مجالسة الرياشي وثعلب:
قال ياقوت: "قال أبو العباس ثعلب: كنت أسير إلى الرياشي لأسمع منه، وكان نقي العلم، فقال لي يوما وقد قرئ عليه:
ما تنقم الحرب العوان مني ... بازل عامين حديث سني
لمثل هذا ولدتني أمي
كيف تقول؟ بازلُ أو بازلَ؟ فقلت: أتقول هذا في العربية إنما أقصدك لغير هذا، يروي بازلُ أو بازلَ: بالرفع على الاستئناف، والخفض على الإتباع، والنصب على الحال، فاستحيا وأمسك"١.
وقد نقل هذه المجالسة ابن هشام في المغني، الباب الأول، مبحث: أم. نعم، استشهد ثانيا بهذه الأبيات في الباب الثامن القاعدة الأولى "إعطاء الشيء حكم ما أشبه في اللفظ" على إعطاء الحرف حكم مقاربه في المخرج حتى يقعا رويين، كما في الأبيات٢، كما نقل هذه المجالسة السيوطي في الأشباه والنظائر، الفن السابع، فن المناظرات والمجالسات إلخ، وإيضاح هذا الإعراب أن الرفع على أنه خبر "أنا" محذوفة، والجملة مستأنفة، والخفض على "البدلية من ياء المتكلم بدل كل من كل"، إلا أنه يرد على هذا أن بدل الظاهر من ضمير المتكلم لا يكون إلا حيث تكون الإحاطة والشمول.
نعم، إذا جرينا على مذهب الأخفش المبيح للبدلية بدون شرط فلا بأس، والنصب على أنه حال من ياء المتكلم.
_________
١ معجم الأدباء ترجمة ثعلب، العوان: من الحروب التي قوتل فيها مرة، والبازل: اسم فاعل من بزل البعير إذا طلع نابه وذلك في تاسع سنيه لأنه إذا دخل في العاشرة سمي مخلفا وليس له بعد الإخلاف اسم، ولكن يقال بازل عام أو عامين ومخلف عام أو عامين، ويطلق البازل أيضا على الرجل الكامل في تجربته وعليه فلا تشبيه في البيت والشعر لأبي جهل قاله يوم بدر أو تمثل به وكان مغرورا مأفونا أكذبه الله إذ كان في هذه الموقعة هلاكه، والأبيات مذكورة في الكامل شرح الرغبة ج٦ ص٢٢٧ وفي نهاية الأرب جـ١٧ "غزوة بدر الكبرى".
٢ وهو من عيوب القافية، ويسمى الإكفاء: فإن تباعد حرفا الروي سمى إجازة.
1 / 51