নাশাত হকুক ইনসান
نشأة حقوق الإنسان: لمحة تاريخية
জনগুলি
1
وبعد مرور ثلاثة عشر عاما، كان جيفرسون في باريس عندما بدأ الفرنسيون يفكرون في تحرير بيان لحقوقهم. وفي يناير من عام 1789 - قبل اقتحام سجن الباستيل بعدة أشهر - أعد صديق جيفرسون، الماركيز دي لافاييت - المحارب في حرب الاستقلال الأمريكية - الإعلان الفرنسي، بمساعدة جيفرسون على الأرجح. ومع سقوط سجن الباستيل في الرابع عشر من يوليو واندلاع الثورة الفرنسية بقوة، اكتسبت المطالبة بإعلان رسمي قوة دفع كبيرة. وعلى الرغم من جهود لافاييت المضنية في صياغة الوثيقة، فإن أحدا لم يستطع إخراجها بالشكل الذي قدمها به جيفرسون للكونجرس الأمريكي. ففي العشرين من أغسطس، فتحت الجمعية الوطنية التأسيسية الجديدة باب المناقشة حول أربع وعشرين مادة صاغتها لجنة لم يكن من السهل قيادتها بسبب عدد نوابها المفرط الذي وصل إلى أربعين نائبا. وبعد مرور ستة أيام من النقاش المحتدم والتعديلات التي لا حصر لها، لم يصادق النواب الفرنسيون إلا على سبع عشرة مادة فحسب ، ولما أنهك الجدال المرير المستمر النواب، وكانت هناك حاجة إلى الانتقال إلى بعض القضايا الأخرى الملحة، صوت النواب في السابع والعشرين من أغسطس 1789 بتعليق النقاش في أمر المسودة، والإقرار المؤقت بالمواد التي أجيزت بالفعل باعتبارها «إعلان حقوق الإنسان والمواطن».
كان البيان الذي صيغ على نحو متسرع جدا مذهلا من حيث بساطته وسعة إحاطته؛ فقد نادى الإعلان، الذي لم يأت قط على ذكر الملك، أو النبلاء، أو الكنيسة، بأن تكون «حقوق الإنسان الطبيعية الثابتة والمقدسة» هي أساس أي سلطة، وقد عزا السيادة إلى الأمة، وليس إلى الملك، وأعلن أن الجميع متساوون أمام القانون، ومن ثم لكل واحد الحق في الحصول على الوظائف والرتب بحسب قدراته وجدارته، وضمنيا لا يفضل رجل على رجل بناء على أصوله. بيد أن الجانب الأكثر إثارة للدهشة من أي ضمان بعينه تمثل في تعميم الحقوق الموضوعة؛ فإسناد البيان إلى «الناس»، و«الإنسان»، و«كل إنسان»، و«جميع الناس»، و«جميع المواطنين»، و«كل مواطن»، و«المجتمع»، و«كل مجتمع» جعل الإسناد إلى الشعب الفرنسي بمفرده يبدو ضئيلا تافها بالمقارنة.
وعلى هذا، أثار نشر الإعلان على الفور الرأي العام العالمي حول موضوع الحقوق، سواء الحقوق المستحقة للإنسان أو الواجبة عليه. وفي الرابع من نوفمبر من عام 1789، في إحدى العظات التي ألقاها في لندن الواعظ والفيلسوف ريتشارد برايس، صديق بنجامين فرانكلين، الناقد المستمر للحكومة الإنجليزية، أطرى برايس بحماس شديد على الحقوق الجديدة للإنسان فقال: «قد عشت حتى رأيت حقوق الإنسان مفهومة للناس أكثر من أي وقت مضى، والأمم تلهث وراء الحرية، التي بدا وكأنها نسيت دلالتها ومعناها.» ولما ثارت ثائرة إدموند بيرك، كاتب المقال المعروف وعضو البرلمان، من حماسة برايس الساذجة من أجل «أفكار الفرنسيين التجريدية الميتافيزيقية»، سطر في عجالة ردا متقدا بالغضب، ونال كتيبه «تأملات في الثورة في فرنسا» (1790) التقدير الفوري باعتباره نواة مذهب المحافظين السياسي. قال إدموند بيرك بغضب: «نحن لسنا أتباع روسو، نحن نعلم أننا لم نهتد إلى أي اكتشافات، ونرى أنه لن تكون هناك أي اكتشافات؛ في الأخلاقيات ... نحن لم نجر ونوثق كي يجري حشونا، مثل الطيور المحنطة في المتاحف، بالقش والأسمال البالية وقصاصات ورق حقوق الإنسان الغامضة.» أما الشيء الذي اتفق عليه كل من برايس وإدموند فهو الثورة الأمريكية؛ فكلاهما أيدها. لكن الثورة الفرنسية غالت في مطالبها أيما مغالاة، وسرعان ما تشكلت خطوط المعركة. فهل كان هذا بمنزلة انبلاج لفجر عصر جديد من الحرية القائمة على المنطق، أم بداية انحدار شديد نحو الفوضوية والعنف؟
2
وعلى مدار قرابة قرنين من الزمان، وعلى الرغم من البلبلة التي أثارتها الثورة الفرنسية، كان «إعلان حقوق الإنسان والمواطن» تجسيدا لوعد حقوق الإنسان العالمية. وفي عام 1948، عندما تبنت الأمم المتحدة «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان»، نصت مادته الأولى على أنه: «يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق.» وكانت بالفعل المادة الأولى من إعلان حقوق الإنسان والمواطن لعام 1789 قد نادت بأنه: «يولد الناس ويعيشون أحرارا متساوين في الحقوق.» ومع أن التعديل اللغوي كان ذا مغزى، فلا يخفى على أحد التكرار البين في الوثيقتين.
