নকল থেকে সৃজনশীলতায়
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (١)
জনগুলি
كان ابن سينا على وعي بنوعه الأدبي وما يسميه الاقتصار أي بداية التأليف بعد الترجمة والتعليق والانتحال والشرح والتلخيص والجوامع، العرض في الوافد تأليف نسقي يعتمد على الوافد أكثر مما يعتمد على الموروث في حين أن التأليف والتراكم تأليف إبداعي يبدأ بتمثل الوافد ثم تمثل الوافد قبل تنظير الموروث ثم تمثل الوافد مع تنظير الموروث. ثم يحدث التراكم في تمثل الوافد بعد تنظير الموروث ثم تنظير الموروث وأخيرا الإبداع الخالص الذي عادة ما يكون في الرسائل الصغيرة، وبطبيعة الحال يكون الإبداع صغير الحجم عظيم القدر، في حين تكون المراحل السابقة عظيمة الحجم كما هو الحال في شروح ابن رشد وتلخيصاته وجوامعه، وعروض الفارابي الجزئية والكلية. التأليف يتجاوز العرض أولا في العنوان، إنه ليس إعلانا للعرض، وفيه المؤلف جزء من القصد. وثانيا في تزايد حضور نسبة الإبداع من خلال زيادة نسبة الموروث بجوار الوافد في حين أن حضور الوافد في العرض أكثر، وقد يتفاوت الكتاب الواحد في نسبة العرض والتأليف. إذ يضم ابن سينا المقالات التاسعة والعاشرة والحادية عشرة في واحدة تجاوزا للعرض إلى التأليف عن طريق الاقتصار. كما تتفاوت المقالات داخل الكتاب الواحد بين العرض والتأليف. فإذا كانت الأولى أقرب إلى التلخيص كما يعلن ابن سينا فإن باقي المقالات الثلاث المدمجة مع باقي المقالات أقرب إلى التأليف.
71
التأليف العارض هنا أقرب إلى عرض الحالة الراهنة للعلم.
72
التأليف العارض قد يعني هنا الأمالي والتجميع، إملاء مادة وتجميع معلومات دون جهد في إبداعها. «الشفاء» كله مكتوب بهذه الطريقة. وقد سبق الفارابي استعمال هذه الطريقة في الموسيقى الكبير، تجميع موسيقى القدماء في مذهب متسق وكأنه يعطي الحالة الراهنة للعلم. لذلك يبدو ابن سينا في «الهيئة» بل وفي مجموع «الشفاء» ناقلا للعلم جامعا له دون دراسة للموضوعات ذاتها ودون تحويل له من النظر إلى العمل، بل ودون تمثل وبالتالي دون إبداع ظاهر. وهذا هو الذي دفعه إلى اختصاره في «النجاة». فبان «الشفاء» شبيها بالشرح الأكبر عند أرسطو أو التفسير و«النجاة» شبيها بالشرح الأصغر أي الجوامع، وظل «النجاة» أيضا مثل «الشفاء» علما نظريا خالصا، اتفاقا في الكيف واختلافا في الكم، فأعاد كتابته مرة ثانية في «الإشارات والتنبيهات» مضيفا قسما رابعا في المقالات والأحوال ومعتمدا على التجارب الذوقية، من الداخل دون الاكتفاء من الخارج، التأويل مع التنزيل، منتقلا من الحكمة إلى التصوف، ومن الوافد إلى الموروث. لذلك أتت «الإشارات والتنبيهات» تعادل الشرح الأوسط عند ابن رشد أي التلاخيص ، بصرف النظر عن زمان الكتابة اكتفاء بالنوع الأدبي.
