إننا نؤرخ بداية ظهور العلم الحديث بعهد كوبرنيكوس (1472-1543م) وجاليليو (1564-1641م)؛ فحين وضع كوبرنيكوس النظام المرتكز حول الشمس، أرسى أسس علم الفلك الحديث، وقام في الوقت ذاته بالخطوة الحاسمة التي أدت إلى تغيير مجرى التفكير العلمي الحديث، وحررته من عناصر التشبيه بالإنسان، التي كانت تسود الفترات السابقة. أما جاليليو فقد أعطى العلم الحديث منهجه الكمي التجريبي؛ فقد حددت التجارب التي قام بها لإثبات قانون سقوط الأجسام أنموذج المنهج الذي يجمع بين التجربة وبين القياس
measurement
والصياغة الرياضية، وبفضل جاليليو تحول جيل من العلماء إلى استخدام التجارب في الأغراض العلمية. ومع ذلك، فإن هذا التحول العام إلى استخدام المنهج التجريبي لا يمكن أن يعد نتيجة لجهد شخص واحد، والأفضل أن نفسره على أنه نتيجة لتغير في الظروف الاجتماعية حرر أذهان العلماء من الاهتمام بالعلم اليوناني في صورة النزعة المدرسية (الاسكلائية)، وأدى بطريقة طبيعية إلى قيام علم تجريبي.
ولقد اقترن مولد العلم التجريبي بموجة من النشاط والاهتمام امتدت إلى جميع أرجاء أوروبا؛ فقد كان جاليليو أول من وجه التلسكوب، الذي اخترعه صانع عدسات هولندي، إلى السماء في إيطاليا. واخترع إيطالي آخر كان صديقا لجاليليو، هو توريتشللي
Torricelli ، البارومتر، وأثبت أن للهواء ضغطا يقل بازدياد الارتفاع. وفي ألمانيا اخترع جوريكه
Guericke
مضخة الهواء، وأوضح أمام جمهور عقدت الدهشة لسانه قوة الضغط الجوي، بأن جمع بين نصفي كرة فرغ ما بينهما من الهواء، ولم تستطع مجموعة من الخيول أن تفصل أحدهما عن الآخر. كذلك كان للإنجليز دور بارز في هذا الميدان الجديد؛ فقد أجرى وليم جلبرت
W. Gilbert ، طبيب الملكة إليزابيث، دراسات مستفيضة عن المغناطيسية ونشرها. واكتشف هارفي
Harvey
الدورة الدموية، ووضع بويل
অজানা পৃষ্ঠা