نَيْلُ المَآرِب
بشَرح دَلِيلُ الطَّالِب
للشَّيخِ عَبد القَادِرْ بْن عُمَر الشَّيْبَانِي
المشهُور بابْن أبى تغلب
عَلى مذهَب الإمَام المبجّل أحمَد بْن حنبَل ﵁
الجُزءُ الأوَّل
حَقَّقَهُ
الدكتور محمد سُليمان عبد الله الأشقر
مكتبة الفلاح
অজানা পৃষ্ঠা
جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الأولى
١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣ م
مكتبة الفلاح - الكويت
ص. ب ٤٨٤٨ - الكويت - شارع بيروت - عمارة الحساوي
مقابل بريد حولي - تليفون ٥٤٧٧٨٤
1 / 2
نَيْلُ المَآرِب
بشَرح دَلِيلُ الطَّالِب
1 / 3
بسم الله الرحمن الرحيم
1 / 4
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التحقيق
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المتقين، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله إمام المؤمنين، الذي أقام الله به الدين، وأثبت به حجّته على العالمين، وأظهر به الحق لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. فصلى الله عليه وعلى إخوانه النبيين وعلى آله وصحبه الهداة المهديين، وسلم تسليمًا كثيرًا.
وبعد، فإن الفقه الإسلامي وهو ثمرة أدلة الأحكام الشرعية الفرعية، وثمرة اجتهاد النخبة من علماء الملة، جمعه الجهابذة الأعلام في مؤلفات بين مطوّلات ومختصرات، ذكروا فيها ما علموه أو غلب على ظنهم من أحكام الله تعالى من أفعال العباد، تيسيرًا للعمل بشريعة الله، وتعليمًا للناس، وإبلاغًا لهم. واستقرّت تلك المؤلفات على أوضاع معينة. وإن كان اختلاف العصور يستدعي تغييرًا في الأساليب والتعبير، وتغييرًا في طرق التأليف، وتعديلًا في موضوعات المسائل، حتى يهمل ما لم يعد الناس بحاجة إليه، ويدخل ما هم بحاجة إليه مما استدعته التطورات الاقتصادية والسياسية وغيرها، وتيسيرًا في طرق العرض تستفيد من الأوضاع الجديدة في علوم التربية والمناهج، من كل ما يسهّل قبول أحكام الله تعالى والعمل بها. بالإِضافة إلى حاجتها إلى تنقيح جملة كثيرة من مسائل الفقه اتبع بعض الفقهاء فيها بعضًا، ولعل مبنى كثير منها حديث ضعيف، أو قياس باطل، أو مصلحة موقوتة، أو وهم عابر.
1 / 9
فما أحوج الفقه الإِسلامي إذن إلى ثورة جديدة تعيده إلى قمة الحيوية والنشاط، وإن كان ذلك لا يمنع أن يكون في تراثنا الفقهي ثروة وأي ثروة، هي كنوز من المعرفة لا تعدلها الكنوز.
وإن إخراج تلك الكنوز إلى حيز النور، على وضع يليق بها، لهو من خير مما ييسّر السبيل لثورة الفقه المنشودة.
وهذا الكتاب الذي نضعه بين يديك قارئي العزيز، هو خلاصة ما استقر عليه العمل في المذهب الحنبلي، وهو المذهب الذي تميز بمزيد قربه من الكتاب والسنة، إذ إنه في أصله قام على كراهية القول بالرأي في مسائل الدين، وعلى الاعتماد على الآيات والأحاديث والآثار.
نقدمه لك، ونحن نبين لك -إن كنت من أهل العلم والنظر- أن واجبك الأخذ بدلالة الكتاب والسنة، والعود إليهما في كل ما تعتقد من أحكام الدين، وأنه ليس لك أن تأخذ بقول مما في هذا الكتاب ولا غيره ما لم يتبين لك أنه الحق بدليله. وإنما هذا الكتاب وأمثاله يبصّرك بالطريق، ويفرّع لك المسائل، ويعطيك فيها حكمًا. وعليك أن تنظر وتقارن، وتستدل وتستوضح. والله الهادي إلى أقوم طريق.
