ونقول لهم: إن كان الأمر كما ذكرتم من أن الواجب حمل القرآن على الظاهر على الإطلاق، فكيف تفسرون قوله تعالى في وصف القرآن: ((لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه))، فأين اليدان؟، وفي صفة القرية المهلكة في قوله تعالى: ((فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين)) [البقرة: 66]، وقوله تعالى في ذكر العذاب: ((بين يدي عذاب شديد)) [سبأ: 46]، وقوله تعالى: ((ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته أإله مع الله تعالى الله عما يشركون)) [النمل: 63]، فأين يدا القرآن، ويدا القرية، ويدا العذاب، ويدا المطر (الرحمة) يا أهل الظاهر؟! أو جدونا يدين اثنتين، ثم ميزوا الشمال من اليمين، وبينوا لنا كذلك الأصابع: الخنصر والبنصر والوسطى والمسبحة والإبهام؟!، فاليدان لا بد أن تكون كذلك ولا مخرج لكم من ذلك.
فإن لم تفعلوا ذلك فقد عطلتم كلام الله تعالى من الصفة التي ثبتت له بنص القرآن، وإنكار شيء من ألفاظ القرآن القطعية كفر، والتفسير عندكم بخلاف الظاهر ضلال وبدعة وتحريف.
هذا ولا سبيل لكم أيها الظاهرية إلى الخروج من هذه المضايق، وكل ما أوردتموه من السؤال والجواب على أئمتنا وموافقيهم سيرد عليكم مثله.
نعم، إنما أوردنا هذه الآيات والإلزامات للظاهرية، لنبطل مذهبهم من أن الواجب حمل الألفاظ الشرعية على ظاهرها مطلقا، وفي ما ذكرنا إبطال لمذهبهم على الجملة.
পৃষ্ঠা ২৯