নাশাত হকুক ইনসান
نشأة حقوق الإنسان: لمحة تاريخية
জনগুলি
بداية من منتصف القرن الثامن عشر فصاعدا، وبالتحديد بسبب بزوغ فكرة حقوق الإنسان، باتت هذه التوترات أكثر تدميرا. سلط أنصار مناهضة الرق، والتعذيب الشرعي، والعقوبات القاسية في أواخر القرن الثامن عشر، الضوء على الوحشية في رواياتهم المعذبة للمشاعر؛ لقد عمدوا إلى إثارة الاشمئزاز، بيد أن إثارة الأحاسيس عن طريق قراءة ورؤية صور صارخة للمعاناة لم يمكن توجيهها بعناية على الداوم. وعلى نحو مشابه، اتخذت الروايات التي تلفت الانتباه بشدة إلى المعاناة التي تتكبدها الفتيات العاديات أشكالا أخرى أكثر خبثا بنهاية القرن الثامن عشر؛ صورت الرواية القوطية - ومن أمثلتها رواية «الراهب» (1796) لماثيو لويس - مشاهد لزنا المحارم، والاغتصاب، والتعذيب، والقتل، وبدا على نحو متزايد أن تلك المشاهد الحسية المثيرة هي الغرض المنشود من الكتابة، وليس فحص المشاعر الداخلية أو النتائج الأخلاقية. تقدم الماركيز دي ساد بالرواية القوطية خطوة إضافية لتأخذ شكل دعارة صريحة من الألم، مختزلا عن عمد مشاهد الإغراء الطويلة المسهبة الموصوفة في روايات سابقة مثل رواية ريتشاردسون، «كلاريسا»، في جوهر جنسي. أراد دي ساد كشف المعاني المستترة للروايات السابقة: الجنس والهيمنة والألم والنفوذ، وليس الحب والتعاطف وحب الخير. من وجهة نظره، لم يعن «الحق الطبيعي» سوى الحق في الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من السلطة والتمتع بممارستها على الآخرين. وليس من قبيل المصادفة أن دي ساد كتب كل رواياته تقريبا في تسعينيات القرن الثامن عشر إبان الثورة الفرنسية.
34
وهكذا جلبت فكرة حقوق الإنسان في أعقابها سلسلة كاملة من التناقضات البغيضة. فقد أثارت الدعوة إلى حقوق عالمية متساوية طبيعية إلى نمو أيديولوجيات اختلاف جديدة ومتعصبة في بعض الأحيان، وفتحت الأنماط الجديدة لاكتساب فهم تعاطفي الطريق أمام المذهب الحسي للعنف. والجهد الرامي إلى القضاء على الوحشية من أساسها القانوني والقضائي والديني جعل الوحشية أكثر وجودا كأداة يومية للهيمنة والتجريد من الإنسانية، ولم يكن من الممكن تصور جرائم القرن العشرين غير الإنسانية إلا عندما أمكن لكل إنسان أن يزعم ويؤكد كونه فردا متساويا في الأسرة البشرية. معرفة هذه الازدواجيات أمر ضروري من أجل مستقبل حقوق الإنسان؛ فالتعاطف لم يفن كما ادعى البعض؛ وإنما أصبح قوة أكثر فعالية من أي وقت مضى، غير أن التأثير المكافئ فيما يخص العنف والألم والهيمنة أصبح أيضا أكبر من أي وقت مضى.
35
حقوق الإنسان هي حصننا الوحيد المشترك ضد هذه الشرور، وما زال علينا أن نعمل باستمرار على إدخال التحسينات على نسخة حقوق الإنسان التي ظهرت في القرن الثامن عشر، مؤكدين على أن لفظة «الإنسان» المذكورة في «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان» لا يشوبها أي غموض، كالذي شاب لفظة «الفرد» في تعبير «حقوق الفرد». ويستمر فيض الحقوق في التدفق، مع أنه دائما ما يواجه صراعا هائلا حول الطريقة التي ينبغي أن يتدفق بها: حق المرأة في الاختيار في مقابل حق الجنين في العيش، حق الموت بكرامة في مقابل الحق المطلق في الحياة، حقوق المعاقين، حقوق المثليين، حقوق الأطفال، حقوق الحيوانات، ولم ولن تنته المجادلات. أدان أنصار حقوق الإنسان في القرن الثامن عشر مناوئيهم باعتبارهم تقليديين عديمي الشعور، ولا يهمهم إلا الحفاظ على نظام اجتماعي عماده عدم المساواة والتمييز والعادات التاريخية، وليس الحقوق المتساوية العالمية الطبيعية، غير أننا لم نعد ننعم برفاهية أن نرفض ببساطة وجهة نظر أقدم. وعلى الجانب الآخر للصراع من أجل حقوق الإنسان، عندما بات الإيمان بتلك الحقوق أكثر انتشارا، أصبح علينا أن نواجه العالم الذي تشكل بفضل هذه الجهود، لا بد أن نكتشف كيف نتصرف حيال المعذبين والقتلة، وكيف نمنع ظهورهم في المستقبل، مدركين في الوقت نفسه أن هؤلاء أيضا منا نحن البشر؛ فلا يمكننا أن نترأف بهم ولا أن نجردهم من إنسانيتهم أيضا.
قد يكون إطار عمل حقوق الإنسان، بهيئاتها الدولية، ومحاكمها الدولية، واتفاقياتها الدولية، مثيرا للاستياء الشديد؛ بسبب البطء في الاستجابة، أو العجز المتكرر عن تحقيق الأهداف السامية لحقوق الإنسان، غير أنه ما من هيكل أفضل متاح لمواجهة هذه القضايا؛ فالاعتبارات السياسية الحكومية دائما ستعطل عمل المحاكم والمنظمات غير الحكومية، مهما كان نطاق اختصاصها دوليا. ويبين تاريخ حقوق الإنسان أن خير مدافع عن الحقوق في نهاية المطاف هو مشاعر وقناعات وأفعال جموع الأفراد الذين يطالبون باستجابات تتفق مع إحساسهم الداخلي بالظلم والإساءة. أدرك القس البروتستانتي رباءوت سانت إتيان تلك الحقيقة من قبل في عام 1787، عندما كتب إلى الحكومة الفرنسية شاكيا عيوب المرسوم الجديد الذي يمنح البروتستانت التسامح الديني قائلا: «لقد حان الوقت الذي لم يعد مقبولا فيه لأي قانون أن ينقض جهارا حقوق الإنسانية التي باتت معروفة حق المعرفة للعالم أجمع.» وقدمت إعلانات الحقوق - الصادرة في أعوام 1776، و1789، و1948 - معيارا لحقوق الإنسانية تلك، معتمدة على معنى ما «لم يعد مقبولا»، وفي المقابل ساعدت على جعل الانتهاكات غير مقبولة على الإطلاق. فلطالما تمتعت العملية ولا تزال تتمتع بخاصية دائرية لا يمكن إنكارها: بمعنى أننا نعرف معنى حقوق الإنسان لأننا نشعر بالانزعاج عند انتهاكها، وقد تكون حقائق حقوق الإنسان متناقضة من هذا المنظور، غير أنها تظل مع ذلك بديهية.
ملحق
ثلاثة إعلانات: 1776، 1789، و1948
إعلان الاستقلال، 1776
داخل الكونجرس، في الرابع من يوليو 1776
অজানা পৃষ্ঠা