والنبي ﷺ يعمل بنفسه في بناء المسجد: لئن قعدنا والنبي يعمل لذلك منا العمل المضلل) فمعنى قعدنا تركنا الاشتغال ببناء المسجد. وقيل: المكلف به في النهي فعل الضد للمنهي عنه.
قولنا وذلك فعل يحصل بفعل الضد، قاله المحلي واعترضه في الآيات البينات بأمرين، الأول: أنه وإن كان فعلًا إلا أنه من الأفعال الاعتبارية التي لا تحقق لها في الخارج فيكون عدميًا فكيف كلف به مع أنه غير مقدور لأن العدمي غير مقدور باعتبار حصوله بفعل الضد المقدور قلنا لا حاجة إلى العدول في المكلف به في النهي عن ما يتبادر من كونه النفي إلى كونه الانتهاء بل قد يمكنه التزام كونه النفي لأنه مقدور باعتبار ما يتحقق به من الضد. والثاني أنه قد يخفي المراد بحصوله بفعل الضد فإن المنهي عن شرب الخمر مثلًا إذا ترك الشرب وسائر الأفعال كالأكل وشرب الماء وغير ذلك أي ضد شرب الخمر بفعله حتى حصل به الانتهاء عن شربه فإنه لم يحصل به إلا انتفاء الشرب ولم يحصل هنا أمر وجودي مضاد للشرب حتى يتحقق وجود ضد يحصل بفعله اللهم إلا أن يراد بالضد ما يشمل النقيض الذي هو النفي.
(والكف فعل في صحيح المذهب)
قال أبو عبد الله المقري: قاعدة اختلف المالكية في الترك هل هو فعل أو ليس بفعل والصحيح أن الكف فعل وبه كلفنا في النهي عند المحققين، وغيره ضد فيقال هل الكف كالإتيان أو لا؟ وهل الكف كالفعل أو لا؟ وقال قوم منهم أبو هاشم المعتزلي: إن المكلف به في النهي الانتفاء بالفاء للمنهي عنه وذلك للمكلف بأن لا يشاء فعله الذي يوجد بمشيئته فإذا قيل لا تتحرك فالمطوب منه على أنه الانتهاء هو الكف عن التحرك الحاصل بفعل ضده الذي هو السكون وعلى الثاني فعل ضده وعلى الثالث انتفاؤه بأن يستمر عدمه الناشيء من السكون قال اللقاني: لا ينحصر تحقق الانتفاء في استمرار العدم إذ يمكن تحققه بتجدد العدم كما إذا نهى عن التحرك من هو متلبس به. فبالسكون يخرج من عهدة النهي على جميع الأقوال.
له فروع ذكرت في النهج ... وسردها من بعد ذا البيت يجي
1 / 70