وصلت هيفاء إلى هذه المرحلة من الحديث وشفتاها ترتجفان، وصدرها يرتفع ويهبط، ودموعها تتسابق، وأوتار عنقها تتضخم، والكلمات تخرج من فمها متقطعة متهدجة. - آه! لا أريد شيئا منك يا ربي وإلهي إلا أن أرى بطرس مرة واحدة، فأحكي له قصة عذابي ثم أموت. - لماذا لا تتبعينه يا هيفاء؟ - كلما قصدت أن أسافر كان يأتيني منه مكتوب أنه سيحضر، ومنذ سنتين نقل من البلد الذي كان فيه وذهب إلى بلد يبعد عن ذاك بالبر مسافة عشرين يوما، ثم انقعطت أخباره ... - بالله يا هيفاء، كفاك تبكين. - دعوني أبكي ... دعوني أطق، كيف أنساه ومحبته في قلبي حتى أنزل إلى القبر، يا ليتني مت قبل أن ذهب وترك في قلبي هذه الحسرة. •••
منذ سنة أتى رجل من المهجر، ولما سئل عن زوج هيفاء قال: إنه متزوج منذ سنين وله عدة أولاد.
أما هيفاء فلا تزال تخدم من يعولها بأمانة وصدق ونشاط عديمي النظير، في كل مساء تركع أمام أيقونة يسوع فتصلي عن روح ابنها الطفل النقي، ومن أجل رجوع زوجها عدة مسابح ... واحدة لقلب يسوع، وواحدة لمار فرنسيس، واثنتين لأم الإله، وفي أكثر الليالي تنتبه سيدتها ليلا على أنين وتنهد عميقين، فتنهض إليها وتهزها في فراشها قائلة: يا هيفاء، يا هيفاء، ما بك يا بنتي؟
فتفتح هيفاء الجبارة - المرأة التي تحمل البيت على ظهرها - عينيها السوداوين، وتزيل بيدها القوية شعرها الفحمي المسترسل على خديها العندميين وتقول:
لا شيء ... لا شيء ... تعبانة يا ستي.
أجراس العيد
1
سبحي أيتها النواقيس الأبدية، وليتجاوب رنينك في كل المنعطفات وفي كل الوديان.
هللي في كل مدينة وقرية ومزرعة، على كل مرتفع وعلى كل أكمة!
سبحي! فصوتك حلو لذيذ! من هذه الأرض حيث سمع صوتك لأول مرة انبعثت فكرة العبادة والألوهية، ومن معاطف هذه الوديان ارتفع قديما الفكر البشري مفتشا على «يهوه» العظيم.
অজানা পৃষ্ঠা