وكثيرا ما يتحدث ابن سينا بحياد عن الآخر دون أخذ موقف حضاري ظاهر منه. الشفاء تأليف في الظاهر ونقل في الحقيقة عن طريق العرض عكس الترجمة التي هي نقل في الظاهر وتأليف إبداعي في الحقيقة. ولكنها خطوة ضرورية قبل التأليف في الوافد وتفاعله مع الموروث وهو الإبداع. لا توجد «أنا» حاضر في ابن سينا بل مجرد تمثل للآخر وإغراق في الوافد من أجل تقديمه في مذهب حتى يسهل بعد ذلك تفاعله مع الموروث. بدأ ابن سينا منعزلا حضاريا، تابعا للوافد أو بلغة عصرنا في قمة التغريب مما سبب رد فعل الفقهاء عليه. «الشفاء» بطرق عصرنا يبدو مجرد «قص ولزق» مثل الطالب المبتدئ، أو الجامع لكل شيء.
73
العرض عند ابن سينا أقرب إلى العلم الخالص، دائرة منغلقة منقسمة على عكس الكندي والرازي والفارابي في العروض الجزئية والكلية في مرحلة ما قبل العرض النسقي دون معرفة كيفية نشأة العلم وليس فقط نتيجة العلم. هو فكر مذهبي جاهز، غير تساؤلي ولا علي. لا توجد له بداية ولا وسط ولا نهاية، لا سؤال ولا جواب، لا قضية ولا موضوع، لا إشكال ولا حل. يضع الحقائق ولا يبحث عنها. فكر بلا موقف ولا قضية ولا سياق. العرض هنا يعني المذهبية وعدم إظهار الوافد بالموروث كخطوة نحو الإبداع. العرض تركيب مصطنع في حين أن الإبداع تركيب طبيعي، العرض تركيب ثابت في حين أن الإبداع تركيب عضوي متحرك. للعرض حدود جعلته ينتقل إلى مرحلة أخرى هو الإبداع. في العرض لا توجد مشكلة ولا قضية، ولا يوجد استدلال ولا برهان، ولا يوجد تفلسف ولا تأمل، ولا يوجد فكر أو حكمة، مجرد عرض معلومات من الآخرين مع حسن العرض. لا يعيش العرض فكرا ولا يتأزم في موقف، ولا يقدم جديدا إلا الأسلوب والعرض والبناء وتقديم الوافد بطريق غير مباشر مع استعمال الموروث أحيانا كأداة للتوضيح ووسيلة للشرح. لذلك لا يقرأ «الهيئة» إلا مرة واحدة كفلسفة وبعد ذلك يدخل في تاريخ العلم ، وفي هذه الحالة لا يكون ابن سينا حكيما بل مفكرا موسوعيا نظم الحكمة الوافدة كلها وربطها بالموروث كأداة للشرح في بيئة ثقافية مغايرة. ويكون «إخوان الصفا» أكثر توفيقا لأن فكرهم به إشكال وقضية، ويعتمد أكثر على الموروث وأقل صورية وتجريدا، وأكثر إنسانية وشعبية.
74
ابن سينا وإخوان الصفا بالرغم من أنهما يمثلان معا العرض النسقي إلا أن ابن سينا يقدم العرض المنطقي وإخوان الصفا العرض الشعبي. كلاهما على طرفي نقيض من حيث عمليات التمثل، والموقف من الأنا، إثباتها عند الإخوان ونفيها عند ابن سينا، النقل عند الإخوان والعقل عند ابن سينا. وإذا كان الإخوان قبل ابن سينا تاريخيا فإن ابن سينا يكون رد فعل عليهم، انتقالا من النقل إلى العقل، ومن الجزء إلى الكل، ومن الرسائل المتفرقة إلى «الشفاء» الجامع. وإذا كان السؤال لدى ابن سينا في «الشفاء» وفي «النجاة» وفي «الإشارات والتنبيهات»؟ يكون الرد: ابن سينا العارض في موسوعاته الثلاث، وابن سينا المؤلف المبدع في رسائله الصغيرة وفي النفس والنبوة والمعاد، وفي موضوعات الموروث في «تسع رسائل في الحكمة والطبيعيات». موسوعات ابن سينا تأليف عارض ورسائله تأليف إبداعي.
অজানা পৃষ্ঠা