[انتفاء الجسمية عن الله تعالى]
الذي يدل على انتفاء الجسمية عن الله تعالى على الجملة قوله تعالى: ((ليس كمثله شيء))، ((ولم يكن له كفوا أحد))، فلو كان تعالى جسما لكان كل جسم مماثلا لله تعالى، ومما يؤكد ذلك من الوجهة النظرية أنه لا خلاف بين المسلمين أن الله سبحانه وتعالى كان ولا شيء، وانه سبحانه هو الذي خلق السموات والأرض وما بينهما، وأنه سبحانه خالق العرش وخالق الأمكنة والأزمنة، كان الله ولا مكان ولا زمان ولا عرش ولا كرسي، فهو غني عن المكان، فلو كان جسما تعالى عن ذلك لكان محتاجا في الأزل إلى مكان، ولا يتصور جسم لا في مكان، لأن التمكن صفة ذاتية للجسم.
بيان ذلك، أن الجسم هو ذو الأبعاد التي هي الطول والعرض والعمق، فما بين طرفي كل هو بعد، فمن بداية الطول مثلا إلى نهايته هو مكان الطول، فقد دخل المكان في تحقق ماهية الجسم، فثبت بهذا الدليل القاطع، أن الله تعالى ليس بذي مكان، ويترتب على ذلك أنه تعالى ليس بجسم ولا عرض لإستحالة وجود جسم لا في مكان ضرورة، والعرض من توابع الجسم.
فإذا ثبت أن الله سبحانه ليس بجسم بالأدلة النقلية والنظرية الصحيحة انتفى عنه سبحانه وتعالى جميع صفات الأجسام.
পৃষ্ঠা ১৮