ولكني استحيت من الله تعالى أن أعيد قاصدي إلا كما أعادني أمير المؤمنين.
قال الأصمعي: فمضينا، ودعونا الرجل، فجاء ودخل على أمير المؤمنين، وسلم بالخلافة، فقال له هارون الرشيد: ألست أنت الذي وقفت لنا بالأمس، وشكوت لنا رقة حالك، وقلت: إنك في ضيق شديد من الاحتياج؛ فرحمناك، ووهبنا لك هذه الصرة؛ لتصلح بها حالك، وقد قصدك الأصمعي ببيت من الشعر؛ فدفعتها له؟
فقال: نعم، يا أمير المؤمنين، والله ما كذبت فيما شكوته لأمير المؤمنين من رقة حالي وشدة احتياجي! ولكني استحيت من الله تعالى أن أعيد قاصدي إلا كما أعادني أمير المؤمنين.
فقال هارون الرشيد: لله در بطن أتاك! فما ولدت العرب أكرم منك. ثم بالغ بإكرامه وخلع عليه
15
وجعله من خاصته. «من تشبه بالكرام رغم فقره أغناه الله.» (7) المهدي وإبراهيم بن طهمان
كان لإبراهيم بن طهمان جراية من بيت المال فاخرة، وكان يسخر بذلك، فسئل يوما في مجلس الخليفة، فقال: لا أدري. فقالوا: تأخذ في كل يوم كذا وكذا، ولا تحسن مسألة! فقال: إنما أخذت على ما أحسن، ولو آخذ على ما لا أحسن لفني بيت المال، ولا يفنى ما لا أدري. فأعجب أمير المؤمنين جوابه، وأمر له بجائزة وزاد في جرايته. (8) المهدي وأبو العتاهية الشاعر
قال أشجع السلمي الشاعر المشهور: أذن الخليفة المهدي للناس في الدخول عليه، فدخلنا مع أبي العتاهية، فأمرنا بالجلوس، فاتفق أن جلس بجنبي بشار فقال لي: من هذا؟ فقلت: أبو العتاهية. فقال: أتراه ينشد في هذا المحفل؟ فقلت: أحسبه سيفعل. قال: فأمره المهدي؛ فأنشد:
أتته الخلافة منقادة
إليه تجرر أذيالها
অজানা পৃষ্ঠা