وما شجر بين الصحابة فاجتهادي والأحق علي، وكل في الجنة ﵃.
الفصل الثالث
الشفقة على أمته
وأما الشفقة على أمته فهي بثلاثة أمور: القيام لهم بفروض الكفاية كالعلم، والجهاد، وصلاة الجنازة.
ومنها القيام بالحرف المهمة التي بها نظام العالم.
وبالسنن المؤكدة على الكفاية، كالآذان، والإمامة، ونحو ذلك.
فإنه إن فعل ذلك بنية إعانة إخوانه المسلمين، أثيب عليه ثواب من رفع المشقة عن حاضري الموضع الذي تعين ذلك فيه، والنية إكسير الأعمال، تقلب أعيانها وتحقق حقائقها.
الباب الثالث
النصيحة لكتابه
الفصل الأول
تدبر آياته
وأما تدبر آيات الكتاب العزيز فله شروط ثلاثة: أحدها العلم بغريبه، وما لا بد له من أحكامه، من غير إفراط. وعدم التقيد بالمحفوظ من التفاسير، بعد إثبات أحكامها.
والنظر في كل مقام بحسبه، فللقرآن ظاهر وهو للنحاة والقراء، وباطن هو لأصحاب المعاني وحد وهو للفقهاء، ومطلع وهو للعلماء، أهل الذوق والشهود.
الفصل الثاني
العمل بمأموراته
وأما العمل بمأموراته: فهو محتو على أمر، ونهي، وخبر، فالأمر وجوبي وندبي، والني تحريمي وتنزيهي، والخبر تقريري وإعلامي.
فالتقريري: ما وقع فيه من التوحيد، وذكر ما يوجب العقل وجوده، إذ ليس للشرع في ذلك إلا تقريره.
والإعلامي قسمان: إعلام يوجب اتعاظا، كأخبار الأمم السالفة، وما وقع لهم ولهذه الأمة.
وما يوجب اعتقادا، كالعلم بالله الذي لا سبيل إلى القياس فيه، إلى غير ذلك.
والأمر يطلب اتباعه، والنهي يطلب اجتنابه، والخبر يجب تصديقه واعتقاده.
الفصل الثالث
تحسين تلاوته
وأما تحسين تلاوته فبأربعة أشياء: الاكتفاء بالقدر المطلوب المستحسن شرعا، وهو كون ختمه في أسبوع فما بعده، إلى شهرين.
وتحزيبه كتحزيب السلف، فيقرأ في اليوم الأول ثلاث سور، وفي الثاني خمسا، وفي الثالث سبعا، وفي الرابع تسعا، وفي الخامس إحدى عشر، وفي السادس ثلاثة عشر، وفي السابع المفصل، ولا بأس أن يختم في اليوم قادر، أو يجعل في ثلاثة إن قوي، وفي الصلاة ليلا أحسن.
الثالث: أن يجود أداءه، بحفظ مخارج مخارج الحروف، من غير تكلف ولا تفريط.
الرابع: أن تكون أذنه عند لفظه، وقلبه عند أذنه، ليثبت في قلبه ما يقع من مواعظه، وحكمه، ويتحقق فيه حقائقه، ولا يتم له هذا الأمر إلا بتمكين العلم بعظمته وجلال من أنزله في قلبه، حتى كأنه يسمعه منهن فيعرض نفسه على كل آية منه، فإن كان عاملا بها شكر، وإلا استغفر واعتذر، وقد جاء: (رُب قاريء والقرآن يلعنه)، ومن أراد هذا الباب فلينظره في قوت القلوب، والإحياء مستوفى.
ويعين على حفظ القرآن، حفظ البصر، وقال علي كرم الله وجهه: من قرأ كل ليلة عند النوم (وَإِلَهُكُم إِلَهٌ واحِد) إلى قوله (يَعقِلون) لم يتفلت القرآن من صدره، وقال ﵊: (مثل صاحب القرآن مثل صاحب الإبل المعلقة إن تعاهدها صاحبها وجدها وإن لم يتعاهدها نقصت واحدة بعد واحدة، حتى لا يبقى منها واحدة) وقال ﵊: (تركت فيكم الثقلين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي) .
وأنشد لبعض الشعراء:
خَليلي لا تَكسِل وَلا تُهمِل الدَّرسا ... وَلا تُعطِ يَومًا في بَطالَتِها النَّفسا
وَلا تَترُك التِّكرارَ فيما حَفِظتَهُ ... فَمَن تَركَ التِكرارَ لا بُدَّ أَن يُنسى
الباب الرابع
النصحية لعامة المسلمين
الفصل الأول
الذب عن أعراضهم
وأما الذب عن أعراض المسلمين فأقله السكوت عنهم، وعدم الذم لهم.
وأكثره النكير على من يشتغل بذلك، والدعاء لهم وإن ظلموك، فلأن يهدي الله بك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس.
الفصل الثاني
إقامة حرمتهم
وأما إقامة حرمتهم، فبعدم التعرض لحرمتهم في مالهم، أو عرضهم، أو نفوسهم فالمسلم أخو المسلم لا يسلبه ولا يظلمه.
الفصل الثالث
النصرة لهم
وقال ﵊: (انصر أخاك ظالما أو مظلوما قالوا: يا رسول الله ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما قال: تأخذ على يديه عند الظلم) وهذه هي النصرة لهم في خاصتهم.
والجهاد والرباط، والأمر بالمعروف، هي النصرة العامة.
1 / 18