নেপোলিয়ান মিশরে

আহমাদ হাফিজ আওয়াদ d. 1369 AH
141

নেপোলিয়ান মিশরে

نابوليون بونابارت في مصر

জনগুলি

فلا غرابة بعد ذلك إذا شمخ الفرنساويون بأنوفهم واستباحوا ما استباحوا من حمى المسلمين وأعراضهم، ونفذوا ما أرادوا من ضرائبهم.

قال الجبرتي: «وفي السابع والعشرين من الشهر «جمادى الأولي» شرعوا في إحصاء الأملاك والمطالبة بالمقرر «من الضرائب» فلم يعارض في ذلك معارض ولم يتفوه أحد بكلمة، والذي لم يرض بالتوت يرضى بحطبه.»

وكان من نتائج تلك الثورة ومقتضياتها أن يغير نابوليون خطته وسلوكه نحو المصريين، ويعاملهم معاملة الشدة ويشك في إمكان إخلاصهم، ولولا أنه قد كان عالما بأن الدولة العثمانية قد اتفقت مع إنجلترا وروسيا على محاربته وإخراجه من أرض مصر، فكان ذلك قاضيا عليه بأن يتودد للمصريين بعض التودد، ويكثر من نشر المنشورات، ويلقي عليهم النصائح والإرشادات ، ويذكرهم بعدله وحلمه وعفوه، ويقارن ذلك بظلم المماليك وغطرستهم - نقول لولا ذلك لكان أشد وطأة على المصريين مما كان بعد الثورة وفي الدور الثالث ...

بقي علينا أن نسأل أين ذهب السيد بدر المقدسي السوري زعيم القوم وقائد «أولاد الحسنية والحارات البرانية» ومسبب كل هاتيك الشرور والفضائح في بيوت النصارى والمسلمين على السواء؟ أين ذهب ذلك البطل المغوار؟ كان أول من فر إلى بلاده محملا بالغنائم مما خف ثقلا وغلا ثمنا، فقد روى الجبرتي بعد ذكره القبض على أولئك المشايخ الأزهريين الذين قتلوهم أو ذبحوهم في القلعة أو على ضفة النيل «أما السيد بدر المقدسي فإنه تغيب وسافر إلى جهة الشام.» وهكذا يفعل دائما الدخلاء الذين لا ناقة لهم في البلاد ولا جمل؛ لأنهم أفاقون لا دين لهم ولا وطنية عندهم، وليس لهم في البلد ذمار، ولا عرض يصان، ولا مال يحرص عليه، ولا قبور آباء وأجداد ترعى كرامتها وتخفر ذمتها.

وهنا صفحة أخرى بيضاء للمصريين في خلال تلك الفتنة ألا وهي معاملة كثير من أهالي القاهرة لكثير من الفرنسيين والإفرنج الذين التجئوا إليهم، واستظلوا بحمايتهم من العامة والغوغاء، ولا أنقلها عن الجبرتي، ولا المعلم نقولا الذين شهدا حوادث تلك الأيام وتركنا لنا مذكراتهما عنها، فإنهما لم يكتبا عن هذه الأمور والحوادث، التي اشتهر في ذلك الوقت بالطبع أمرها, ولكني أنقل تلك الصحيفة البيضاء عن ذلك الكاتب البليغ والمصور الماهر «فيفان دينون» وهو شاهد عيان أيضا قال:

مع أن عامة الأهالي والغيورين على الدين مع بعض كبار الناس، كانوا متعصبين قساة في الثورة التي قامت في القاهرة، إلا أن الطبقة المتوسطة، وهي في جميع البلدان أكثر الناس عملا بأحكام العقل والفضيلة، كانت تعاملنا بتمام الإكرام والإنسانية على الرغم مما بيننا وبينها من الفارق الكبير في الأخلاق والدين واللغة، وهذا بينما كان التحريض على القتل يجري من شرفات المآذن بغيرة دينية، وبينما كانت الشوارع ملأى بالجرحى وبأكداس القتلى.

وجميع الذين كانوا يأوون في ديارهم أي رجال من الفرنسيين، كانوا يتوقون إلى إخفائهم وإنقاذهم، وإلى إمدادهم بكل حاجاتهم في الحال وبمجرد الطلب، وقد أفهمتنا عجوز كانت في الحي الذي أقمنا فيه، أنه لا يسعنا إلا الالتجاء إلى مقر الحريم في دارها؛ لأن جدارنا أضعف من أن يقينا إذا هوجمنا.

وحينما لم يكن من المستطاع الحصول على طعام من البلد، وحينما كان كل شيء يدل بجلاء على قرب حدوث مجامع، عمد جار لنا إلى إمدادنا بقوت مما خزنه لديه درن أن نطلب منه شيئا، بل إنه جرد دارنا من كل شيء يجعلها ظاهرة للعدو، ثم جلس أمام بابنا يدخن غليونه مخادعة للمعتمدين حتى يظنوا أن هذا الدار ما هي إلا داره.

وحدث أن شابين كان يقتفى أثرهما في الشوارع، فأمسك بهما أناس مجهولون فتوقعا أن سيسقطا فريسة لقسوة مفزعة، وبينما كانا يجاهدان بعنف في سبيل التخلص، رأى الممسكون بهما أنهم لا يستطيعون إقناعهما بحسن مقاصدهم، فأودعوا لديهما أطفالهم كبرهان على إخلاصهم.

ومن المستطاع إيراد كثير من أشباه هذه الحكاية الدالة على رقة الشعور التي أعادت الروابط بين الطبائع البشرية في ساعة غليان واضطراب. ا.ه.

অজানা পৃষ্ঠা