নকল থেকে সৃজনশীলতায়
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (١)
জনগুলি
وقدم الجوهر عند أفلاطون غير قدمه عند أرسطو؛ ففي «طيماوس» و«بوليطيا الصغير» أشرف الجواهر عند أفلاطون وأقدمها القريبة من العقل والنفس البعيدة عن الحس والمشاهدة، في حين أنها عند أرسطو في «المقولات والقياسات الشرطية» أي القياس الأشخاص والأعيان. وهو خلاف في الظاهر لأن الحكماء يفرقون بين الأقاويل والقضايا في الصناعات المختلفة. ويتكلمون على الشيء الواحد بطرق مختلفة حسب مقتضى الصناعة. جعل الحكيم أرسطو الجوهر الشخص في صناعة المنطق وفي علم الطبيعة فتصوره جوهرا محسوسا. أما الحكيم أفلاطون فقد تكلم عن الجوهر في علم ما بعد الطبيعة وفي الأقاويل الإلهية. فتصور الجوهر بسيطا باقيا لا يتحول ولا يندثر. الفرق بين الحكيمين هو فرق بين العلمين. (4)
وإذا كان أفلاطون قد آثر في توفية الحدود طريق القسمة في حين أن أرسطو آثر طريقة البرهان والتركيب؛ فالحقيقة أن الخلاف في المنهج وليس في الموضوع، في الطريقة وليس في الشيء. أفلاطون يؤثر القسمة التي هي أقرب إلى الاستنباط، والانتقال من الكلي إلى الجزئي في حين أن أرسطو يؤثر التركيب أي البرهان وهو أقرب إلى الاستقراء والانتقال من الجزئي إلى الكلي. يتبع أفلاطون الجدل النازل في حين يتبع أرسطو الجدل الصاعد. الخلاف في اتجاه الحركة نحو الموضوع والاقتراب منه من أعلى كما يفعل أفلاطون أو من أسفل كما يفعل أرسطو، من علم ما بعد الطبيعة والعلم الإلهي كما يفضل أفلاطون، أو من علم الطبيعة وعلم المنطق كما يفضل أرسطو . يستعمل أرسطو بعض القسمة كما هو الحال في القياس، ويستعمل أفلاطون بعض التركيب عندما يقسم العام إلى فصلين ذاتيين ثم كل فصل ذاتي إلى فصلين ذاتيين. القسمة تركيب مقلوب إلى أسفل كما أن التركيب قسمة مقلوبة إلى أعلى. الهدف واحد هو الوصول إلى الشيء سواء من جنسه ونوعه كما يفعل أفلاطون أو من فصله وخاصته وأعراضه كما يفعل أرسطو.
19 (5)
قيل إن أفلاطون في القياس المختلط من الضروري والوجودي جعل المقدمة الكبرى ضرورية والنتيجة وجودية لا ضرورية في قياس أتى به في «طيماوس»؛ فالوجود أفضل من الوجود، والطبيعة تشتاق إلى الأفضل دائما فينتج عن ذلك أن الطبيعة تشتاق إلى الوجود وهي مقدمة ليست ضرورية؛ فلا ضرورة في الطبيعة. في وجود الطبيعة على الأكثر في حين أن أرسطو يصرح في كتاب «القياس» أن القياس الذي تكون مقدماته مختلطة من الضروري والوجودي وتكون الكبرى ضرورية تكون النتيجة أيضا ضرورية. وهو خلاف ظاهر بين الحكيمين. والحقيقة أن هذا الخلاف يرجع إلى الشراح «الإسكلائيين» مثل أمونيوس حتى ثامسطيوس اللذين نسبا هذا القول إلى أفلاطون، لقلة تمييزهم وخلط صناعة المنطق بالعلم الطبيعي؛ فقد رأوا لزوم الحد الأول للأوسط ضروريا ولزوم الأوسط للآخر وجوديا. خلطوا بين المنطق والطبيعة، ولم يعرفوا أن القياس مؤتلف من موجبتين في الشكل الثاني. وقد لخص الإسكندر ذلك في «معنى القول على الكل» عند أرسطو ولخصه الفارابي في «أنولوطيقا»، وفرق بين الضروري القياسي والضروري البرهاني؛ ومن ثم فلا خلاف بين أفلاطون وأرسطو. كما ادعى الشراح أن أفلاطون يستعمل ضربا من القياس في الشكلين الأول والثالث الذي فيه المقدمة الصغرى سالبة في حين أن أرسطو بين في «أنالوطيقا» أنه غير منتج. وقد بين الفارابي من قبل أن الذي أتى به أفلاطون في كتاب «السياسة» وأرسطو في كتاب «السماء والعالم» ليست سوالب بل موجبات معدولة ولا تمنع القياس أن يكون منتجا. ذكر أرسطو في الفصل الخامس من كتاب «باري هرمنياس» أن الموجبة التي المحمول فيها ضد من الأضداد تكون سالبته أشد مضادة. وظن الناس أن أفلاطون يخالفه في ذلك اعتمادا على أقاويله السياسية والخلقية من أن الأعدل متوسط بين الجود والعدل، والحقيقة أن الغرضين مختلفان. فغرض أرسطو بيان معاندة الأقاويل وأنها أشد وأتم معاندة، فمن الأمور ما لا يوجد فيها مضادة ألبتة في حين أنه لا يوجد أمر إلا وله سالب معاند. غرض أفلاطون بيان المعاني السياسية ومراتبها لا معاندة الأقاويل وهو ما بينه أيضا أرسطو في «نيقوماخيا الصغير». فلا خلاف بين الحكيمين.
