والرؤية الواضحة للأمور ، وهذا ما توافر في السلطان سليمان ، إذ تولى الحكم وهو في السادسة والعشرين من عمره ، والدولة في أوج شبابها المتفتح ، فكان لقاء الشباب بين الإنسان والدولة.
شب السلطان سليمان ، وإسبانية تحتل المرتبة الأولى في العداء ضد المسلمين ، والمسلمون يلقون أشد أنواع التعذيب والإيذاء من محاكم التفتيش في الأندلس بجرائم ومجازر يندى لها وجه التاريخ ، ولم يكتف نصارى الأندلس بذلك بل انتقلوا إلى الهجوم على بلدان المغرب العربي الإسلامي ، فلما اعتلى السلطان سليمان سدة الحكم ، حاصر طائفة الإسبتارية أعدى أعداء الإسلام حينئذ ، وأشدهم تعرضا لسفن المسلمين في البحر ، فاضطرهم بعد معارك عنيفة ضارية إلى إخلاء جزيرة رودس والانسحاب منها إلى مالطة.
ثم وجه ضربة مؤلمة إلى ملك إسبانية شارلكان حين استجاب لطلب خصمه ملك فرنسة وحالفه ودعمه ضده.
وكذلك قاد بنفسه جيوشه في معركة وادي موهاكس (مهاج) في 20 ذي القعدة سنة (932 ه 1526 م)، وسحق جيش المجر ، وقتل ملكهم لويس ، ودخل (بودا) وحول كنيستها إلى مسجد ، ثم انتقل إلى (فيينا) واستولى عليها ، وأثبت أن كفاءته العسكرية لا تقل بحال من الأحوال عن كفاءته السياسية.
ثم وجه الأسطول الإسلامي بقيادة خير الدين بربروس ، فعمل على طرد الإسبانيين من الجزائر وتونس وحررهما ، ثم استولى على نيس سنة (950 ه 1543 م)، وانتقل منها إلى طولون ، وأقام فيها حوالي ستة أشهر.
وبذلك أنقذ ديار الإسلام من غزو الفرنج ، وأظهر للإسلام والمسلمين من العزة والقوة ما كان عليه حالهم أيام الفتح الأولى ، فاتصل عهده بعهد السلف الصالح من الخلفاء الراشدين ومن سار على هديهم من الأمويين والعباسيين.
وتمسك بنهج كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فحارب المنحرفين عن ذلك في بلاد فارس وكانوا بقيادة طهماسب فأخضعهم وأعادهم للجادة.
পৃষ্ঠা ২১