ونقدم لك بين يدي الكتاب ترجمة لصاحب المتن وصاحب الشرحِ ونقدم أيضًا بيانات عن العملين، ثم نقدم ترجمة للمحقق بقلمه، وبيانًا لنهجه في التحقيق.
1 / 10
الشيخ مرعي بن يوسف الكَرمي
صَاحِب مَتنِ دَليلِ الطَّالب
(١٠٣٣هـ)
هو مرعي بن يوسف بن أبي بكر بن أحمد بن أبي بكر بن يوسف بن أحمد، الكرمي ثم المقدسي. نسبته إلى "طُوركَرْم" وهي قرية من قرى نابلس، تقع غربيها إلى جهة البحر، تبعد عنها قريبًا من ١٦ كيلو مترًا. وهي الآن مدينة، ومركز قضاء. وتسمى في لسان أهل فلسطين الآن "طولْكرمْ ". ويظهر من كلام الذين ترجموا له أنه ولد في طولكرم، ثم انتقل إلى القدس، ثم إلى القاهرة واستوطنها. وبها توفي ودفن بتربة المجاورين.
أخذ في بلاده عن الشيخ محمد المرداوي، والقاضي يحيى بن موسى الحجاوي. وفي مصر عن الشيخ محمد حجازي، والشيخ أحمد الغنيمي، وغيرهم كثير.
قال فيه المحبّي: "أحد أكابر علماء الحنابلة بمصر. كان إمامًا محدثًا فقيهًا، ذا اطلاع واسع على نقول الفقه ودقائق الحديث، ومعرفةٍ تامة بالعلوم المتداولة. وتصدر للإِقراء والتدريس بالجامع الأزهر، ثم تولّى المشيخة بجامع السلطان حسن. وكان منهمكًا على العلوم انهماكًا كلِّيًّا، فقطع زمانَهُ بالِإفتاء والتدريس، والتحقيق والتصنيف. فسارت بتآليفه الركبان وتحدث بها الناس زمانًا بعد زمان. ومع كثرة أعدائه وأضداده ما أمكن أن يطعن فيها أحد، ولا أن ينظر فيها بعين الِإزراء". ويتبين من قائمة مؤلفاته أنه كان مفسرًا أيضًا وأديبًا ومؤرِّخًا. وله في التصوف ضلع.
1 / 11
من مؤلفاته "غاية المنتهى في الجمع بين الإِقناع والمنتهى" طبع حديثًا على نفقة حاكم قطر. ومنزلة هذا الكتاب عالية بين كتب المذهب أثنى عليه الشيخ عبد القادر بن بدران في المدخل وقال: "سلك فيه مؤلفه مسالك المجتهدين -أي في التصحيح والترجيح- ولكنه جاء على حين فترة من علماء هذا المذهب، فلم ينتشر انتشار غيره".
وعليه شرحه المشهور "مطالب أولي النهي في شرح غاية المنتهى" في خمسة مجلدات. وهو مطبوع متداول.
وقد أورد المحبّيّ قائمة مؤلفاته فزادت عن السبعين، ونقلها عنه صاحب "مختصر طبقات الحنابلة" ص ٩٩، وأوردها كذلك صاحب "هدية العارفين" مرتبة على الحروف. فليرجع إليها من شاء. إلا أننا نودّ الإِشارة إلى أن تنوعها يدلّ على طول باع المترجم، وحسن تصرفه في كثير من العلوم والآداب. ﵀.
