وقيل: الحكم إدراك أن النسبة واقعة أو ليست بواقعة فليس الحكم فعلًا للنفس بل هو انفعال للنفس وإذعان وقبول للنسبة لأن العلوم والاعتقادات أنوار تشرق في النفس. وتفسير الحكم بما ذكر هو ما عليه متقدموا المناطقة قال بعضهم: وهو التحقيق. والإيقاع والانتزاع والإيجاب والسلب والإسناد عبارات وألفاظ.
قوله (وذا مشتهر)، يعني: أن تفسير التصديق بما ذكر هو المشهور وقيل: التصديق هو الحكم وحده فتلخص أن في التصديق قولين أحدهما أنه إدراك النسبة بطرفيها مع الحكم وثانيهما أنه الحكم، وأن في الحكم قولين أحدهما أنه الإيقاع والانتزاع، وثانيهما: أنه إدراك أن النسبة واقعة أو ليست بواقعة، وعلى الثاني من كل منهما المحققون كالقطب الرازي والعضد والسعد التفتازاني والسيد، ووجه تسمية التصديق تصديقًا أن الحكم إذا عبر عنه مثلًا بقولنا: زيد كاتب أو ليس بكاتب لزمه احتمال أن يكون صادقًا أي مطابقًا للواقع وأن يكون كاذبًا فهو باعتبار أنه قد يصدق صادق في الجملة وبالنظر إلى ذلك سمي تصديقًا لا تكذيبًا اعتبارًا بأشرف قسمي لازم الحكم.
(جازمه دون تغير علم * علما ..)
يعني أن جازم القضاء الذي هو الحكم إذا كان لا يقبل التغير بأن كان لموجب بكسر الجيم من حس أو عقل أو عادة يسمى علمًا وبعضهم يعبر بدل لا يقبل التغير بالثابت .. وأورد أنه إن أريد بالثبوت عسر الزوال على ما قيل ففيه أنه قد يعسر زوال التقليد أيضًا وإن أريد عدم الزوال أصلًا على ما هو المشهور ففيه أن العقلاء كثيرًا ما يعتقدون خلاف معتقدهم الأول، مع أن الحق هو الاعتقاد السابق وأجيب بأن المراد بالثبوت كونه مأخوذًا من ضرورة أو برهان. ومعنى الموجب هو الأمر المقتضي له بمعنى أن الله تعالى يخلق للعبد عنده العلم لا بمعنى التأثير أو التوليد.
قولنا: من حس أو عقل أو عادة قال: الشيخ زكرياء أو مانعة خلو إذ قد يكون الموجب مركبا من حس وعقل كالتواتر ومن حس وعادة كالحكم بأن الجبل حجر لمن شاهده. والحس يشمل الظاهر
1 / 61