لا تخبرنا أصول الوثائق بالضرورة بشيء ذي مغزى عن النتائج التي ترتبت عليها، فهل يهم بحق أن نعرف أن مسودة جيفرسون الأولية قد مرت بستة وثمانين تعديلا قبل أن تصل إلى حالتها النهائية سواء أجراها جيفرسون بنفسه، أو أدخلتها لجنة الخمس، أو الكونجرس؟ من الواضح أن جيفرسون وآدمز كانا يظنان أن هذا مهم؛ إذ ظلا حتى عشرينيات القرن التاسع عشر - أي في العقد الأخير من عمرهما المديد الحافل بالأحداث - يتجادلان حول من أسهم بماذا في الوثيقة. ومع ذلك فلم يكن لإعلان الاستقلال الأمريكي منزلة دستورية؛ إذ كان يعلن عن نوايا فحسب، ومر خمسة عشر عاما قبل أن تصدق الولايات المتحدة أخيرا على مشروع قانون الحقوق المختلف تمام الاختلاف في عام 1791. وقد زعم الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن بأنه يحمي الحريات الفردية، لكنه لم يمنع مجيء حكومة فرنسية قمعت الحقوق (عرفت باسم حكومة الإرهاب)، وصاغت الدساتير الفرنسية المستقبلية - التي ظهر الكثير منها - إعلانات مختلفة أو استغنت عن الإعلانات كلية .
غير أن الأكثر إزعاجا هو أن أولئك الذين أعلنوا بمنتهى الثقة أن الحقوق عالمية في أواخر القرن الثامن عشر، اتضح أنهم كانوا يفكرون في شيء أقل من العالمية بكثير. ولا عجب أنهم اعتبروا الأطفال، أو مختلي العقل، أو المساجين، أو الأجانب عديمي الأهلية، غير جديرين بالمشاركة الكاملة في العملية السياسية، فنحن نفعل هذا أيضا، ولكنهم استثنوا أيضا أولئك الذين لا يحوزون الممتلكات، والرقيق، والأحرار السود، والأقليات الدينية - في بعض الأحوال - والنساء، دائما وفي كل مكان. وفي السنوات الأخيرة أثارت هذه القيود التي فرضت على «كل الناس» العديد من التعليقات، حتى إن بعض الباحثين تشككوا هل حملت الإعلانات في طياتها أي معنى ينطوي على تحرير حقيقي؟! بل اعتبر مؤسسو تلك الإعلانات وواضعوها ومعلنوها من الصفوة والعنصريين وكارهي النساء؛ نتيجة عدم قدرتهم على رؤية الجميع متساوين في الحقوق بالفعل.
لا يجدر بنا أن نغفل القيود التي فرضها رجال القرن الثامن عشر على الحقوق، لكن إذا توقفنا عند هذه النقطة لنهنئ أنفسنا على «التقدم» النسبي الذي أحرزناه، فسنضل غايتنا. فكيف لأولئك الرجال، الذين عاشوا في مجتمعات قائمة على الرق، والخنوع، وذل طبيعي فيما يبدو، أن ينظروا إلى أناس يختلفون عنهم تمام الاختلاف، وللنساء أيضا في بعض الحالات، باعتبارهم مساوين لهم؟ كيف أصبحت المساواة في الحقوق حقيقة «بديهية» في مثل هذه الأماكن التي يستبعد وقوع هذا فيها؟ من المذهل أن يأتي رجال أمثال جيفرسون مالك العبيد، ولافاييت الأرستقراطي، على ذكر الحقوق البديهية الثابتة لكل الناس كما فعلا، فإذا استطعنا أن نفهم كيفية حدوث هذا، فسنفهم على نحو أفضل ماذا تعني لنا حقوق الإنسان اليوم.
مفارقة البداهة
অজানা পৃষ্ঠা