1 / 12
دليل الطالب لنيل المطالب
هو متنٌ مختصر مشهور عند الحنابلة. عني به المتأخرون منهم دراسة وشرحًا وتحشية ونظمًا، كما تراه في ما يلي. "وذلك لما عرفوه من غزارة علمه وكثرة فوائده ... وما عنوا به إلا لجلالة قدره عندهم ومعرفتهم بما تضمنه من التحقيق، ولهذا قال مؤلفه: لم أذكر فيه إلا ما جزم بصحته أهل التصحيح والعرفان، وعليه الفتوى فيما بين أهل الترجيح والإتقان" (١). وهو يكاد يكون مختصرًا للكتاب المشهور (منتهى الإرادات في الجمع بين المقنع والتنقيح وزيادات) من تأليف الشيخ أحمد بن عبد العزيز بن علي الفتوحي المصري المشهور بابن النجار (- ٩٧٢ هـ)، و(المنتهى) كان عمدة المتأخرين في المذهب الحنبلي وقد حُرِّرتْ مسائله على ما هو الراجح في المذهب.
بل قد صرح الشيخ محمد بن مانع بأن (دليل الطالب) اختصره مؤلفه من شرح المنتهى، وكذلك صرح به الشيخ صالح البهوتي شارحه، حيث قال في مقدمة شرحه: "لما رأيت مختصر منتهى الِإرادات الموسوم بدليلِ الطالب إلخ" وفي افتتاحية (دليل الطالب) ما لعلّه يشير به إلى هذا إشارةً خفيةً حيث قال: "وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ... الفائز بمنتهى الإِرادات من ربّه".
_________
(١) من كلام الشيخ ابن مانع (مقدمة منار السبيل ١٩/ ١).
1 / 13
شروح دليل الطالب وحواشيه وما خُدِم به:
١ - عليه حاشية لابن عوض ينقل منها اللبدي في حاشيته على "نيل المآرب". وذكرها ابن بدران. وهو أحمد بن عوض بن محمد المرداوي المقدسي، تلميذ الشيخ عثمان النجدي. وكان موجودًا سنة ١١٠١ هـ. وقال ابن بدران: إنها في مجلّدين.
٢ - وعليه حاشية لطيفة للشيخ مصطفى الدومي الصالحي مفتي رواق الحنابلة في مصر. ذكرها ابن بدران أيضًا.
٣ - وعليه حاشية للشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع من أهل عنيزة بالقصيم. وقد طبعت الحاشية المذكورة مع متن الدليل بإشراف الشيخ قاسم بن درويش فخرو.
٤ - وعليه شرحٌ للجراعي، وهو إسماعيل بن عبد الكريم بن محيي الدين الدمشقي (١١٣٤ - ١٢٠٢هـ). ذكره ابن بدران أيضًا. وقال: ولم يتمّ الكتاب.
٥ - وعليه شرحه للسفاريني، وهو محمد بن أحمد السفاريني (١١١٤ - ١١٨٨هـ)، ذكره ابن بدران أيضًا. قلتُ: في "سلك الدرر" (٤/ ٣٢): إن هذا الشرح لم يتمّ.
٦ - وعليه شرحه للشيخ عبد الله المقدسي، ذكره ابن عوض في حاشيته، على ما في كلام الشيخ محمد بن مانع.
٧ - وعليه شرحه المسمى "مسلك الرّاغب شرح دليل الطالب" لمؤلفه الشيخ صالح البهوتي. اطلعت على نسخة بدار الكتب المصرية برقم (٦٢ - فقه حنبلي) من نصفه الأول انتهى فيه إلى باب الوكالة. والنسخة المذكورة كتبت سنة ١٢٣٤ هـ. وذكرها بروكلمان.
٨ - "منار السبيل بشرح الدليل" لمؤلفه الشيخ إبراهيم بن محمد بن سالم بن ضويّان (١٢٧٥ - ١٣٥٣هـ) وهو مطبوع بإشراف الشيخ
1 / 14
قاسم بن درويش فخرو من أهل قطر، في مجلدين. وامتاز هذا الشرح بكثرة إيراد أحاديث الأحكام عند الاستدلال على مسائلها، إلا أن تفريعاته قليلة بالنسبة إلى ما حواه "نيل المآرب". وقد خرّج أحاديثه تخريجًا فريدًا أخونا الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في "إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل" في ثمانية مجلدات فأجاد وأفاد ووفى بالمراد، جزاه الله خيرًا.
