ويا حزبه شق القلوب لفقده
قليل وإنا لا نريد قليلا
ويا حزب إن لم تحمل اليوم حمله
وهيهات أصبحت الغداة هزيلا
غبريال إبراهيم
الراهب بدير الأنبا بيشوي
وما أقام حافظ في ذلك الدير قليلا حتى عمل على اكتساب ثقة نيافة أسقفه الفاضل الورع، فغدا بدهائه موضع ثقته ممتازا على غيره من الرهبان في معاملته كما امتاز عليهم بعلومه ودهائه.
ومما أتاه من الأعمال المبرورة في ذلك الدير ليذاع فضله بين الرهبان ويعتقدوا والأسقف بصلاحه وتقاه أنه أظهر لنيافة الأسقف افتقار الرهبان إلى العلم الصحيح؛ لأن غالبهم إن لم تقل كلهم لم يأخذوا من العلوم إلا قشورا لا تغني ولا تفيد، واقترح عليه إنشاء مدرسة خاصة لهم يعلمون فيها اللغة العربية واللغة القبطية وبعض اللغات الأوروبية ليكونوا على بينة من أمور دينهم ودنياهم.
ونظرا لما فطر عليه نيافة أسقف دير أنبا بيشوي من حسن النوايا وحب الخير للرهبان أجمعين، أحل اقتراح الراغب غبريال إبراهيم أو حافظ نجيب محلا كبيرا وأثنى على فكره الصائب وعمله على ما فيه خير إخوانه من العابدين والزاهدين، ثم طلب إلى حافظ أن يشرع في تأسيس هذه المدرسة فعلا وإحضار المعلمين اللازمين مع ما تحتاج إليه من الكتب والأدوات، فشمر عن ساعد الجد إنفاذا لرغبة نيافة المطران، وذرا للرماد في العيون، حتى لا يسيء أحد فيه الظن ولا ينصرف فكر إخوانه إلا إلى أنه من خيرة التقاة الصالحين.
وقد تبرع حافظ بإلقاء الدروس اللازمة في هذه المدرسة بلا مقابل إفادة لإخوانه، وأخذ يلقي عليهم مبادئ اللغة الفرنسوية وفلسفة الدين المسيحي، ولو قيل هذا عن رجل غير حافظ نجيب لما صدقه إنسان لاستبعد صحته كل واحد من القارئين، ولكن حافظا أبو المعجزات ورب كل غريبة وعجيبة، ولهذا أظهر اقتدارا مدهشا في تعليم الرهبان قواعد الدين المسيحي السامية ولا بدع، فهو متمكن من هذا الدين؛ لأنه ربيب طغمة الفرير الذين يدرسون التعليم المسيحي جميع التلاميذ على السواء.
অজানা পৃষ্ঠা