كان ﵀ في فاقة وزهد لا يبالي الدنيا، بينما الناس محظوظون بها من علمه وكتبه، وجه إليه سليمان بن علي عم أبي العباس السفاح والي فارس والأهواز رسولا لتأديب ولده، فأخرج الخليل إلى الرسول خبزا يابسا وقال: ما دمت أجده فلا حاجة بي إلى سليمان، فقال الرسول: فما أبلغه عنك؟ فقال أبياتا مطلعها:
أبلغ سليمان أني عنه في سعة ... وفي غنى غير أني لست ذا مال
توفي ﵀ بالبصرة، متأثرا بصدمة في دماغه من سارية سنة ١٧٥هـ على الأصح١.
٣- يونس: هو أبو عبد الرحمن يونس بن حبيب الضبي مولى بني ضبة، أخذ عن أبي عمرو وغيره، وواجه العرب فسمع منهم حتى غدا مرجع الأدباء والنحويين في المشكلات، وكانت له حلقة دراسة في المسجد الجامع بالبصرة يؤمها العلماء والأدباء وفصحاء الأعراب، وله مذاهب خاصة في النحو، منتشرة في كتبه، من ذلك قول سيبويه في باب ما يتقدم فيه المستثني: "وحدثنا يونس أن بعض العرب الموثوق بهم يقولون: "مالي إلا أبوك أحد" فيجعلون أحدا بدلا، كما قالوا: ما مررت بمثله أحد فجعلوه بدلا"، وقول الرضي في الكلام على "ما" الحجازية: "ونقل عن يونس أنه يجوز إعمالها مع انتقاض نفيها بإلا" وله مصنفات كثيرة في غير النحو، قضى حياته ولم يتزوج ولم يتسر، وأخباره مستفيضة في كتب التراجم، توفي بالبصرة سنة ١٨٢هـ.
_________
١ اضطربت الآراء في تاريخ وفاة الخليل بن أحمد ما بين سنة ١٣٠، ١٧٥ وقال صاحب النجوم الزاهرة والأصح أنه توفي سنة ١٦٣.
1 / 66