٩ - "نيل المآرب بشرح دليل الطالب". وهو هذا الكتاب الذي نعيد نشره اليوم بفضل الله تعالى.
١٠ - ونَظَمه محمد بن إبراهيم بن عريكان من أهل القصيم من بلد الخَبْرا. ذكر ذلك الشيخ ابن مانع.
١١ - ونظمه أيضًا أحد علماء حلب كما ذكر ذلك الشيخ محمد راغب الطباخ المتوفى بحلب ١٣٧٠ هـ. على ما ذكره الشيخ ابن مانع أيضًا.
1 / 15
المراجع
١ - المحبّي: خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ٣٥٨/ ٤
٢ - محمد جميل الشطي ومحمد زهير الشاويش: تقديم كتاب "غاية المنتهى في الجمع بين الإِقناع والمنتهى" للشيخ مرعي الحنبلي، دمشق، المكتب الإِسلامي، ١٣٧٨ هـ.
٣ - عمر رضا كحالة: معجم المؤلفين ٢١٨/ ١٢
٤ - إسماعيل باشا البغدادي: هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين. استانبول، مطبعة وكالة المعارف، ١٩٥٥م ١/ ٤٢٦ وفيها قائمة كتب مصنّف الدليل.
٥ - أسعد طلس: الكشاف عن مخطوطات خزائن كتب الأوقاف، بغداد، ١٣٧٢ هـ، ص ١٩
٦ - إسماعيل باشا البغدادي: "إيضاح المكنون ذيل كشف الظنون" ٧/ ١ ومواضع منه كثيرة تنظر في "معجم المؤلفين" ٢١٩/ ١٢
٧ - عبد القادر بدران: "المدخل إلى مذهب الإِمام أحمد بن حنبل" ص ٢٢٦، ٢٢٧
1 / 16
ابن أبي تغلب
(صاحب نيل المآرب)
(١٠٥٧هـ - وفي هدية العارفين: ١٠٥٢ - ١١٣٥هـ)
هو عبد القادر بن عمر بن عبد القادر بن عمر بن أبي تغلب بن سالم، أبو التُّقى، التغلبيّ، الشيباني، من فقهاء الحنابلة. قال عبد القادر ابن بدران في المدخل: "رأيت في بعض المجاميع نسبته إلى دوما". يغلب على ظنّنا أن شهرته كانت "ابن أبي تغلب" تبعًا لما ذكره البغدادي في "هدية العارفين" حيث قال: "المعروف بابن أبي تغلب" ويكون هذا أولى مما شهره به صاحب "معجم المؤلفين" وصاحب "الأعلام" من أنه "التغلبي".
ثم هذه النسبة "التغلبي" يظهر أنها نسبة إلى جدّ جده "أبي تغلب" لا إلى القبيلة العربية المشهورة، فإن نسبته إلى "شيبان"، إن كانت نسبة إلى الجدّ الجاهلي، تنفي ذلك، إذ إن "شيبان" من "بكر بن وائل" وبكر أخت "تغلب" إذ هما ابنا وائل، وهو شعب من ربيعة.
والمترجم فقيه حنبلي، صوفي، كان له معرفة بالفرائض.
مولده بدمشق، وبها كانت وفاته في ١٨ من ربيع الآخر ودفن بها بمقبرة مرج الدحداح. ترجم له صاحب سلك الدرر (٥٨/ ٣) فقال: "قرأ القرآن العظيم في صغره، ولزم الشيخ عبد الباقي الحنبلي، وولده أبا المواهب. وقرأ عليهما كتبًا كثيرة في عدة فنون. وأعاد للثاني درسه. ولازم الشيخ محمد البلباني وأجازه بمروياته". ثم عدّ من شيوخه محمد
1 / 17
بن يحيى الخباز البطنيني، وإبراهيم الكوراني المدني، وعثمان القطان، ومحمد بن محمد العيتاوي، وسعودي الغزّي، ومحمد الدلجموني المصري، ومحمد بن أحمد بن عبد الهادي، وغيرهم ممن ضمّنهم ثَبْتَهُ. وكان يرتزق من عمله في تجليد الكتب ومن ملك له في قرية "دوما". قال المحبي: "وكان ديّنًا صالحًا ناسكًا بَشُوشًا، ولا يخالط الحكام".
