নকল থেকে সৃজনশীলতায়
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (١)
জনগুলি
ويحدث التقابل بين الأنا والآخر في ذكر أسماء بعض الكتب المنطقية مرة باليونانية ومرة بالعربية مثل قاطيغورياس باليونانية والمقولات بالعربية بداية بالتعريب من الآخر ثم الترجمة من الأنا، أنالوطيقا باليونانية التحليل بالعكس بالعربية، طوبيقا وهو المواضع. وأحيانا بداية بترجمة الأنا ونهاية بتعريب الآخر مثل العبارة بالعربية وبرمانياس باليونانية. وأحيانا تذكر الترجمات العربية وحدها دون التعريب اليوناني مثل الحكمة، الجدل، الرياضة، المنطق، الطبيعة، ما بعد الطبيعة، التبكيتات، المكابرة، البهت، الجوهر، العرض، المادة والصورة، القوة والفعل، العلل المادية والصورية والفاعلة والغائية، الحركة والسكون، السماع الطبيعي، السماء والعالم، الكون والفساد، الآثار العلوية، النفس، العقل، النبات، الحيوان، النوم واليقظة، طول العمر وقصره، الحس والمحسوس، الشباب والهرم، الصحة والمرض، وأحيانا يذكر التعريب اليوناني والنقل العربي في آن واحد مثل أنالوطيقا الثانية. وأحيانا يتحول اللفظ المعرب إلى لفظ عربي، ويستمر كذلك ويصبح من الألفاظ الدخيلة مثل السوفسطائية وأقل منها لفظ أسطقس وجمعه أسطقسات.
48
ويبدأ العرض ببيان اتفاق أفلاطون وأرسطو فيما يتعلق بكمال الإنسان. ولما كان الموضوع غير بين بنفسه أو ببرهان يقيني فقد بدأ أرسطو بما بدأ به أفلاطون وهو أن المطالب التي يتشوق إليها الإنسان أربعة؛ سلامة الأبدان، وسلامة الحواس، وسلامة القدرة على معرفة تمييز الأشياء التي بها السلامة، وسلامة القوة على السعي لتحقيق هذه السلامة. تلك هي المعرفة الضرورية وهذا هو السعي سواء كان سعي الإنسان بمفرده أو بالتعاون مع آخرين، سواء كان بفعل أو بقول. وكلاهما نافع وضروري. هنا يبدأ أرسطو من البدن وليس من العقل، من الواقع وليس من المثال.
ثم وجد أرسطو أن النفس متشوقة إلى الوقوف على أسباب الأشياء المحسوسة والأمور المشاهدة في السماء والأرض، ما يراه في نفسه وفي العالم
وفي الأرض آيات للموقنين، وفي أنفسكم أفلا تبصرون ،
سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم ، وسمع هاجسا في النفس يتجاوز هذه المطالب الأربعة، يفرح به ويلتذ كلما كان علمه به أيقن وأوثق، وكان ما وجده أكمل وأعظم. وهكذا يصبح أرسطو إشراقيا مثل الفارابي ويدرك الإنسان أن ما أدركه يعطيه فضلا وجمالا ونبلا وجلالة دون غيره من الناس. فالإشراق فردي وليس عاما. وحصل له فضل وكمال ليس عند غيره، ووقع له تجل ونبل يعجب به ويستعجب غيابه عند الناس أو يراه كرامة له خاصة إذا كان مستعصي الفهم عند الجميع الذين قد يرون أن هذا العلم غير ضروري، بل فضلا زائدا على النافع الضروري وإن كانوا يرونه جلالا ونبلا. فينقسم العلم عندهم إلى قسمين. علم نافع في سلامة الأبدان وعلم يتشوق لذاته. الأول علم عملي والثاني علم نظري، فالعمل يسبق النظر، والنظر يتجاوز العمل. ويستعمل الناس الحواس لإدراك المطالب الأربعة أو فيما لا نفع مباشرة فيه مثل النظر إلى التماثيل وشم الراوئح الطيبة وسماع الأصوات الجميلة أي الأعمال الفنية، اللذة من أجل اللذة. فالإدراك الحسي مؤشر أيضا على أن المعرفة قد تكون للمعرفة. وهناك معارف أخرى خارجة عن المعارف الحسية الأربعة يتشوق الإنسان إليها مثل الخرافات والأحاديث وأخبار الناس والأمم ينال فيها الإنسان اللذة والراحة وكذلك النظر إلى المحاكين وسماع الأقاويل والأشعار. وقد تكون نافعة في الإدراكات الأربعة عرضا لا قصدا.
