البحث الأخرى فإن أساس التفكير العلمي كان الارتكاز على وجهة النظر الطبيعية الشائعة، مع شيء من الترتيب المنهجي الذي تطبق فيه قواعد المنطق الصوري المعروفة، وهكذا كان مجال بحث العلم لا يكاد يختلف كثيرا عن الأشياء كما تراها أعيننا العادية، ولما كان هذا المجال يكون النقطة التي يبدأ منها البحث الفلسفي بدوره، فإن التمييز بين العلم والفلسفة لم يكن ممكنا في ذلك العهد.
ونستطيع أن نقول: «إن شيوع فكرة «الجوهر» في الفلسفة القديمة كان تعبيرا عن ارتكاز الفكر القديم بأسره - في المجالين العلمي والفلسفي معا - على الموقف الطبيعي»، ففكرة الجوهر ترتبط بالموقف الطبيعي ارتباطا واضحا؛ إذ إن العنصر الأساسي في هذا الموقف هو أننا ندرك «أشياء»، وفكرة «الشيء» هذه هي الأساس الذي استخلصت منه فكرة الجوهر، وكما يميز الموقف الطبيعي بين الشيء ومظاهره، فكذلك كانت الفلسفة القديمة تميز بين الجوهر وأعراضه، على أساس أن الجوهر هو العنصر الثابت من وراء تغيرات الأعراض.
فالمعنى الأصلي لفكرة الجوهر عند أرسطو هو «الشيء الفردي».
9
أو ما يمكن أن يشار إليه بكلمة «هذا».
10
وأول تعريف للجوهر في المقال الخامس من الميتافيزيقا هو «الأجسام البسيطة، أي التراب والنار والماء وكل شيء من هذا القبيل، وعلى العموم: الأجسام والأشياء المؤلفة منها، والكائنات الحية والإلهية وأجزاؤها.»
11
অজানা পৃষ্ঠা