مؤلفاته:
لم تذكر المراجعِ التي بين أيدينا لابن أبي تغلب من المؤلفات إلا (نيل المآرب) وإلا "ثبتًا"، ذكره صاحب معجم المؤلفين.
1 / 18
نَيْل المآرب
شرح دليل الطالب
هذا الكتاب لمؤلفه "ابن أبي تغلب" هو أحد شروح دليل الطالب. وهو في غالبه مستخلص من المنتهى وشرحه للشيخ منصور بن يونس البهوتي. غير أنه ينقل قليلًا عن الفروع والإِنصاف والمغني والمحرر وكشاف القناع وغيرها من كتب الحنابلة.
وللشارح المذكور آراء خاصة أدخلها في شرحه، إلا أنها قليلة، والغالب عليه النقل.
قال الشيخ عبد القادر بن بدران في "المدخل إلى مذهب الِإمام أحمد بن حنبل" ص ٢٢٧: "وشرحه هذا متداول مطبوع، ولكنه غير محرر، وليس بواف بمقصود المتن".
وأثبت هذا الحكم على هذا الكتاب -الشيخ محمد بن عبد العزيز ابن مانع ﵀ في مقدمته لمنار السبيل، فقال أيضًا: "يعوزه التحقيق، وعلى هذا الشرح حاشية للشيخ عبد الغني اللبدي، وهي حاشية مفيدة جدًا تَحَررَ بها شرح التغلبي".
ولعل مما يشفع لمؤلِّفه أنه ألَّفه في ريعان الشباب. ففي خاتمته أنه فرغ من تأليفه سنة (١٠٩١هـ) ومعنى ذلك أن سنّه إذ ذاك كانت لا تزيد عن ٣٤ عامًا. ولعله شرع فيه ولا يزيد سنه عن الثلاثين.
1 / 19
وقد يسّر الله تعالى تحرير كثير من مسائله ضمن تحقيقنا هذا كما ستراه إن شاء الله. وإن أمكنت طباعة حاشيته للشيخ اللبدي حصل بها تمام تحرير هذا الشرح إن شاء الله.
نسخ هذا الكتاب:
أولًا: الطبعات:
١ - طبع نيل المآرب بالمطبعة البولاقية بمصر سنة ١٢٨٨هـ، في جزأين في مجلد واحد صفحاتهما ٣١٦ صفحة، على نفقة رجل من أهالي الكويت اسمه "علي بن محمد بن إبراهيم". وهذه الطبعة وإن كانت جيدة، إلا أنها لا ترقى إلى المستوى الذي عهد من المطبعة البولاقية، من التحقيق والإِتقان. وسوف ترى في تحقيقنا إشارات إلى مواضع كثيرة من الخطأ في الطبعة البولاقية تبيّنت عند المقابلة بنسخة الأوقاف الكويتية، وعند عملنا في تحقيق الكتاب.
٢ - وقد أعيد إصدار الكتاب في الكويت سنة ١٣٩٧ هـ، أعادته مطابع مؤسسة فهد المرزوق الصحفية، بالتصوير عن إحدى نسخ الطبعة البولاقية. إلا أن في هوامشها زيادة تعليقات يسيرة في الصفحات العشرين الأولى منها. وهي تعليقات ليست ذات بال، إذ هي غالبًا من بابِ توضيح الواضحات. وقد نقلنا منها في تحقيقنا شيئًا يسيرًا.
