ونقول: في الجواب تعارضت الأدلة القرآنية في الظاهر، وتناقضت
مدلولاتها، ولا يصح ذلك في الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، والنسخ لا يصح هنا في سائر المسائل الإلهية، وكذلك لا يصح تخصيص العام بعد فترة من الزمن، والدليل على هاتين المسألتين النسخ والتخصيص.
[امتناع النسخ والتخصيص]
أما الأولى: فلأن صفات الله سبحانه وتعالى لا تتغير، فلا يصح أن يخبرنا ثانيا بأنه قد تغير عن حالته الأولى إلى حالة أخرى، لأن صفاته ذاتيه، فلا يصح أن يخبرنا أولا أنه لا يرى، ثم بعد فترة من الزمن يخبرنا أنه سوف يرى، وكذلك سائر صفات الذات نحو أن يخبرنا أولا أنه يعلم الغيب ثم بعد فترة على سبيل الفرض يخبرنا أنه لا يعلم الغيب.
أما الثانية: وهي التخصيص بعد فترة من الزمن، فالدليل على أنه لا يجوز في تلك المسائل التي تقدمت أنه نسخ في الحقيقة لبعض ما تناوله العام، فما دام أنه نسخ فقد أبطلنا النسخ، فبطل هذا.
وزيادة على ما قدمنا، فإن العام قبل مجيء التخصيص موقع للمكلفين في اعتقاد الجهل والخطأ، فهو إذا تلبيس وتغرير للمكلفين، وذلك لا يقع من الحكيم تعالى، وقد قال تعالى: ((ومن أصدق من الله حديثا)) [النساء: 87]، ((ومن أصدق من الله قيلا)) [النساء:122]
، وقال في صفة القرآن: ((لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)) [فصلت:42].
أما التخصيص المتصل فلا مانع، إذ لا تغرير ولا تلبيس.
পৃষ্ঠা ৩৭