49
وهناك معارف نشأت مع الإنسان وكأنها فطرت معه وحصلت له بالطبع وزائدة على ما تدركه الحواس، يلجأ إليها لاستكمال المعارف الحسية. فهي كافية للحواس وغير كافية لمعارف أخرى وتحتاج إلى تأمل وروية واستشارة الآخرين أي التجربة المشتركة. ربما تسبب الحيرة بين النفع والضرر، وربما تنكشف على أنها مجرد وهم. بعضها أوثق من بعض. فإذا صادف صاحبها اليقين وصل إلى الكمال. وهذا حال الإنسان في العلوم العملية.
المدركات إذن في العلوم العملية ثلاث؛ المدركات بالحواس، والمدركات بالمعرفة الأولى الزائدة على الحواس، والمدركات بالفحص والتأمل والروية والعلوم النظرية أيضا التي تجري على نفس المنوال. الأولى تسمى المحسوسات، والثانية تسمى المقدمات، والثالثة النتائج، ولا يمكن للإنسان استنباط الأشياء النافعة دون معرفة غاية السعي، مثل غاية سلامة الأبدان وسلامة الحواس كل منهما غاية الآخر، وكلاهما سلامة نافعة، وربما أحدهما غاية والآخر وسيلة. فلا قوام للبدن دون الحواس، ولا قوام للحواس دون البدن، وهو وقوع في الدور. وربما يكون كلاهما وسيلة لكمال الفطرة كغاية. وقد تكون الفطرة أي الطبيعة وسيلة للإرادة والاختيار. إذن تتسلسل الوسائل وتتسلسل الغايات. كل وسيلة لها غاية، وهذه تكون وسيلة لغاية أخرى حتى الوصول إلى غاية الغايات صعودا من الأدنى إلى الأعلى، من الصبا والحداثة إلى البلوغ والنضج؛ فالمعارف ترتقي بترقي الأعمار.
وتترقى المعارف الأربعة الأولى سلامة الحواس والأبدان إلى المعارف الثانية الطبيعية والإرادية وإلى معارف تتشوق إليها النفس تخوفا من الإفراط في الشهوات شوقا نحو الأكمل وهي المعارف الخلقية. وهو تشوق إلى علم إنساني، إلى ما ينبغي أن يكون. هو علم أخص بالإنسان لأن المدركات الحسية الأربعة الأولى يشارك فيها الإنسان والحيوان، وليس للحيوان تشوق إلى فكر وأسباب في السماء والأرض أو تعجب من أشياء يود التعرف على أسبابها، في حين أن الإنسان له ذلك، وقد يكون أكمل من إنسان بمعرفة جوهره متجاوزا أعراضه. صحيح تتشوق النفوس إلى أن تعلم النافع الضروري، وما زاد عن ذلك يكون فضلا في العلم. فإذا ما تشوقت النفس إلى هذا الفضل هل يكون تعديا وتجاوزا بل وآفة تلحق بالطبع ينبغي التخلص منها أو ربما إتمامها؟ هذا كله موضع حيرة وتشعب ظنون وموضع تأمل. فما الحجة عليه واختلاف الناظرين كثير ؟ وإن اختار الإنسان عشوائيا فإن ذلك يعني تقصيره عن رتبة الوجود. وإذا ترقى الإنسان في المعارف من المعارف الحسية إلى الطبيعية إلى الاختيارية فهل لها كلها أدوات وآلات مثل الحواس والإرادة؟ وإذا أفرطت الإرادة فكيف الحكم عليها، بالطبيعة السابقة عليها أم بإرادة تالية لها؟ وهذا ما يدعو الإنسان إلى الفحص والتأمل في جوهره وكماله الأخير. كيف يصير إنسانا وماهيته إنسانية ووجوده حتى يكون سعيه نحوه من تلقاء نفسه؟
অজানা পৃষ্ঠা