٣ - وأعيد طبع الكتاب في مصر أيضًا في مجلد واحد من جزأين في ٣٨٥ صفحة بالمطبعة الخيرية بالقاهرة سنة ١٣٢٤ هـ، وبهامشها "الروض المربع شرح زاد المستقنع" للشيخ منصور بن يونس البهوتي. ومع كل جزء فهرس. ذكر ذلك في فهرس الأزهرية. (جزء ٢ - الفقه، ص ٦٥١).
٤ - ثم أعادت طبعه بمصر أيضًا مطبعة محمد علي صبيح سنة ١٣٧٤ هـ، في مجلد واحد من جزأين كذلك في ٣٩٦ صفحة. بتصحيح وإشراف الشيخ رشدي محمد سليمان. ويظهر أن طابعها اعتمد
1 / 20
النسخة البولاقية، إذ إنها حوت أخطاءها كلها وزادت عليها، كما يتبين من التحقيق الذي قمنا به.
ثانيًا: مخطوطات الكتاب:
١ - نسخة مخطوطة بمكتبة الأوقاف الكويتية (برقم ١٨٢خ)، في مجلّد واحد من ٣٩٧ ورقة ومسطرتها ١٩ سطرًا. وهي نسخة كثيرة الخطأ والتحريف. وهي بقلم كاظم بن الحاج عبد الله طعمة (؟) "الشافعي مذهبًا، والبغدادي منبتًا ومسكنًا" فرغ منها سنة ١٢٣٥ هـ. وقد اعتمدنا عليها في التحقيق كثيرًا.
٢ - نسخة أخرى بمكتبة الأزهر في مجلّد بقلم معتاد بخط مصطفى بن عبد الله السفاريني الحنبلي، كتبت سنة ١٢٠٩هـ، بهامشها حواشٍ وبها تلويث وأكل أرضة في ٢٢٧ ورقة. ومسطرتها ٢٤ سطرًا (فهرس الأزهرية جـ٢ - فقه حنبلي [٦٩]، ١٥٧٠١)
٣ - نسخة أخرى بمكتبة الأزهر في مجلد بقلم معتاد بخط حسن بن عبد العليم صالح، كتبت سنة ١٢٨٥ هـ، بها أكل أرضة. في ٢٧١ ورقة ومسطرتها ٢١ سطرًا. (فهرس الأزهرية جـ٢ - الفقه الحنبلي ص ٦٥٢ برقم [٨٦] ٢٢٦٣٦)
٤ - نسخة أخرى بمكتبة الأزهر في مجلد بقلم معتاد بخط محمود بن ياسين بن طه بن أحمد اللبدي الحنبلي، كتبت سنة ١١٩٢هـ. بهامشها حواش وبها تلويث في ٢٦٠ ورقة ومسطرتها ٢٥ سطرًا (فهرس الأزهرية جـ٢ - الفقه الحنبلي ص ٦٥٢ برقم [٦١٥] ٤٧٨٥٣)
٥ - نسخة بمكتبة الأوقاف ببغداد برقم ٧٤١٣ ذكرها السيد عبد الله الجبوري في (فهرس المخطوطات العربية في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد - مطبعة الإِرشاد، ١٣٩٣ هـ ٦٦٦/ ١) وقال: خطه حديث، فيه ١٦١ ورقة. وذكرها الدكتور أسعد طلس في الكشاف ص ٩٣
1 / 21
٦ - نسخة بدار الكتب المصرية اطلعت عليها وهي برقم (١٣٦ فقه حنبلي) مكتوبة بقلم أسعد بن إسماعيل الحمدان الزيتاوي. فرغ منها سنة ١٢٧٦هـ، وهي بخط معتاد قريب من ١٥٠ ورقة.
ما خدم به هذا الكتاب:
لم نطلع على أحد خدم هذا الشرح إلا ما صنعه الشيخ عبد الغني ابن ياسين اللبدي. وحاشيته جيدة. قال فيها الشيخ محمد بن عبد العزيز ابن مانع: "مفيدة جدًّا تحرّر بها شرح التغلبي" وهي شهادة قيمة.