20 (6)
ويختلف رأيا أفلاطون وأرسطو في موضوع الإبصار؛ إذ يرى أرسطو أن الإبصار يكون بانفعال من البصر، بينما يرى أفلاطون أن الإبصار يكون بخروج شيء من البصر وملاقاة المبصر. وزاد الأئمة - أي المفسرون - الخلاف، وشنع كل فريق على الآخر. شنع أنصار أرسطو على أفلاطون؛ فالخروج لا يكون إلا للجسم هواء أو ضوءا أو نارا. وكلها موجودة بين البصر والمبصر، ولا حاجة إلى خروج من الذات إلى الموضوع فيتم التشنيع بسوء استعمال لفظ خروج. وشنع أصحاب أفلاطون «على أرسطو وحرفوا لفظ الانفصال بأنه تأثر واستحالة وتغير في الكيفية، إما في البصر أو في الجسم بين البصر والمبصر؛ فالاستحالة في العضو تكون في الحدقة إلى ما لا نهاية أو في بعضها مما يجعلها مفصلة. وإن كان في الجسم الوسيط لزم أن يكون قابلا للضدين، واحتج أصحاب أرسطو بأنه لو لم يكن الانفصال في الجسم لما أمكن للبصر أن يرى الأشياء البعيدة، واحتج أصحاب أفلاطون بإدراك القريب قبل البعيد. ولو كان الأمر على ما قاله أرسطو للزم أن تكون المسافة بين البصر والمبصر مضيئة لتحمل الألوان. ويرى الفارابي أن الأمر على التوسط وليس على التطرف والعصبية. وقد اضطر الفريقان لاستعمال لفظ الخروج أو لفظ الانفصال بالرغم من ضيق اللغة فوقعوا في التشبيه، أما ذوو العقول الصحيحة فإنهم لا يقعون في هذا التشنيع والتعصب وسوء تأويل الألفاظ.
21 (7)
ويختلف الحكيمان في أمر النفس؛ إذ يرى أرسطو في «نيقوماخيا» أن الأخلاق عادات تتغير ولا شيء منها بالطبع، ويمكن التنقل منها بالاعتياد والدربة. بينما يصرح أفلاطون في كتاب «السياسة » وفي «بوليطيقا» بأن الطبع يغلب العادة، وأن الشيوخ إذا ما طبعوا على شيء يعسر زواله عنهم، وإذا ما حاولوا ازداد فيهم تماديا. ولا يوجد خلاف في الحقيقة بين الرأيين لأن أرسطو يتكلم عن الأخلاق كما شرح الفارابي من قبل هذا الكتاب. وإن كان يتكلم عن الأخلاق كما شرح فرفوريوس فإن كلامه على القوانين الخلقية. وهو كلام كلي ومطلق عن تغير الأخلاق والعادات كما هو ملاحظ في التربية. فلا شيء فيها متعلق بالطبع لا يخضع للتغير والتبدل. أما أفلاطون فإنه ينظر إلى السياسات أيها أنفع وأيها أضر، فينظر في أحوال الفاعلين. لذلك لجأ إلى الطباع التي يسهل تنقلها عند البعض ويصعب عند البعض الآخر وكما صرح أرسطو بذلك في «نيقوماخي» الصغير. فلا خلاف بين الحكيمين إلا في ظاهر القول وعندما ينظر إلى كل قول على انفراد وإخراجه من السياق وعن مرتبة علمه. والحقيقة أن الأمر على التوسط، فمهما كانت النفس متخلقة ببعض الأخلاق ثم قامت باكتساب خلق جديد كانت الأخلاق التي معها كالأشياء الطبيعية والجديدة كالأشياء الاعتيادية ثم تحولت إلى طبيعية باكتساب خلق ثالث اعتيادي وهكذا على التوالي.
22
وهو معنى قول أفلاطون إن الأخلاق منها طبيعي ومنها مكتسب، وليست طبيعة بالحقيقة لا يمكن زوالها؛ فهو قول شنيع يناقض ظاهر اللفظ. الفارابي هنا أقرب إلى أرسطو القائل بالاكتساب والاعتياد منه إلى أفلاطون القائل بالطبع.
অজানা পৃষ্ঠা