وتبين بهذا أن الله لم يجعل عقد يمين ولا عقد نذر مانعا العبد من فعل ما أمر الله به ولا موجبا لفعل ما نهى عنه، بل جعل سبيل طاعته وطاعة رسوله مفتوحا لا يقدر أحد على إغلاقه بل أي عقد أغلق به كان عقدا مفسوخا إما باطلا وإما مكفرا فأحدث الشيطان للناس عقودا ظنوها لازمة وصار من يريد مخالفة أمر الله ورسوله يعاقد بها كالحلف بالمشي إلى مكة والصدقة بكل المال وبالطلاق والعتاق والظهار ونحو ذلك صار من يحلف أو يحلف على أمر لا يمكن نقضه يحلف بذلك وإن كان حالفا أو محلفا على معصية الله ورسوله وتعدي حدوده وتضييع حقوقه ولهذا كان كل من أظهر مخالفة الله ورسوله مولعا بهذه العقود أكثر من غيره.
فقد ذكر الفقهاء في أول من أحدث أيمان البيعة الحجاج فحلف الناس بالطلاق والعتاق وصدقة المال زاد بعضهم والحج مع التحليف باسم الله ثم زاد فيه من استن به زيادات حتى جاء بنو بويه الديلم وكان عند كثير منهم من الإلحاد والبدع والفجور ما هو معروف (عنهم) * فكان منهم من هو معروف بالرفض وأحسن أحواله أن يكون رافضيا ومنهم من يميل إلى المعتزلة وهم خيار أهل البدع منهم ومنهم من هو معروف بمذاهب الباطنبة العبيدية ومنهم من هو منسلخ من الإسلام كله ومنهم فجار لا يعرفون إلا الفجور وإن كان فيهم وفي أتباعهم من هو مسلم باطنا وظاهرا لكن كانت البدع والفجور فيهم أظهر منها في غيرهم.
فذكر من ذكر من الفقهاء أنهم زادوا في أيمان البيعة زيادات عظيمة لفرط مخالفتهم لله ولرسوله وهذا بخلاف من كان يوافق أهل الإسلام والسنة ويخالف أهل الكفر والبدع من الملوك الذين في زمانهم مثل محمود بن سبكتكين فإنه غزا الكفار وأقام من شرائع الإسلام والسنة ما ميزه الله به على من لم يفعل فعله من نظرائه وكانت الإسماعيلية والنصيرية من العبيديين وغيرهم يبطنون من الإلحاد [و] الزندقة** ما لم يبطنه أحد من خلفاء الإسلام ولا يظهرونه إلا لخاصتهم
পৃষ্ঠা ৩১