وقد اطلعت على نسخة من الحاشية المذكورة. واستفدت منها في تحقيق الكتاب. أما الحواشي التي ذكرت على هوامش النسخ الأزهرية فلم نطّلع على حال أصحابها ولعل الله أن ييسر ذلك، فلعل منها ما يحسن التنويه به.
هذا وإن صاحب "منار السبيل" لا شك اطلع على (نيل المآرب) وأدخل كثيرًا من مسائله في كتابه.
تنبيه: أرجو ممن لديه اطلاع على مكان وجود النسخة الأصلية المخطوطة من حاشية الشيخ عبد الغني اللبدي أن يتفضل بإفادتي عنها لعلها أن تنشر مع هذا الكتاب في طبعته الثانية والله يتولى حسن الجزاء لكل من سعى في إحياء جهود العلماء.
المحقق
1 / 22
المَرَاجع
١ - المرادي: سلك الدرر ٣/ ٥٨
٢ - عمر رضا كحالة: معجم المؤلفين ٢٩٦/ ٥
٣ - إسماعيل باشا البغدادي: هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين، ط. استانبول ١٩٥١م. ١/ ٦٠٣
٤ - إسماعيل باشا البغدادي: إيضاح المكنون ذيل كشف الظنون. ط. ثالثة، طهران ١٣٧٨هـ، ٢/ ٦٩٨هـ
٥ - سركيس: معجم المطبوعات العربية والمعربة. القاهرة، مطبعة سركيس، ص ١١٦٢، ١٢٩٠
٦ - أسعد طلس: الكشاف عن مخطوطات خزائن كتب الأوقاف، بغداد، مطبعة العاني، ١٣٧٢ هـ، ص ٩٣
٧ - عبد الله الجبوري: فهرس المخطوطات العربية بمكتبة الأوقاف العامة ببغداد ٦٦٦/ ١.
٨ - فهرس المكتبة الأزهرية. القاهرة ٢/ ٦٥١
٩ - خير الدين الزركلي: الأعلام.
١٠ - عبد القادر بدران: المدخل ص ٢٢٧
1 / 23
محَمَّد سُليَمان الأَشقَر
محُقِّق الكِتَاب
محمد بن سليمان بن عبد الله بن محمد (وهو الأشقر) بن سليمان دغلس. من أهل (بُرْقة) (١) بفلسطين ردّها الله إلى أحضان المسلمين. وبرقة قرية من قرى نابلس تبعد عنها إلى الشمال مسافة ١٦ كيلومترًا تقريبًا. تقع في منطقة جبليّة على سفح جبلين أحدهما شرقيها وآخر شماليها، وتحيط بها بساتين الزيتون والتين وبها من سائر الأشجار المثمرة. وتمتاز ببرودة الهواء وطيبه. وبها عيون كثيرة طيبة عذبة الماء. قال فيها مصطفى الدباغ: "ومن يشرف عليها ير منظرًا من أجمل المناظر في الوطن الحبيب ... ". وأهلها في أغلبهم من (الحفاة) وهم فرع من (الروقة) من قبيلة (عتيبة) على ما ذكرته دائرة معارف البستاني في مادة (أحفاة). وذكره (إحسان النمر) في كتابه "تاريخ جبل نابلس"، وذكره أيضًا مصطفى الدباغ في كتابه المذكور آنفًا. ومن الحفاة آل دغلس الذين أنتمي إليهم.
وقد مرّ ببرقة الشيخ عبد الغني النابلسي سنة (١١٠١هـ) وقال فيها:
ضفنا ببرقةَ من أعمالِ نابُلُسٍ ..... أهلَ المكارمِ والأخلاقِ والشِّيَمِ
_________
(١) هي بضم الباء، وقد تحدث عنها السيد مصطفى مراد الدباغ في كتابه القيم "بلادنا فلسطين" في القسم الأول من الجزء الخاص بالديار النابلسية ص ٤١٣ - ٤٢١
1 / 24