وكان شديد الشكيمة بطاشا ، أقام في زبيد ، واستولى على صنعاء ففتك ببعض أعيانها ، وامتد سلطانه في جميع اليمن.
ومن مآثره عمارة الجامع الأعظم في زبيد ، وعمارة مدرستين ، وإجراء العين في تعز ، وبناء مدرسة عظيمة في عدن وكثير من المساجد والمدارس والصهاريج والآبار في أماكن مختلفة.
وعلى الرغم من قسوة الملك الظافر صلاح الدين عامر الثاني وبطشه وشدة فتكه بالناس ، فإنه لم يستطع الوقوف ضد تدهور الأحوال العامة في اليمن ، واستهتار بعض الناس بأمور الدين واستحلالهم المحارم ، وانحلال الأخلاق العامة وانتشار المفاسد ، وانهيار القيم والمثل الاجتماعية ، وسوء الحالة الصحية.
وقد أدرك ابن الديبع حكم عامر الثاني كله ، وتألم لما آلت إليه أحوال قومه من مفاسد سجلها في تاريخه (الفضل المزيد) في وقائع شهر صفر من سنة (908 ه 1502 م) وكتب يقول :
«ظهر في هذا الوقت في زبيد من الفسوق والفجور وشرب الخمور وشهادة الزور ، ما لم يكن يعهده مثله ، حتى لقد وجد جماعة في نهار رمضان يشربون الخمور ، وبنى بعضهم بزوجة أبيه ، وتظاهروا بصحبة الأحداث ، وحمل بعض الصبيان إلى الأماكن المظلمة للفحش ، وفشا في الناس الحبوب المعروفة بالنار الفارسي بسبب ذلك ، والله الواقي» (2).
وفي سنة (914 ه 1508 م) بدأ البرتغاليون بعبور البحر الأحمر ، ووصلت أساطيلهم البحرية إلى سواحل الهند ، وظهروا في بنادر أرض اليمن ، أي مرافئها البحرية ، متسللين إليها من المحيط الأطلسي من وراء جبال القمر حيث منابع ماء نهر النيل ، واعتدوا على أراضي الهند ، وعلى سلطان كجرات فيها السلطان (خليل شاه مظفر شاه ابن السلطان محمود شاه الكجراتي)، وواصلوا أذاهم حتى بلغوا جزيرة العرب ومرافئ اليمن وموانئها.
পৃষ্ঠা ৯